الأربعاء 01 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

لا.. ليس كله تمام ياريس

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
( كله تمام ياريس ).. عبارة اعتاد المسئولون حول الرؤساء أن يقولوها لهم.. 
عبارة أجدها هى الخطوة الأولى فى طريق الإفساد.. 
عبارة قد يكون مبرر قولها او اعتيادهم لها، أن الرئيس الذى تقال له لديه من السمات ما يؤكد أنه يرتاح أن تقال له هذه العبارة، والسمات يحددها عدم اهتمامه بالقدر المطلوب بتفاصيل مايحدث من أمور حتى الجلل منها، ولا بالأزمات أو المآسى التى تحدث حوله سواء على صعيد الدولة أو الأفراد. 
عشنا هذه الحالة مع رئيس سابق حكمنا لأكثر من ثلاثين عامًا، كان من الواضح أنه يريحه أن يقال له ( كله تمام ياريس ).. رئيس لم يهتز ضميره لغرق ١٢٠٠ من مواطنيه فى عبارة غير صالحة للاستخدام يمتلكها شخص غير صالح سرق مصر ضمن من سرقوها من رجال أعمال.. وبدلًا من إعلان الحداد العام ذهب الرئيس يشاهد مباراة لكرة القدم، ولم يخجل أن يشاهده الشعب وهو يصفق مبتهجًا ملوحًا بالعلم مع زوجته وولديه وحفيده، معتبرًا أن فوز مصر فى مباراة لكرة القدم يعنى أن ( كله تمام ) ورغم ال ١٢٠٠ غريق !! 
والأمثلة التى تطابق هذا الموقف كثيرة ومتعددة تعدد السنوات الطوال من حكمه.
■ ولأن أغلب المسئولين والمعاونين والمستشارين الذين كانوا يحيطون بذلك الرئيس، ليسوا بالبعيدين فى تركيباتهم الشخصية، ولا رؤاهم السياسية عمن يحيطون بالرئيس الآن، فطبيعى أنهم مصابون بنفس آفة ( كله تمام ياريس ).. رغم أن الرئيس الذى يحكم مصر الآن مختلف تمامًا عن السابق، فلايمكن لأى شخص سواء أكان من مؤيدى الرئيس الحالى أو من معارضيه، أن ينكر أن الجانب الإنسانى عالٍ جدًا لديه، ومن أبرز سماته.. وواضح جدًا أن الرئيس الحالى تمامًا على عكس السابق يسعى للإلمام بأى تفاصيل تخص الناس، ويتدخل بنفسه مباشرة فيها.. لكن السادة المسئولين مازالوا يتعاملون بأسلوب ( كله تمام ياريس ).
■ وياريس: وبما أننى لم ولست من المسئولين ولم أصب بهذه الآفة.. فاسمح لى أن أقول:
إنه ( ليس كله تمام ياريس ). 
■ ومن الواضح أنهم أخبروك قبيل حفل افتتاح قناة السويس الجديدة بأن ( كله تمام ).. فخرجت مرفوع القامة ببذلتك العسكرية التى كان لارتدائك لها وما يحمله من رسائل، أجمل وأعظم الأثر لدى جموع الناس، ماعدا المصابين بـ( ارتكاريا ) كل مايمت للجيش بصلة ( ولهذا حديث آخر فى مقالة أخرى إذا أحيانا الله ). 
خرجت ممسكًا فى يدك بالطفل الصغير المريض الذى تمنى رؤيتك فحققت له ماتمنى لتضيف لقلبه الصغير فرحة سوف يكون لها الأثر الإيجابى الكبير فى رحلة علاجه فشكرًا جزيلًا لك. 
لكنك ياريس لم تعلم أن هناك عددًا من القلوب الملتاعة أحرقها فراق فلذات الأكباد الذين ذهبوا وهم يقدمون العمر لمصر ويؤدون أشرف واجب.. يشاركون فى حفر قناة السويس الجديدة. 
هم فلذات أكباد لأمهات وآباء، وأيضا هم لهم فلذات أكباد تركوهم رضعًا ومنهم من كان مازال فى بطن أمه عندما مات والده وهو يحفر لمستقبل جنينه طريقًا لمستقبل أفضل مما كان عليه حاضره. 
قلوب لأمهات وآباء وزوجات تلقوا خبر وفاة أبنائهم الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين ال ٢٢ وال ٤٠ عامًا. 
شاهدت البعض من هؤلاء الأهالى ( الغلابة جدا ) فى برنامج تليفزيونى يحكون بسكينة وانكسار قصص أبنائهم. 
وعن سؤال كيف ماتوا ؟ أجابوا بقهر شديد.. قالوا لنا ( سكتة قلبية ) !! هذه كانت إجابة البعض، والبعض الآخر أجاب.. قالوا لنا ( عربية النقل وهى بترجع داسته ) !! 
بداية ما معنى هذه الردود ؟! ما معنى سكتة قلبية وجميعهم شباب ؟!!.. وما معنى سيارة بترجع تدوس عمال ؟!! 
ثم نعود لأصحاب ( كله تمام ياريس ).. لماذا أخبروك إنه كله تمام ؟ ولماذا لم يخبروك أن هناك عددًا من العاملين ذهبوا ضحايا أداء الواجب ؟!، أى أنهم ( شهداء ).. شهداء كان لابد من ذكر أسمائهم وتحيتهم يوم الاحتفال.. لماذا أخفوا عنك هذه المعلومة ؟ ومن هو المسئول عن هذا الفعل اللا إنسانى والذى يستوجب المحاسبة ؟!. 
لماذا جعلوا قلوب أهالى الضحايا ( تشتعل ) مرتين، مرة عند موتهم ومرة عند تجاهل أبنائهم وعدم تحيتهم ؟! 
إن أصحاب ( كله تمام ياريس ) بفعلتهم هذه قد أساءوا إليك ياريس.. فأنا على يقين لو أنك عرفت لذكرت هؤلاء الشهداء الأبطال فى كلمتك، بل لبدأت بذكرهم، ولقمت بتحيتهم التحية الواجبة، ولكنت أمرت بدعوة أسرهم للمشاركة وصافحتهم فردًا فردًا.. لكن للأسف أصحاب ( كله تمام ياريس ) قد أظهروك كأنك لاتهتم بمن ضحوا بحياتهم، وهم شباب تركوا أجنة فى بطون زوجاتهم وتركوا رضع وتركوا أمهات وآباء مهزومين بالغلب منذ مولدهم ثم هزمهم القهر عندما لم يجدوا منك اليد التى تربت على أكتافهم وتحاول تهدئة نيران قلوبهم. 
■ السيد الرئيس: وحتى يكون ( كله تمام ياريس ) فاسمح لى أن أطلب منك أن تزيل هذا القهر من قلوب الأمهات والآباء والزوجات الصغيرات.. وذلك ب..
- أولًا:
بأن تستقبلهم جميعًا وأن تمنحهم أوسمة يستحقونها، وهم بالفعل يستحقونها ف والله أنهم كانوا ورغم الوجع يدعون لمصر ويتحدثون عنها بحب، ولم يطلبوا شيئًا لأنفسهم، ماعدا أم شابة يحتاج رضيعها إلى عملية قلب مفتوح كان هذا فقط طلبها. 
- ثانيا والأهم: 
أن تكون هناك لائحة شرف لهؤلاء الشهداء من العمال تحمل أسماءهم وأعمارهم ومسقط رأس وتاريخ وفاة كل منهم.. وأن تتصدر اللوحة المبنى الرئيسى للقناة، ليراها كل زائر ويحييهم كل من يشاهدها من الأجيال الحالية والأجيال اللاحقة على مدار تاريخ مصر.
وغلاوة مصر ياريس افعل هذا لهم، فهو أبسط حقوقهم وأقل واجب تجاههم.