الأربعاء 01 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

مصر عادت شمسك الذهب

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فى زمن كان قد ذهب وولى، كان لمصر مواقفها التى تتسم بالعزة والفخار.. زمن كانت فيه مصر تتخذ مواقفها وفقا لما يتفق مع مصالحها العليا ومصالح شعبها دون أي تردد ولا حسابات مقيدة لإرادتها ولا انبطاحات..
ولم تكن المواقف فى ذلك الزمن الجميل تقف عند الحدود النظرية والكلمات أو المباحثات، لكن الأمر كان سريعا ما يتحول إلى فعل يسمع به ويراه القاصى والدانى فى الداخل والخارج.
ومثال على ذلك:
■■ عندما رأت مصر أنه ليس من مصالحها الانحياز لا للمعسكر الغربي ولا المعسكر الشرقي، واختارت لها طريقا هو عدم الانحياز، بادرت بتفعيل هذا الاختيار وأقامت مؤتمر باندونج عام ١٩٥٥ تحت قيادة جمال عبدالناصر رئيس مصر، وبمشاركة جواهر لآل نهرو رئيس الهند، والرئيس الإندونيسى أحمد سوكارنو، والصينى شو اين لاي، وبحضور ٢٩ دولة آسيوية وإفريقية توحدوا تحت مبدأ «الحياد الإيجابى وعدم الانحياز» لأي من الكتلتين، ودون مجاملة لأحد حتى لو كان «الاتحاد السوفيتي» الذى كان داعما لمصر.
ومثال آخر:
■■ عندما وجدت مصر أن العدو الصهيوني يقوم بمحاولات مكثفة لتشويه الدين الإسلامى من خلال برامجه الإذاعية الناطقة بالعربية، ومن خلال طبع مصاحف فخمة للقرآن الكريم محرفة ومبدلة فيها كلمات تعطى المعنى العكسي وتوزيعها مجانا فى أنحاء العالم، لم تكتف مصر بالشجب والإدانة، بل بادرت فى سابقة كانت الأولى من نوعها بإنشاء إذاعة القرآن الكريم فى مارس عام ١٩٦٤، يقرأ فيها المصحف المرتل لمواجهة حملة التشويه الصهيونية ودحر مخططهم، وكانت البداية بالبث ١٤ ساعة يوميا، ثم طالبهم الرئيس جمال عبدالناصر بأن يكون البث طيلة الـ ٢٤ ساعة، وتقوية الإذاعة لتصل إلى أقصى عدد ممكن من الدول العربية والإسلامية فى آسيا وإفريقيا وشتى ربوع العالم.. كما تم طبع الملايين من المصاحف وإرسالها إلى جميع الدول الإسلامية، مع إرسال بعثات تضم أشهر المقرئين والمشايخ إلى تلك البلدان.
هكذا كانت مصر تنتفض عمليا لحماية مصالحها دون مجاملة ولا تردد..
■■ تذكرت هذا وأنا أطالع خبرا مفرحا جاء متزامنا مع الفرحة التى نعيشها بمناسبة افتتاح قناة السويس الجديدة، ولم يجد للأسف الاهتمام الإعلامى.
والخبر يقول: «مصر تسعى بمشروع لإصدار قرار برقابة دولية على منشآت تل أبيب النووية».. وأن المشروع المصرى جاء تحت عنوان «مقدرة إسرائيل النووية» ويطالب «دولة الكيان» بفتح منشآتها النووية أمام مراقبى الوكالة، ويدعو لعقد مؤتمر دولى لنزع أسلحة الدمار الشامل من الشرق الأوسط.
وسوف يتم طرح مشروع القرار للتصويت أمام المؤتمر العام لوكالة الطاقة النووية الدولية، الذى سيعقد فى منتصف شهر سبتمبر المقبل.
وفى المقابل وحسب ماورد فى صحيفة «هآرتس» الصهيونية أن «الكيان الصهيونى» قد بدأ حملة لإحباط المبادرة المصرية المرتقبة فى سبتمبر، وتم إرسال رسائل عبر سفاراتهم فى الدول الأوروبية وتبليغهم بأن «دولة الكيان» تتوقع منهم التصويت ضد مشروع القرار المصرى.
وحسب مصادر أن الرسائل تضمنت: «أن مشروع القرار منحاز وخاطئ بشكل أساسى ويهدف إلى صرف أنظار العالم عن المخاطر الحقيقية الكامنة فى انتشار السلاح النووى فى المنطقة، وأن الخطوة ستؤدى إلى تسييس وكالة الطاقة النووية الدولية والمس بالثقة المطلوبة لكل حوار إقليمى فى هذا الموضوع».
كما بعثت وزارة الخارجية ووكالة الطاقة النووية لدولة الكيان الصهيونى عددا من الرسائل إلى الدول الغربية التى تعتبر رئيسية فى التصويت على المشروع المصرى تتضمن مخاوفهما من نجاح مصر فى إصدار القرار، وعن خشيتهما أن تجد دولة الكيان صعوبة فى منع هذا القرار.. وفى هذا السياق أشارت «هآرتس» إلى أن مصر قد حاولت دفع قرار مشابه خلال مؤتمر «مراجعة اتفاقية منع انتشار الأسلحة النووية» قبل عدة أشهر، لكن القرار سقط بفضل الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا، إثر الضغط الذى مارسته دولة الكيان ورفْض مصر تخفيف حدة نص القرار.
■■ هذا الخبر المفرح عن مشروع مصر لتأمين المنطقة من الخطر النووى الصهيونى، والذى توارى إعلاميا رغم أهميته، يأتى تأكيدا على أن مصر التى عاشت زمنا انبطح فيه نظام كان يحكمنا لسنوات مسلوبة إرادته، خانعا طائعا لأوامر أمريكا الصهيونية، نظام ارتضى ووافق أن يوقع على معاهدة منع الانتشار النووى، فى الوقت الذى رفض الكيان الصهيونى التوقيع عليها وبدعم أمريكى.. هذا الخبر يقول ويؤكد أن زمن الانبطاح وفقدان الإرادة قد ذهب وولى، وأن مصر عادت كما كانت منذ سنوات طوال تمتلك سيادتها وتتخذ مواقفها التى تتفق ومصالحها.
■■ الخبر المفرح والذى يأتى أثناء فرحة كبرى «افتتاح قناة السويس الجديدة» لا يجب أن يتوارى إعلاميا، بل لا بد أن يسلط الضوء عليه إعلاميا بقوة، ليعرف به الشعب المصرى والشعب العربى وشعوب العالم..
ليعرف الجميع أن مصر «عادت شمسها الذهب».. أن مصر زمن العزة والفخار، مصر الستينيات.. مصر جمال عبدالناصر وزمن اتخاذ القرار لصالح الوطن قبل كل شىء عادت لنا من جديد..
■■ فأهلا بك يا زمن الفرحة..