الجمعة 03 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

صناعة أدوات الحرب تثير الغرائز

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يكتب المدعو «نيوتن» منذ سنوات عمودا يوميا فى جريدة «المصرى اليوم» للدفاع فى أغلب الأحيان عن الرأسمالية المصرية، والحط من الاشتراكية، والهجوم على القطاع العام والإشادة ببيعه وبالبائع والمشترى، والدفاع عن مبارك ورجاله حتى الهارب والمدان بحكم محكمة. وكل هذا من حقه. فمن حقه أن يعبر عن انتماءاته وانحيازاته الطبقية والفكرية.
وقد شطح بخياله إلى آفاق تستدعى التوقف عندها وتلزم برد ممن يعنيه الأمر فى عموده المنشور فى ١٠ أغسطس الحالى بعنوان «صناعة أدوات الحرب» أن من يصنع أدوات الحرب أى السلاح فى الدول الكبرى هو القطاع الخاص. قال: «فالجيش لدينا يساهم فى الإنتاج المدنى، فهو يستثمر فى صناعة الأسمنت، وفى صناعة المياه المعدنية، وفى تجارة المواد البترولية من خلال إنشاء محطات خدمة سيارات، فى المقاولات، فى إنشاء الطرق، فى جمع التعريفة على الطرق السريعة»، ويضيف إضافة تحمل موقفه بأن المفروض من يقوم بهذه المشروعات والأنشطة الاقتصادية القطاع الخاص أو ما أسماه بالقطاع المدنى. ويبدو أنه لا بد من أن نضع فى عين من لا يرى ونذكر بأداء عدد ليس قليل من شركات القطاع الخاص ومنها ما سبق ودافع عنها نيوتن. ومنها من احتكر صناعات استراتيجية كالحديد والأسمنت، ومنها من قدم منتجا غير مطابق للمواصفات وهكذا.
والأمثلة كثيرة وتلزم الدولة بالتدخل ولكنها لم تفعل فى حينه. ونصل إلى لب القضية وهى الهدف من العمود «صناعة أدوات الحرب» أو على بلاطة صناعة السلاح، حيث يقول: «لا يحتاج من يفكر إلى التوصل إلى أن تتولى مصانع القطاع الخاص إنتاج ما تحتاجه الدولة، كما هو حادث فعلًا فى الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا. لا بد أن ينبع أساسًا من إيمان الدولة بالقطاع الخاص وقدرته على صيانة أسرار وطنه، وأنه لا يستطيع التقدم بدون تعاون الاثنين معًا، الدولة والقطاع الخاص».
بكل تأكيد لا يتحقق التقدم بدون تعاون القطاع الخاص والدولة، ولكن أن ينتج القطاع الخاص السلاح فهى قضية لا تحتمل الطرح أو التبرير إلا إذا كان الأمر مجرد إلقاء بالونة اختبار وجس نبض هذا أولا. وثانيًا تمهيد الطريق لتحقيق هدفين الأول ترسيخ انتقاد القوات المسلحة فيما يخص الاستثمار فى المشروعات المدنية. وثانيًا وهذا هو الأهم تمهيد الطريق وفتح الكلام حول دخول الرأسمالية المصرية على خطوط إنتاج الأسلحة وهى الصناعة الأخطر فى العالم، والتى حتمًا تثير أرباحها الغرائز النهمة التى لا تشبع للرأسمالية.
والمدعو نيوتن يعرف ونحن أيضًا أن الرأسمالية فى الدول التى ذكرها صنعت السلاح لتخوض به حروبها الاستعمارية، وبقية الجرائم معروفة لتصريف السلاح من إشعال الحروب والفتن والقلاقل وتسليح التطرف والإرهاب لجنى الأرباح المهولة واللا أخلاقية من دماء الشعوب والتحكم الفاسد حتى فى مسارات ومقادير شعوبها وسياسات حكامها.
وليس من المقبول السكوت على هذا الطرح حتى لو كان تلميحًا لكسب نقطة ضد استثمارات القوات المسلحة فى المشروعات المدنية، ولترك الفكرة تسبح فى الفضاء حتى تأخذ مكانها فى الواقع وتأخذ أرباح الرأسمالية مكانها فى البنوك.
ولكن ليدرك من كتب ومن فكر ومن سعى أن هذا الكابوس لن يتحقق فالسلاح المصرى مسئولية الدولة المصرية والجيش المصرى.