الخميس 09 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

"الشكريون" انشقاق جديد يضرب "الإرهابية"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
دائما ما تكون عمليات الانشقاق داخل أى تنظيم يكون سببها الأساسى هو فشل التنظيم فى تحقيق أهدافه المعلنة، هذا بخلاف أسباب أخرى تؤدى إلى الانشقاقات.
والمنشقون الجدد من جماعة الإخوان الإرهابية مجموعة أطلقت على نفسها اسم «الشكريون»، وهو الانشقاق رقم ٧ منذ الإطاحة بالإخوان فى ٣٠ يونيو، و«الشكريون» هو اسم ينسب إلى شكرى مصطفى، زعيم جماعة التكفير والهجرة، التى ظهرت فى السبعينيات من القرن الماضى، وشكرى مصطفى وجماعته ما هم إلا مجموعة انشقت عن الإخوان أيضا، إذ أن شكرى مصطفى من تلاميذ سيد قطب، وحكم عليه بالسجن ١٠ سنوات فيما يعرف إعلاميا بتنظيم سيد قطب أو تنظيم ٦٥، وشكرى خريج كلية الزراعة، وكان يعيش فى السجن مع مجموعة أطلقت عليها مجموعة التكفيرين، أشهرهم محمد بديع المرشد الحالى لجماعة الإخوان، ومحمود عزت رئيس الجناح العسكرى لتنظيم الإخوان ومهندس العمليات الإرهابية داخل مصر، ومعهم محمد قطب أخو سيد قطب وصاحب كتاب «جاهلية القرن العشرين» الذى أسس فيه لتكسير الدول الإسلامية حكومات وشعوبا، ومعهم عبد المجيد الشاذلى الأب الروحى لجميع جماعات التكفير فى العالم، كداعش والقاعدة والناجين من النار...إلخ، ولكن زاد شكرى مصطفى على الجميع حتى حكم بكفر جماعة الإخوان، ووصل به الأمر إلى أنه قال بجواز وقوع أنبياء الله فى الكفر، ولكنهم يتوبون إلى الله، ويستدل بقوله تعالى «وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى» «سورة طه»، لأن فكر شكرى مصطفى يرى أن المعصية كفر، وهو فكر الخوارج الذين قتلوا الإمام على رضى الله عنه، وهكذا نرى حال ما وصلت إليه جماعة الإخوان على أيدى القيادات الرعناء الفاشلة، فمنذ ما يزيد عن ٨٠ سنة وقيادات هذه الجماعة فى كل أزمة تمر بها الجماعة يثبتون دائما أنهم مجموعة من الحمقى تعشش فى رؤسهم أفكار هى مجموعة من الأوهام والأمانى الهلامية التى لا علاقة لها بالواقع، فتسير هذه القيادات بالجماعة فى طريق الصدام غير الحسوب دائماً، وتدخل الجماعة إلى المهالك والبلاءات، وهى تظن بجحدها وغبائها أن البلاء مطلب شرعى، أو أن البلاء مطلوب لذاته، وهذا عكس مراد الشرع، لأن النبى صلى الله عليه وسلم كان دائما يستعيذ من البلاء، ودائما يسأل الله العافية، ولكن منذ متى وقيادات الإخوان تفهم الفهم الصحيح للشرع؟
حتى عندما وصلت جماعة الإخوان إلى غاية ما تصبو إليه، ألا هو حكم مصر، فشلوا فى كل شىء، حتى إنهم فشلوا فى زرع الطمئنينة فى قلوب المصريين، بما فيهم التيارات الإسلامية المخالفة لهم كالسلفين، ونجحوا فى زرع الرعب من حكمهم فى قلوب المصريين عندما ارتكبوا حماقة مذبحة الاتحادية، وهددوا المعارضين لهم بالقتل والتفجير، وعندما استعرضوا قوتهم فى الحشد الأول فى ميدان النهضة والحشد أيضا فى ميدان التحرير، فيما يعرف «بجمعة قندهار» فشلوا عندما اكتشف المصريون أن السفيرة الأمريكية «آن باترسون» مقيمة دائما فى مكتب الإرشاد بالمقطم أو بمكتب خيرت الشاطر بمصر الجديدة، فشعر المصريون بفطرتهم الذكية أن عملاء أمريكا وصلوا للحكم، والأمريكان يتمتعون ببغض شديد لدى الشعب المصرى، لأنه شعب ذكى لا تنطلى عليه الكلمات الدبلوماسية الجوفاء، ولكنه رأى بأم عينيه ماذا فعلت أمريكا فى العراق وسوريا، وقد دمرت البلدين بحجة نشر الديمقراطية، فضاق الشعب المصرى من ديمقراطية أمريكا التى تتطبق فى العراق وسوريا وليبيا، فاستشعر الشعب المصرى الخوف من علاقة أمريكا بالإخوان، وأنا شخصيا أشهد بأن آن باترسون، السفيرة الأمريكية فى القاهرة، دخلت مكتب الإرشاد بالمقطم الساعة العاشرة صباحا ولم تغادره إلا فى تمام الساعة الرابعة عصرًا عندما تم إعلان إقالة المشير طنطاوى، لأنه كان عقبة تنفيذ جماعة الإخوان للمخطط الشيطانى الذى وضعته إدارة أوباما لمصر فى ظل حكم الإخوان، وأولها تنازل الإخوان عن جزء من سيناء لصالح جماعة حماس الإخوانية التى تحكم قطاع غزة بالحديد والنار، وهو الأمر الذى اعترف به أوباما عند السؤال عن أسباب دعمه لحملة محمد مرسى ضد الفريق شفيق بمبلغ ٥٠ مليون دولار، والشكريون الجدد أحيوا فكر جماعة التكفير من جديد، لأنهم أعلنوا تكفير الإخوان وقيادات الإخوان الفاشلة، وهو عين ما فعله شكرى مصطفى مع تنظيم الإخوان فى السبعينيات من القرن الماضى، وطلب من أتباعه الهجرة إلى قلب الصحراء لبناء مجتمع إسلامي على حد زعمه، ولأنه تربى فى تنظيم الإخوان فهو تربى على رفض الآخر وإقصاء المخالفين، فقام بتأسيس مجموعة قتالية أطلق عليها اسم «الكتيبة الخضراء» لقتل وتأديب المخالفين له، وارتكبوا جرائم عديدة حتى وصل بهم الأمر إلى اختطاف عالم من علماء الأزهر، وهو «الشيخ الذهبى»، وقاموا بقتله فى إحدى الشقق المفروشة بحى الهرم حتى حكم على شكرى وخمسة معه أشهرهم «طارق عبد العليم»، وهو ضابط شرطة مفصول من الخدمة، والمسئول عن اختطاف وقتل الشيخ الذهبى، وحكم عليهم بالإعدام، وتم تنفيذ الحكم فى المجموعة، فما هو مصير الشكريون الجدد؟
وهكذا سوف تستمر الانشقاقات تضرب جماعة الإخوان، لأنها تنتقل من فشل إلى فشل، بسبب هذه القيادات الكارثية التى تولت قيادة الجماعة على مر تاريخها، والتى تتصف بصفات يدركها كل من اقترب منهم، أهم هذه الصفات المكتسبة للتساقط قصص الجهل والغرور وقصص الكبر واحتقار الآخرين، وعدم قدرتهم الدائمة على استيعاب الآخر، وعدم قدرتهم الدائمة على التقييم الصحيح للأمور، ففى يوم ٣٠ يونيو كان تقدير الإخوان أنه يوم وسوف يمر ولن يستجيب له الشعب، حتى نقلت السفيرة الأمريكية هذا التقدير الخاطئ للإدارة الأمريكية، وكان سبب الإطاحة بالسفيرة فى مصر، ولا يستطيع محلل أن يفسر لنا سبب هذا الجهل والغباء والكبر والغرور، ولكننى أذكر لذلك سببين، سبب إيمانى وهو الأهم وسبب دنيوى، أما السبب الإيمانى، فلم يكن الإخلاص لله جزءا من تفكير قيادات الجماعة، بل كان الإخلاص لصنم صنعوه ثم عبدوه من دون الله، ألا وهو صنم الجماعة أو التنظيم، فعندما انصرف إخلاصهم لغير الله نزعت عنهم ماعية الله، ومن يضلل الله فما له هاد... وكانت من أكبر الكوارث لهذه القيادات تربية أفراد الجماعة على الإخلاص لصنم الجماعة، وصوروا أن دين الإسلام هو جماعة الإخوان والخروج من الجماعة يعنى الخروج من الدين، وهكذا سوف يستمر مسلسل الخزى والخذلان.
أما السبب الدنيوى هو عدم الإخلاص للأوطان، فطول عمر جماعة الإخوان تعمل لتنفيذ أجندات استعمارية منذ تعاون حسن البنا مع الإنجليز والأمريكان، كما جاء فى كتاب «أيام مع الإمام»، فعندما اصطدموا بجمال عبد الناصر تعاونوا مع الإنجليز والأمريكان للتخلص من جمال عبد الناصر، وسبقت هذا الصدام زيارة لسعيد رمضان زوج بنت حسن البنا للبيت الأبيض للقاء الرئيس الأمريكى إيزنهاور، وعندما اصطدموا بالرئيس السورى حافظ الأسد كانوا عملاء للبعث العراقى ضد البعث السورى، وقبضوا ثمن ذلك، وعندما اصطدموا مرةً أخرى ببشار الأسد كانوا عملاء ووكلاء للأمريكان بحجة إقامة الديمقراطية فى سوريا على غرار ديمقراطية العراق والصومال، وعندما اصطدموا بالشعب المصرى ٣٠ يونيو كانوا عملاء للإسرائيلين والأمريكان، مما دفع النائب الأمريكى فرانك وولف بـأن يتقدم بطلب إحاطة ومذكرة قانونية للكونجرس، يطلب فيها التحقيق مع الرئيس أوباما ووزيرة الخارجية هيلارى كلنتون عن سبب دعمهما محمد مرسى الرئيس المعزول بمبلغ ٥٠ مليون دولار فى جولة الإعادة، بينه وبين شفيق.