الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

أكذوبة "العاهات" والتقاليد !

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
"من فات قديمه تاه"... حكمة مصرية توارثتها الأجيال العصرية وتناقلتها الألسنة الببغائية دون تفكر أو تدبر ، لأننا كأي مجتمع نمتلك جعبة متخمة بالعادات والتقاليد ولست ضد المنطقية التلقائية في التوارث .. ولكن أليس من حقنا أن نفرز ما في هذه الجعبة لننتقي منه ما يصلح للاستخدام المعاصر أم أنه قدر ومكتوب وكأن "النقل عليك هو المكتوب يا ولدي " مع الإعتذار للعندليب !
إن الحالة الوحيدة التي ترجع فيها السيارة الى الخلف هي محاولة "الركن" في مكان ضيق ، كما إن الحراك المنطقي نحو الهدف يأتي من نقطة البدء صوب الأمام وليس نحو الخلف .
ودعونا نتذكر ما فعلته هدى شعراوي وسيزا نبراوي حين عادتا على متن الباخرة التى رجع عليها سعد باشا زغلول من المنفى ، فما كان منهما الا أن تخلصتا من "البرقع" الذي كان يخفي الوجه آنذاك والذي فرضته الوصاية العثمانية على مصر المحروسة فلم يكن عادة أصيلة لدي المصريين القدامي ، فماذا لو خضعت هدي شعراوي لتلك العادة ونأت بنفسها عن كل المنغصات التى قاومتها بشدة حين وصفها البعض المتشدد بالـ "سافرة" ، أعتقد إننا كنا سنعاني تبعات هذا الخضوع الى الآن !
ـــ "اللي ملوش كبير بيشتري له كبير " .. ليس صحيح دائما فهو مجرد مثل شعبي يرسخ لفكرة التبعية ويرسخ في نفس الوقت للسلطة المركزية ، فتجد المصري دائما يسعى جاهدا للبحث عن فرعون فإن لم يجده.. صنعه ، ثم يعاود النحيب إثر القهر والظلم والفساد والاستعباد ، ثم ينتفض فيثور ، ويخلع حاكما ويأتي بآخر ، فيمارس معه من جديد نفس الطقوس الخنوعية الحصرية والتمجيدية النفخية ، مع قليل من التطبيل وبعض البخور ، وبهذا يكون صنع الكبير او الفرعون الذي تربى وترعرع وفقا لآلية البحث عنه !
أرجوا الا يتسرع البعض في الحكم على تفسيراتي ، فلم أقصد أن نتخلى عن ماضينا ولم أتعمد مطلقا لنزع جذورنا ولكنى فقط أحاول أن أرسخ لمبدأ الحرية في الإنتقاء والعزيمة نحو التغيير كما هي سنة الحياة فالسنة فصولها أربعة واليوم له طرفان صباح ومساء والبحر يجدد أمواجه والسماء تقلب غيومها ، كل تفاصيل الكون متحركة ومتغيرة حولنا الا نحن نبدو ظاهريا متغيرين بينما تحتفظ دواخلنا ببعض "العاهات والتقاليد في درجة حرارة غير مناسبة تحولها بفعل عوامل التخزين الى سلع بالية ربما تسمم أفكارنا أو تصيبنا بتلبك قيمي .
ـــ " ضل راجل ولا ضل حيطة " .. ثقافة شديدة التسطيح لعلاقة آدمية من أشرف ما يكون ، وشراكة انسانية يحسب لها أن تدوم ، فكيف لنا أن نلخص الزواج في كون الرجل مجرد "حيطة" نتكأ عليها ، بينما تكون المرأة ذلك المخلوق الوهن الذي يبحث دائما على ما يتكأ عليه ويستظل بظله ، ان الزواج يا سادة أعمق مشروع اجتماعي يتطلب دراسة جدوى ، ووضع خطط خمسية وعشرية وربما أبدية ، انه شركة تبدأ بطرفين متعادلين في الأسهم ثم اضافة اعضاء جدد في مجلس ادارة الأسرة الا وهم الأبناء ، أما تلك النظرة الذكورية فتعد من أكثر العاهات التقليدية المتعارف عليها والتي تزج بنا بلا هوادة لمحكمة الأسرة ألوف غير مؤلفة !
وأخيرا فعلينا جميعا أن نحترم عادات أجدادنا وآباءنا ولا نسخر منها لانها كانت مناسبة لعصرهم وحياتهم ، ولنحرص على الإحتفاظ ببعض منها كقيم تتحكم في أخلاقنا ، فضلا عن خلق قيم وعادات جديدة أصبحنا في أمس الحاجة لها ، فلا نتهم بالتخلف عن الركب الحضاري.
Mrs.beco@gmail.com