الإثنين 20 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

زيارة غامضة لإثيوبيا

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
زيارة الرئيس أوباما لإثيوبيا وكينيا أرض الأجداد التى جاءت فى آخر شهور حكمه لأمريكا لها طبيعة رمزية، كزيارة الرئيس جون كينيدى لأرض أجداده إيرلندا الجنوبية، حتى وإن حدثت فيها بعض الإنجازات هنا وهناك. 
صحيح إن حضور رئيس وزراء إثيوبيا لاحتفالات مصر بافتتاح قناة السويس قد يكون خطوة لإزالة الاحتقان بسبب سد النهضة الأثيوبى وتداعياته على علاقة البلدين، إلا أن زيارة أوباما لأديس أبابا كانت غامضة إلى حد كبير رغم التهوين بها وأنها كانت عادية ولم تسفر عن جديد!! 
وبقراءة بسيطة، فإن الزيارة لم تخل من هدف سوداني، حيث دوامة التفاؤل والتحرر من الأوهام التى جرت فيها جنوب السودان نحو طريق انحدار سريع، بعد أن بدأ استقلاله قبل أربعة أعوام فقط كإنجاز فى عهد أوباما!! 
لذا سعى أوباما لإحلال السلام فى جنوب السودان بالتنسيق والحديث مع بعض الأنظمة المريبة بما فيها الإثيوبية، التى تورطت بشكل لا يمكن تفاديه مهما كانت الغايات النبيلة لما تبرره من هذا التدخل، علاوة على أن قوة أمريكا فى إفريقيا فى النازل على غرار بقية دول الغرب والصين التى تعد فى الوقت الراهن سوقاً بديلة لأمريكا فى إفريقيا.
ووفقا لما جاء فى تقرير مركز المستقبل للأبحاث بالإمارات تحت عنوان «الأبعاد الثلاثة لزيارة أوباما لكل من كينيا وإثيوبيا»، فإن زيارة أوباما تعكس رغبة أمريكا لكينيا وإثيوبيا فى ترسيخ وجودها ومشاركتها فى الملفات الهامة فى مناطق مصالحها ونفوذها وفقا لرؤيتها الخاصة، وذلك فى ضوء اقتراب الدولتين الجغرافى من مناطق النفوذ الرئيسية للولايات المتحدة، مثل منطقة الشرق الأوسط المضطربة، بما تتضمنه من اليمن ودول الخليج العربية، أو منطقة القرن الإفريقى خاصة الصومال، أو منقطة البحيرات العظمى ووسط إفريقيا، أو دولة جنوب السودان، خاصة أن تلك المناطق تشهد جميعها تصاعدا متواصلا لظاهرة الإرهاب، بما يؤثر بشكل سلبى على مصالح ونفوذ الولايات المتحدة فيها. 
ويؤكد ما سبق اعتبار بعض المحللين السياسيين السفارة الأمريكية فى نيروبى هى السفارة الأهم فى القارة الإفريقية، نظرا لقربها من منطقة الخليج العربى والشرق الأوسط عموما، ووقوعها فى منطقة القرن الإفريقى بالقرب من الصومال التى تعد نقطة انطلاق الإرهاب فى القارة، فضلا عن ارتباطها الجغرافى بمنطقة البحيرات العظمى ووسط إفريقيا التى تشهد صراعا يدور فى الدولة الوليدة، دولة جنوب السودان أيضاً.
ويمضى التقرير ليؤكد أن أهمية هذه الأقاليم الثلاثة لا تنبع فقط من ارتباطها بالحرب على الإرهاب، بل تتعلق بشكل رئيسى بمحاولة الولايات المتحدة الاستفادة من والسيطرة على الموارد الطبيعية والثروات المعدنية مثل البترول والغاز الطبيعى والمعادن النفيسة الموجودة فى هذه المناطق مثل غيرها من الدول الكبرى التى تتكالب على موارد الدول الإفريقية. وهنا تحتل إثيوبيا أهمية خاصة فى هذا السياق نظرا لقدرتها على المشاركة فى حفظ استقرار المنطقة، فى ظل قربها الجغرافى من مناطق الصراعات والحروب الأهلية فى اليمن والصومال وجنوب السودان.
فيما يرى كثيرون أن زيارة «أوباما» ربما محاولة منه لتعويض ما فات من قبل أول رئيس أمريكى أسود، خاصة أنه تعرض للانتقاد لعدم تقديمه الاهتمام الكافى للقارة الإفريقية، وفى هذا يقول «ديزيريه أسوغبافى» ممثل منظمة «أوكسفام» لدى الاتحاد الإفريقى: إن أوباما هو ابن القارة، كنا نريد أن تأتى الزيارة فى السنوات الأولى لولايته الرئاسية بدلاً عن اللحظة الأخيرة لإفساح المجال أمام تطبيق قرارات، لأن لا شيء يضمن أن يتقيد الرئيس الأمريكى المقبل بالالتزامات التى سيعلن عنها الآن.