الدولة الحديثة لن تنهض إلا بمنح الشباب دورا حقيقيا فى تقلد المناصب القيادية والعليا، وإخراطهم فى العملية السياسية، وهذا لا يعنى استبعاد كل «ذوى الشعر الأبيض» فالخبرة مطلوبة بجانب الحماس الشبابى الذى جربناه فى ثورتى 25 يناير و30 يونيو وحفر قناة السويس الجديدة، ورأينا «فارق السرعات» بين وزراء حكومة محلب الكبار والصغار!
ولا يمكن القبول بأن تكون الحكومة المقبلة أعمارها مثل الحالية التى تخطت الـ١٥٠٠ سنة بمتوسط ٥٨ عامًا للوزير!!
كما أننا بحاجة إلى مسئولين ثقات يؤمنون بالشفافية فى عرض وتنفيذ المشروعات القومية حتى لا نكرر «الوهم» فى «توشكى وترعة السلام وخليج السويس والألف مصنع وتوفير ٤.٥ مليون فرصة عمل، وبناء ١٠٠٠ مصنع، واستصلاح مليون فدان وجهاز علاج الإيدز وفيروس سى» وغيرها من المشروعات «الفنكوشية» التى تبناها النظام السلطوى طوال حقبة مبارك وما بعده لتصدير الوهم للمصريين، والارتكان إلى عامل الزمن لعله ينسيهم ما وعدهم بتحقيقه، ولم يتحقق لأنه لم يكن هناك ما يمكن تحقيقه من الأساس!!
أقول ذلك بمناسبة البدء فى مشروع استصلاح «المليون فدان» الذى أشتم رائحة كذب من القائمين عليه بالرى والزراعة، وأعلم أن الرئيس السيسى الذى يؤمن بسياسة «الإنجاز» وليس بتخدير الشعب أو بيع الوهم لهم، لن ينطلى عليه العرض الزائف فى المشروع!!
إننا فعلا بحاجة إلى مشروعات قومية قابلة التنفيذ يلتف حولها الشعب وإلا فإن البديل هو «المستريح» وأمثاله من «النصابين» على المواطنين وجمع أموالهم ومدخراتهم بزعم استثمارها فى مشروعات تدر عائدًا كبيرًا.
وقد رصدنا ظواهر عديدة لـ«المستريح» بالمحافظات قبل افتتاح القناة الجديدة، والبداية كانت ٨ إبريل الماضى عندما ألقت مباحث الأموال العامة القبض على رجل الأعمال أحمد مصطفى الشهير بـ«المستريح»، لاتهامه بالنصب والاحتيال على المواطنين بعد تزايد أعداد البلاغات ضده، حيث استولى على ١٧٦ مليون جنيه من ١٦٦٠ ضحية.
وتوالت بعد ذلك قضايا الكشف عن العديد من الأشخاص يقومون بدور «المستريح»، ففى ٢٣ إبريل تم القبض على إسلام فوزى سليمان شبل (٣٨ سنة - حاصل على دبلوم صنايع) استولى على مليونى جنيه من رواد النادى الاجتماعى بالدقهلية بزعم استثمارها فى العقارات والبورصة.
وفى ٢٦ إبريل تمكنت مباحث قسم أول كفر الشيخ من القبض على شاب عمره ٣٠ عاماً، وتكثف البحث عن شريكه، بعد استيلائهما على ٣ ملايين جنيه من بعض الأهالى بحجة استثمارها.
وفى ٣٠ إبريل ألقت القبض على مستريح جديد ببنى سويف بعد أن استولى على ١٨ مليون جنيه.. و فى السويس يجرى البحث عن عاطف محمد «نصاب» جمع ٤٠ مليون جنيه من موظفى وعمال ميناء السخنة والشركات البترولية وسماسرة الأراضى والتجار و«فص ملح وداب»!!.
وفى ٣٠ مايو الماضى تم القبض على موظف بالجمعية التعاونية للبترول بقنا لجمع مليون و١٩٦ ألف جنيه من العاملين لتوظيفها!!
إن ظاهرة «المستريح» ستظل مستمرة ومتواصلة فى المجتمع طالما أن المواطنين فقدوا الثقة فى الاستثمار بالمشروعات الحكومية لأنها على شاكلة مشروعات الوزير «المستريح»!!.
