الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

انفراد بالفيديو والصور.. نكشف حقيقة تفشي الكبد الوبائي بالمنوفية.. الأهالي: أكثر من 200 طفل مصاب و"الصحة" تكذب.. أسماك الرشاح ومياه الشرب الفاسدة والسلع المنتهية الصلاحية السبب ومجلس مدينة "رشوجي"

 نكشف حقيقة تفشي
نكشف حقيقة تفشي الكبد الوبائي بالمنوفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
إصابة 5 أطفال بقرية" تلبنت" مركز الباجور -محافظة المنوفية، بمرض التهاب الكبد الوبائي، هكذا طالعتنا الأخبار، وهكذا يتكرر سيناريو الكذب في التعامل مع الحقائق عند الأزمات، تضليل للحقائق ودفن رءوس عن المشكلات وتنكيل بالشاكي وبراءة للمهمل وتهرب من المسئولية، وعدم ردع المخالفين، مجالس أحياء مرتشية ووحدات صحية تعج بالفيروسات، مياه شرب تختلط بمياه الصرف الصحي وحوض ملوث لكل مواطن، صنابير تضخ مياه صفراء وزرقاء وبنية، أسماك تتغذى على الحيوانات النافقة والصرف الصحي، جبال من القمامة تعدت على بيوت وفيلل "الأكابر"، محال تبتاع سلع منتهية الصلاحية، روائح كريهة، وطيور تتغذى على الخبائث، حياة تدعو للموت، هذا هو واقع القرية التي أعلنت وزارة الصحة، عن ظهور 5 حالات فقط من الأطفال أصيبوا بمرض التهاب الكبد الوبائي "إيه"، "البوابة نيوز" انطلقت بعدساتها نحو القرية المنكوبة لرصد الحالات والوقوف على أسباب المرض وكانت الفاجعة بأن الـ5 حالات وصلوا لما يزيد عن 200 حالة من سن 3-7 سنوات، وأن الأهالي امتنعوا عن تسجيل الأسماء خوفا من الحبس.

بدأت جولتنا من موقف "المؤسسة" مستقبلين مركز "الباجور" وما استرعى انتباهنا هو حديث ركاب الميكروباص الذين لم يكن يشغلهم سوى الحديث عن الماء وتلوثه وانتشار مرض الكبد الذي يحصد صحة أطفال قرية تلبنت، ومن مركز الباجور اتجهنا نحو عربات "اسطنها" التي وقفت بنا عند قرية "تلبنت " ومن هنا بدأت الحقائق تتكشف.
استُقبلنا استقبال الفاتحين من سكان القرية الذين تنفسوا الصعداء، وبدت صرخاتهم تتعالى "الحقونا انتوا فين.. تعالوا شوفوا ولادنا اللي بيموتوا تعالوا شوفوا الخراب والمية الفاسدة، وصلوا صوت الغلابة للريس، دعوة المظلوم هتكون نار على كل ظالم" هدأنا من روع المكلوبين، وبدأ استقبال من نوع آخر، حيث حاصرتنا قمم جبلية من القمامة المحتلة من الذباب الطائر والفئران والقوارض التي تتاسبق في ماراثون للجري في وضح النهار، فضلا عن الروائح البشعة التي لا تطاق، تقدمنا خطوات حين لفت انتباهنا وجود بشر يتدفقون على حوض لتعبئة مياه للشرب، وإذا بالحوض شيء يدعى "طرومية".

كائن غريب له يد ما أن تضغط عليها لأسفل تخرج المياه من المقدمة، وكأننا في العصر الحجري، اللافت أن الحوض معد على أعلى طراز من الحقارة، ويعد بيئة خصبة للطحالب والفيروسات والميكروبات، كما أن الطرومبة تقع على ضفاف ترعة بلغت من البشاعة منتهاها هو ما يفرض التساؤل، ما المانع أن يختلط ماء الطرومبية هذا بماء الصرف التي ملأت الترعة.
على يمين هذا المشهد البشع فيلا أحمد عبد العدل، وكيل وزارة الإعلام سابقا !وقد قاربت جبال القمامة على ردمها ما جعله يفر منها هاربا.

البيوت تصطف يمنا ويسار على جانبي تلك الترعة والكارثة هى وجود طلمبات مياه بشكل لافت للانتباه وكأنها طلمبة لكل مواطن، تقريبا كل 10 أمتار واحدة، حاولنا الشرب منها لكن لم نستطع وإذا بالأهالي يؤكدون أن ماءها أرحم من مياه الشرب بالحنفيات حيث أفاد مصطفى محمد أن ماء الشركة "زفت" وأن وزارة الصحة أتت لأخذ عينه منه ووجدته "يقرف" وكله شوائب.


أما فاطمة بنت الـ15 عاما، التي حملت فوق رأسها جردل الماء أفادت أنها كل ساعتين تيجي تعبي ميه من الطرومبة للشرب؛ لأن القرية مقطوع عنها الماء منذ 3 أيام، موضحة أن ماء الصنور غاية في السوء وتسبب في مئات الحالات من مرض الكبد.
وطالبت فاطمة المسئولين بردم الرشاح ورفع القمامة وإلا ستهلك القرية وما حولها من القرى بالأمراض والأوبئة.
وسبب انقطاع المياه عن القرية منذ 3 أيام هو تبليغ الأهالي عن إصابة الكثير من الأطفال بمرض الكبد الوبائي، فتم قطعها لحين الانتهاء من تحليلها بمعامل وزارة الصحة هذا ما أكده عامل بمحطة مياه تلبنت.
الوحدة الصحية بالقرية
مبنى جديد جميل المنظر من الخارج محاط بأبشع المناظر، بلا طفاية حريق من الداخل، بلا معمل تحاليل، بلا أجهزة بلا إسعافات بلا أطباء، الوحدة يلاصقها من اليمين "زريبة"، تلقى بروث حيواناتها في حديقتها المفتوحة على حجرات الكشف!، أما من اليسار فيقع الرشاح وهو المصب لمياه الصرف الصحي والحيوانات النافقة، وبالقرب من باب الوحدة تجد فخًا كبيرًا يدعى "بالوعة" غير مغطاة لاصطياد ما تبقي من أطفال القرية الأصحاء، الوحدة لا يوجد بها سوى طبيب واحد، والأدهي أنها لم يكن بها صرف صحي، ولكن بعد أن ظهرت الحالات "والإعلام نشر الأخبار" صدر قرار فوري بإدخال الصرف الصحي في "يومين" بعد أن كانت الوحدة تغرق يوميا في مياه المجاري.
الرشاح 
بركان مائي خامد يوزع نيرانه وطلقاته للسكان يوما بعد يوم، على ضفافه تلال من القاذورات، أما مياهه تكاد أقلامنا تعجز عن وصفها، طحالب وحيوانات نافقة، فئران وسحالي وبط وأوز ودواجن يتغذوا على الخبائث، الأمر لم ينته على هذا الحد من الكارثة، حيث أكد أحد سكان القرية أن بعض الصيادين استأجروا من مجلس المدينة جزءا من الرشاح وأصبح ملكية خاصة لهم.
يضيف المواطن: الصيادون وضعوا أيديهم على أمتار من الرشاح بعد تأجيرها، ووضعوا زريعات سمك ووضعوا قاربا عليه ماكينة كهرباء لصعق السمك وصيده وبيعه للأهالي والقرى المحيطة، وللأسف الناس تأكل سمكا مسمما متغذي على سرطانات.

سلع منتهية الصلاحية 
لفت انتباهي أن معظم المحال التجارية والسوبر ماركت مغلقة، لذا توجهت بالسؤال لإحدى سيدات القرية التي أكدت أن بعض المحال تبيع منتجات منتهية الصلاحية، وصدر لها قرار إغلاق، والباقي خاف فأغلق.
بداية انتشار المرض
حضانة عباد الرحمن من هناك كانت الشرارة، حيث إنها تأوي عشرات الأطفال يوميا بين جدرانها، وهي السبب في انتشار الوباء، حيث ظهر بها أكثر من 35 حالة لصغار الأطفال بعد أن بدأت العدوي تنتقل من طفل لآخر وسط إهمال وجهل الجميع، وبعد أن استشري الأمر قام أحد الأولياء يدعى "ربيع" بتبليغ مديرية الصحة بالمنوفية بعد أن توجه لمكتب وكيلة الوزارة، ولكنه قوبل بوابل من الاتهامات كان آخرها محاولة التعدي على وكيلة الوزارة د. هناء سرور، "حسب شهادة الأهالي"، ورغم كثرة الحالات إلا أن معظم الأهالي رفضوا التسجيل، وكان أمرا مثيرا للدهشة.
توصلنا بعد ذلك إلى سبب رفض التسجيل وهو "اللي اتلسع من الشوربة ينفخ في الزبادي" أستاذ ربيع عشان بلغ عن الحالات واشتكى وزارة الصحة اتحقق معاه وعملوله محاضر تعدي على وكيلة الوزارة وكانوا هيلبسوه قضية، إحنا لا حمل محاضر ولا حبس إحنا هنعالج ولادنا في العيادات الخاصة والله الغني عن التسجيل وعن خدمات الوحدة الصحية وحسبي الله ونعم الوكيل" هذه شهادة أحد الآباء الذين أصيب أبناؤهم بالمرض ورفض ذكر اسمه. 
6حالات فقط هي جملة ما سجلته كشوف وزارة الصحة، لكن الحقيقه أنهم أكثر من 200 حالة كلهم أطفال خاف أهاليهم من التسجيل خوفا من   العقاب بالحبس، التقينا ما يقرب من 10 حالات جميعهم تحت سن 7 سنوات، كان من بينهم. 

حسام حسن، 4 سنوات، أحد الأطفال المصابين بالفيروس منذ شهر تقريبا، وهو الآن في طريقه للتعافي، بعد أن تلقى علاجه في العيادات الخاصة بعيدًا عن فيروسات الوحدة الصحية على حد وصف والده الذي قال: الولد يعيش في بيت نظيف لأب وأم متعلمين وعلى درجة من الوعي والثقافة، والموضوع ليس موضوع غسل يدين ورجلين، ابني أصيب بالفيروس من المياه الفاسدة معلقًا: أنا مدرس لغة إنجليزية وعارف يعنى إيه نظافة، القرية تعيش على مياه مجاري وتتنفس فيروسات وميكروبات ووحدة صحية كل من يعمل بها أطباء امتياز، لا يوجد بها جهاز واحد، لا يوجد معمل تحاليل، لا توجد دكاترة متخصصون، لا يوجد بها إلا الموت على ضفاف الرشاح الكارثي الذي فشل المسئولون في ردمه واهتموا فقط بماتشات الكرة.
أما يوسف هاني 3 سنوات الذي أصيب بفيروس الكبد الوبائي، تقول جدته الولد سخن جدا وجلده اصفر وظل يرجع، فذهبنا به للوحدة فأعطوه دواء لم يأت بنتيجة، فذهبنا به إلى طبيب خاص فقال عنده فيروس ولازم يتعزل 30 يوما.
عائلة أحمد محمود ظهر بها المرض وانتقل من الطفلين للأم خلال أسبوع واحد، يتلقون العلاج خارج مستشفيات الحكومة خوفا من المساءلة، على حد قول الزوج.
"تلال من القمامة ومجلس مدينة نائم في العسل كل اللي فيه رشوجية عايشين على السحت، ندفع 10 جنيهات شهريا زيادة على فاتورة الكهرباء للزبالة، ومع ذلك نضطر نرميها في الشارع، والمجلس نايم لا بيرفع زبالة ولا له علاقة" حسب ما قاله أحمد محروس صاحب متجر في القرية.
ومن أحمد إلى مصطفى محمود، السباك، كانت وقفتنا حيث حكى أن وكيلة وزارة الصحة د. هناء سرور، قالت لنا "ملكوش دواء عندي، اجيبلكم دواء منين" هذا ما كان من المسئولة عن صحة السكان في أزمة تكاد تصل للكارثة، حسب ما قاله أحمد.س الذي أكد أن الوكيلة صرخت في وجوه أهالي الأطفال المصابين، وبلغت عنهم وكأنهم خارجون عن القانون واتهمتهم بالتعدي عليها، ونقسم بالله أن هذا لم يحدث قط، كل ما طلبناه هو حل ودواء لأولادنا الذين أصيبوا و"هيموتوا".
ومن الأهالي وشكواهم إلى المختصين حيث كان حديثنا مع دكتور محمود فهمي، طبيب مكلف في وزارة الصحة يعمل بوحدة "تلبنت ابشيش" الذي واجهناه بعدد واسماء الحالات واصرار الوزارة على التصريح بعدد اقل بكثير من الفعلي فعقب قائلا: 
معظم الأهالي رفضوا تسجيل اسمائهم في الوحدة وان الوزارة ملتزمة بالاعداد المسجلة فقط وان الحالات التي سجلت هي 6 حالات فقط حتى الآن. 
وارجع الطبيب السبب في عدم اقبال الأهالي على الوحدة،لعدم ثقتهم فيها وفي طبيبها وأداء من بها وهو معتقد راسخ لدى الكثيرون، مؤكدا أن الوحدة تستقبل أي طفل وتحيله لمستشفي الحميات بالباجور لأن الوحدة لا يوجد بها معمل تحاليل لفيروسات الكبد لأن المرض جديد على القرية.
وعن اعراض المرض قال الطبيب يأتي الطفل ولديه ارتفاع شديد في درجات الحرارة واصفرار في الوجه والعينين واحمرار في ماء البول ومغص وحالة اعياء شديد وان الراحة التامة لمدة شهر هي أحد أهم أسباب العلاج.