رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

إيطاليا تنتفض.. ووزارة ثقافتنا وإعلامنا نائمون في العسل

الدكتور خالد الأسعد
الدكتور خالد الأسعد
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
■■ أخذوه من منزله وسألوه.. «أين توجد كنوز الذهب ؟ ».. 
أجابهم.. «لايوجد ذهب في تدمر»
وفى لحظات قام التنظيم الإرهابى الداعشى الفاقد لأى صلة تمت للإنسانية بذبحه.. 
- علقوا جثته على عمود ووسط القدمين وضعوا رأسه المقطوعة.. 
وبجوار الجسد المعلق وضع الإرهابيون لوحة مكتوبًا عليها «المرتد خالد محمد الأسعد». 
ثم لوحة مجموعة من التهم وجهوها إليه.. (أبشعها !!) أنه لم يتوقف عن تمثيل سوريا فى المؤتمرات الخارجية المعنية بالآثار والتى وصفوها بـ (التكفيرية).. ووصفوه بالمرتد المناصر للنظام السورى.
- ذبحوه ولم يشفع له سنه «٨٢ عامًا»، ولم تمنعهم شيخوخته أن ينهوا حياته على هذا الشكل الإجرامى البشع.
- علقوا جثته على أحد الأعمدة الأثرية التى أشرف هو بنفسه على ترميمها فى وسط مدينة تدمر.
■■ إنه الدكتور خالد الأسعد الذى يعد من أهم الشخصيات الثقافية والعلمية على مستوى العالم.. والذى شغل منصب مدير آثار ومتاحف تدمر منذ عام ١٩٦٣ حتى عام ٢٠٠٣، وصاحب أهم الدراسات والأبحاث العلمية عن مدينة تدمر التى ولد فيها عام ١٩٣٤ بالقرب من معبد «بل» الأثرى..
- إنه العالم المثقف والأثرى الذى نشرت أبحاثه ودراساته مترجمة إلى معظم لغات العالم فى العديد من الدوريات الأثرية العالمية. 
- إنه السورى الوطنى الحر الذى نصحه أصدقاء له بمغادرة مدينة تدمر بعد أن سيطرت داعش الإرهابية عليها فقال «أنا من تدمر وسأبقى فيها حتى لو قتلونى».
■■ ذبح أعداء الإنسانية العالم الأثرى المثقف «دكتور خالد الأسعد» فانتفض العالم الخارجى وتصدر الحادث البشع أخبار الصحف والتليفزيونات لديهم. 
■■ انتنفض اليونسكو.. وأعربت المديرة العامة لليونيسكو «ارينا بوكوفا «عن» حزنها واستيائها لجريمة القتل الوحشية، وقالت فى بيان «قتلوه لأنه لم يخن التزامه الكبير حيال مدينة تدمر». وأضافت «ستبقى أعماله ولن ينال منها المتطرفون، لقد قتلوا رجلًا عظيمًا لكنهم لن يتمكنوا أبدًا من اسكات التاريخ ».
■■ ذبح أعداء الإنسانية الدكتور خالد الأسعد فانتفضت إيطاليا لمقتله انتفاضاتها المميزة.
- وجاءت البداية بعد يوم واحد فقط من استشهاد الدكتور خالد الأسعد، حيث أعلن عمدة مدينة تورينو «بييرو فاسينى» عن تنكيس الأعلام فوق جميع المتاحف والمؤسسات الثقافية فى تورينو حدادًا على الدكتور خالد الأسعد.
- وفى أعقاب هذه المبادرة من عمدة تورينو، أعلن وزير الثقافة الإيطالى «داريو فرانشيسكينى» قائلًا.. إنه وبعد مبادرة (بييرو) فى مدينة تورينو فقد تقرر أن تنكس الأعلام فوق جميع المتاحف والمراكز الثقافية التابعة للدولة الإيطالية تكريمًا للدكتور الأسعد. 
- ومن جانبه أعلن رئيس الوزراء الإيطالى «ماتيو رينزى «أن كل احتفالات (الوحدة) التى ينظمها حزبه الديمقراطى الإيطالى يسار الوسط ستكون تكريمًا لخالد الأسعد، مشيرًا إلى أن الأسعد أصبح رمزًا وقدوة لكل الأطراف والأحزاب يحثهم على عدم الاستسلام للبربرية. 
وعلى صفحات جريدة «مانيفستو» الإيطالية جاء هذا الخبر.. «إيطاليا تطلق مبادرة اسمها الفخر» تكريمًا لشهيد الثقافة الدكتور خالد الأسعد..
- وهكذا انتفضت إيطاليا وتعاملت مع حادث مقتل عالم الآثار السورى الدكتور خالد الأسعد التعامل الذى يليق به، والذى يليق بإيطاليا الدولة صاحبة الحضارة العريقة.
■■ أحب إيطاليا نعم، وأعتبرها «بلدى الثانى» فهو البلد الذى عشت فيه سنوات طوال من عمرى وعلى أرضها كان مولد ابنى وطفولته وحياته. 
لكننى أغار على مصر «وطنى الأم».. مصر صاحبة الحضارة ذات الآلاف من السنين.. مصر مهد الثقافة والعلم وشعلة التنوير التى طالما أنارت العالم بتأثيراتها ومواقفها الحضارية.
أغار عليها من هذا الموقف الصامت الغائب تجاه واقعة ذبح شخصية ثقافية بارزة وعالم آثار له بصماته المميزة الممتدة على مدى يزيد على النصف قرن.
واقعة لا إنسانية بشعة ارتج لها العالم لكن مصر ووزارة ثقافة مصر وإعلام مصر صمتوا صمتًا مخجلًا ومؤسفًا !!
- أين وزير الثقافة ودور وزارته تجاه ما حدث ؟!.. ألم يكن حريًا به أن يفعل ولو جزءًا مما فعلته إيطاليا، وماقام به رئيس وزرائها ووزير ثقافتها وعمدة تورينو والمسئولون فى كل المراكز والمحافل الثقافية الإيطالية ؟.. ألم يستطع حتى أن يصدر بيان إدانة ورفض لهذا الفعل الإجرامى ؟.. أم أن وزير الثقافة متضامن فى قرارة نفسه وفى يقينه مع هذا الفعل ؟!.. موقف مؤسف ومحزن ولا يليق بمصر وثقافة مصر هذا التخاذل !! 
- وأين إعلام مصر من هذا الحادث الذى انتفض له العالم وتصدر صفحات الصحف لديهم ؟!
أم أن إعلام مصر لم يعد يشغله سوى الممثل الكبير السن - الذى لم يكن يعرفه أحد، وقصة زواجه من ممثلة مغمورة تصغره سنًا، بحيث أصبحت البرامج التليفزيونية جميعها تتسابق على عمل اللقاءات معهما بنفس الأسئلة ونفس الأجوبة بشكل ممل وسخيف !! 
■■ وأخيرًا أختم متسائلة، وأعلم أنها ليست الأخيرة، فكم من المرات هتفت فيها بهذه التساؤلات، وأعرف أننى سأعاود تكرارها حتى يقضى الله أمرًا كان مفعولا. 
تساؤلاتى:
- إلى متى يترك الحبل هكذا على الغارب لهؤلاء المسيطرين على منظومة الثقافة وعلى منظومة الإعلام، الذين يعبثون بمظهر مصر أمام أنفسنا وأمام العالم ؟!
- إلى متى سنظل صامتين تجاه من يأخذوننا على طريق ( اللى يروح مايرجعش ) ؟!
- إلى أين هم ذاهبون بهذا البلد ؟!.. وهل من حسيب لهم أو رقيب عليهم؟
■■ أم أن علينا نحن أيضا أن نصمت صمت أبو الهول ونجلس فى مقاعد المتفرجين و«كفى الله المؤمنين القتال»؟!!