الثلاثاء 14 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

مملكة الشتامين

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
«إنما الأمم الأخلاق ما بقيت.. فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا».. على عكس هذا البيت تسير عربة الوطن، تحمل بين طياتها ملايين الألفاظ النابية، والوجوه العابسة والألسنة اللاذعة.. فى تواجه لا تراص، كل يواجه الكل بأفظع ما تعلّم الشتامون، لا فى مصر وحدها لكن فى العالم كله، لا أحد يستمع أو يقبل رأيا يخالف رأيه، يسب وهو مقتنع أن رأيه هو الأصوب، وأن لسانه هو السيف البتار، الذى تتراجع عنه وتخشاه كافة القوات المهاجمة، لتكون النتيجة تراجع الجميع للأمام قفزاً فى كل الوجوه، ليتحسس الواحد منهم بعد ذلك وجهه فإذا الماء يلفه.. لا يُعرف له لون أو رائحة، من كثرة ما أمطر عليه الآخرون من تلون وتنوع.
فى بلادى لا يرى الشخص إلا نفسه، فى أعلى الهرم أو فى قاع الوادى، أنا ومن بعدى الطوفان.. هذا هو الشعار، بعد أن غاب القانون والقدوة، فى الشارع والبيت بل المدرسة والجامعة، كنا نظن أن ذلك عصر وتلك مفرداته، وما اعتراضنا سوى اختلاف جيل عما تلاه من أجيال.. لكن المفاجأة هبطت إلى شارع الواقع، وأصبحت تمشى على أقدام، يراها الكافة دون أى امتعاض ولا دهشة، حيث تحول خيال الظل إلى لحم ودم، يدهسك إذا ما نويت الاعتراض، مجرد النية، ولأن القانون قابع فى مغاراته المتعددة، لا يخرج إلا مستعرضا على ضعيف، أو سائرا دون عكازات المحسوبية، تبقى الحالة مزدهرة وسوق الشتائم متجددة كل ساعة، سواء على صفحات الصحف أو شاشات التلفاز، وحتى شاشات السينما التى كرمت سوق الشتائم منتجيها، تعبيرا عن امتنانها لهم بتجديد البضاعة وزخرفتها بالعرى الجنسى.
الكل امتلك الحقيقة المجردة، فإذا ظهر له من يعترض تحول إلى دواسة للأحذية، حيث تكشط الطين وتحط عليه، يصبح فلترا لكل موبقة وكل تهمة، فالخيانة أو الكفر أو انعدام المروءة أو أو إلخ....، ذلك هو مصير المعترض، فإذا أصر على اعتراضه خرج له الفتوة الأكبر من المغارة فألقى به إلى الظلمات، طالما طالته معارضته ولو بالتلميح، ليتحول الجميع إلى هذا المعارض دون قصد، حيث الكل منهزمون فى فلتر دواسة الشتائم محتجزون، رغم شعورهم الزائف بالانتصار وانعدام إحساسهم بما يعومون فيه من طين، لا فرق بين وزير وغفير ولنا القدوة والمثل فى أحد الوزراء الذى سب زميله أستاذ الجامعة على الهواء، رغم أن العمل المنوط به هو إدارة عملية بناء الأجيال القادمة.
حوار داخلى:
أنا: يعنى انت مش بتشتم
أنا برضه: با شتم من كتر اللى باسمعه وباشوفه
أنا كمان: تبقى من نفس دى البلد يا حلو
حوار آخر: هل قرأت الدستور؟ يعنى إيه دستور؟.. يا سيدى اللى استفتينا عليه فى ٢٠١٤؟ ماله؟ قريت مادة الإضرابات؟ آه مالها زيها زى اخواتها، عادى يعنى نصوص.. مجرد نصوص أحيانا تزينها عبارة ينظمها القانون، وأحيانا أخرى تدفنها فى قرار عدم الدستورية، ومن يعترض عليه باللجوء إما للدولة سابقة الذكر، وإما للدولة اللى بعدها، يا سيدنا أنت بتوهنى كده سيبنى أقول لك اللى فى ضميرى، وبعدين احكم.. طيب قول.. اسمع يا سيدى.. المادة ١٥ من الدستور تنص على «الإضراب السلمى حق ينظمه القانون»، قصدك إيه؟ إنت بتحرض على الإضراب؟ يا عم اتلهى على عينك.. إنت هاتعمل فيها زى الناس اللى فوق؟ هههههه.. إنت بتضحك؟ آه طبعا بس مش عليك، على المادة ذات نفسيتها اللى بتحلل الإضراب، وكل اللى استفتوا ووافقوا عليها بيقولوا:«مش عاوزين إضرابات» طيب ليه بقى وافقتوا عليها؟، وفى الأساس لجنة الخمسين إياها عملتها ليه.. منظرة؟.
طيب شفت المادة ١٤؟ اللى قبلها يعنى.. مش فاكر يا أخى فلقتنى، أقول لك دى بقى بتاعة الوظائف العامة اللى حق لكل مواطن على أساس الكفاءة.. إنت زهقتنى ما تكملش علشان عارفها، ولو مش مصدق اسأل اللى انتحروا بسبب عدم اللياقة فى عرف المستوزرين.