السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

التقرير الوحيد الذي لا يستطيع مراقبته أو تكذيبه.. هشام جنينة في مصيدة زوجته الفلسطينية

المستشار هشام جنينة
المستشار هشام جنينة رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
التقرير الوحيد الذي لا يستطيع مراقبته أو تكذيبه
خاص.. أسماء 10 قتلى من عائلة قرينة رئيس «المركزى للمحاسبات» منتمون لـ«القسام»
دعوى قضائية أمام «محكمة خان يونس» برقم ١٠٠ لسنة ٢٠١٣ تتهمها بالاستيلاء على أراضٍ رقم جواز سفرها «27398060» صادر في 30 أكتوبر 2010 وسافرت إلى ألمانيا وفلسطين وتركيا حصلت على الجنسية عام 1989 بعد زواجها منه وليس من أمها

أسهل طريق يمكن أن أسلكه عند الحديث عن هشام جنينة، رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، أن أتهمه بالانتماء إلى جماعة الإخوان المسلمين، ولدىّ من الشواهد ما يؤكد ذلك.
ليس علىّ إلا أن ألقى أمامك الآن قرار الرئيس المعزول، محمد مرسي، تعيينه رئيسًا للجهاز المركزي للمحاسبات، ثم أقول لك إن هذا القرار جاء ضمن خطة «أخونة الدولة» التي سعت الجماعة إلى تنفيذها وما زلنا نعانى آثارها إلى الآن.
أستطيع أن أستسلم لهذا التفسير، وبين يدىّ بلاغ تحقق فيه نيابة أمن الدولة العليا يتهم الرجل بتسريب وثائق الجهاز الخاصة بأجهزة سيادية وجهات رفيعة إلى قناة «الجزيرة» القطرية، غير أنني لن أفعل.
بعد عزل الرئيس الأسبق، محمد مرسي، بدا هشام جنينة عاريًا، فأخذت السهام توجه إليه، واختار هو - بعد فترة - أن يخرج إلى العلن ليطلق قنابله نحو الجميع، قائلًا:"إذا كان «مرسي» اختارني رئيسًا لـ«المركزى للمحاسبات» كونى إخوانيًا فعبد الفتاح السيسي «إخواني» بنفس المنطق".
تارة يتهم أجهزة الدولة، خاصة وزارة الداخلية، بالفساد، وأخرى يصف وسائل الإعلام الداعية إلى البحث في خلفيات رجل يشغل موقعًا حساسًا في الدولة بـ«العمالة لأعدائه».
كان ما كشفه الزميل أحمد باشا، نائب رئيس تحرير مجلة «روز اليوسف» عن الجنسية الفلسطينية لزوجة «جنينة»، وانتماء بعض أصهاره إلى كتائب عزالدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس صادمًا.
أن يتهم رئيس أهم جهاز رقابي بالإخلال باشتراطات وظيفته والتورط في الإضرار بالأمن القومي للبلاد فالأمر جد خطير.
بقي «جنينة» صامتًا أمام «سيل المعلومات»، قبل أن يخرج السبت الماضي بحوار مع الزميلة «المصري اليوم»، متحدثًا عن القضية.
اتهم وزيرا حاليا - على خلاف معه - بالوقوف وراء الحملة الأخيرة، وتحدث عن تلفيق قضية تخابر له من قبل جهات حكومية، وعن رجل أعمال يموّل الحملة الإعلامية ضده لمنع فتح ملفات فساده.
لم يكن هشام جنينة شجاعًا بما يكفى ليفصح عن أسماء أعدائه وإنما اكتفى بـ«التعريض بهم».
بدا غاضبًا فأخذ يوزع الاتهامات والأكاذيب أيضًا، فكان لنا أن ندخل معه على خط المواجهة استنادًا إلى معلومات جديدة تجمعت لدينا.

■ ■ ■
حينما خرجت إلى النور تقارير حول الجنسية الفلسطينية لزوجة هشام جنينة كان النفي حاضرًا، والاتهامات بـ«العمالة لأجهزة أمنية تكره الرجل» جاهزة.

في حواره مع «المصري اليوم» اعترف بالجنسية الفلسطينية لزوجته: «لا أفهم كيف يعتبر البعض الزواج من فلسطينية جريمة، مع العلم أن زوجتي من أب فلسطيني وأم مصرية، وجميعهم عاشوا على تراب هذا الوطن، وحصلت على الجنسية المصرية».

ما الذي يخفيه هشام جنينة؟
ولدت السيدة وفاء محمد حسن جابر قديح، زوجة هشام جنينة، في الخامس عشر من أكتوبر لعام ١٩٦١، بمحافظة الشرقية، لأب فلسطيني، وأم مصرية، وتخرجت في كلية التجارة جامعة الزقازيق.

أراد أن يقول لنا - على غير الحقيقة - إن زوجته حصلت على الجنسية المصرية من أمها، بينما الأوراق الرسمية تقول إنها ظلت فلسطينية الجنسية حتى زواجه منها، وكان ذلك في عام ١٩٨٩.

غاب عنه أن القانون رقم ٢٦ لعام ١٩٧٥ بشأن الجنسية المصرية الذي ينص على أن «من ولد لأمٍ مصرية فهو مصري»، استثنى الفلسطينيين من التطبيق، بناءً على طلب للرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات.

وفى العام ٢٠٠٤ أُقر قانون الجنسية المصرية رقم ١٥٤، الذي بمقتضاه يحق لأبناء الأمهات المصريات المتزوجات من أجانب الحصول على الجنسية المصرية، إلا أنه عاد واستثنى الابن لأب فلسطيني، بناءً على توصية من جامعة الدول العربية.

من هذه النقطة لم يكن صادقًا، فلم تحصل زوجته على الجنسية من أمها، بل بعد زواجها منه.

في مساحة الحديث عن انتماء أفراد من عائلة زوجته إلى كتائب القسام الجناح العسكري لحركة «حماس»، وأطياف من «السلفية الجهادية» قال: «أقارب زوجتي لا علاقة لهم من قريب أو بعيد بحركة حماس».

وفق ما هو متوفر من معلومات فإن عائلة «قديح» من أكبر العائلات في المنطقة الشرقية من خان يونس، ويزيد عدد أفرادها على ٥ آلاف مواطن.

بين يدىّ الآن بيانات متكاملة حول انتماء عدد من أفراد عائلة زوجة هشام جنينة إلى «كتائب القسام»، وأسماء من قتلوا منهم.

الأول هو القائد الميداني في كتائب القسام، باسم سالم قديح، وقتل في ٢١ مارس ٢٠٠٤، والثاني جهاد فوزى قديح، وقتل في ١ ديسمبر ٢٠٠٧، والثالث رأفت أحمد قديح، وقتل في ٢٧ ديسمبر ٢٠٠٨، والرابع عبدالرحمن عبدالله قديح، وقتل في ١٠ ديسمبر ٢٠٠٦، والخامس نائل فوزى قديح، وقتل في ١٢ أكتوبر ٢٠٠٦، والسادس صلاح الدين رشاد قديح، وقتل في ١٠ ديسمبر ٢٠٠٦، والسابع إسماعيل سليمان قديح، وقتل في ٣٠ أكتوبر ٢٠٠٧، والثامن سالم حمدان قديح، وقتل في ٢٤ مايو ٢٠٠٦، والتاسع سناء عبد الهادي قديح، وقتلت في ٢١ مارس ٢٠٠٤، والعاشر جاسر جبر قديح، وقتل في ٢٢ ديسمبر ٢٠٠٨.

تحدث هشام جنينة في حواره عن سفريات زوجته وأفراد من عائلتها إلى غزة: «هذا طبيعي، فالأقارب يقومون بالتردد على أسرهم هناك، يعنى من لهم أصول صعيدية في مصر لا يقومون بزيارتهم، رايحين يصلوا الرحم ويتواصلوا مع بعض، واللى عنده شيء خلاف ذلك يتوجه به إلى جهات التحقيق، وأضيف أنني قمت بمرافقة زوجتي وأسرتها لدفن والدها بمقابر الأسرة هناك في ديسمبر ٢٠١١ بناء على وصيته، بعد استصدار الموافقات من الأجهزة الأمنية المختصة آنذاك، وبعلم هذا الأجهزة، وذلك قبل تعييني رئيسًا للجهاز المركزي للمحاسبات، وحينها كنت أشغل منصب رئيس محكمة استئناف بالقاهرة».

بحسب المعلومات، فإن زوجة هشام جنينة لديها جواز سفر برقم «٢٧٣٩٨٠٦٠»، صادر من مصر الجديدة بتاريخ ٣٠ أكتوبر ٢٠١٠.

وسافرت وفاء قديح إلى فلسطين بتاريخ ٢٣ يناير ٢٠١٣ والعودة بتاريخ ٨ أكتوبر ٢٠١٤، والكويت، وألمانيا، وتركيا في ٢٠١٤.

من حقنا أن نسأل هشام جنينة عن هذه السفريات، وماذا فعلت زوجته طوال هذه المدة في فلسطين، وسر وجودها في تركيا.

■ ■ ■
سُئل هشام جنينة في حوار «المصري اليوم»: «ما تفسيرك لهذا الهجوم عليك في التوقيت الحالي؟»، فأجاب: «لدىّ معلومات أن البعض يحاول تلفيق اتهام لي بالتخابر مع حماس، هناك أصابع خفية تسعى إلى تدبير مكيدة لي بعد انتهاء هذه الحملة الإعلامية الشرسة، يتم الإعداد لهذه القضية الملفقة الآن، لكن ثقتي أن العدالة ستأخذ مجراها ضد هؤلاء كبيرة، فهذه الحملة يمولها رجال أعمال على علاقة بوزير مسئول حاليًا يستغل منصبه في الحصول على بيانات خاصة بأسرتي من خلال علاقته ببعض القيادات الأمنية واستخدام بعض الإعلاميين لحشد الرأي العام ضدي، وذلك بقصد ترهيبي عن ملاحقة وكشف قضايا فساد طالت بعضهم وسيأتي الوقت قريبًا للكشف عنها».

أعادت الزميلة السؤال مرة أخرى: «من تعتقد أنه يقف وراء انتشار مثل هذا الكلام في وسائل الإعلام؟»، فرد: «أعتقد أن من يقف وراء هذه الحملة بعض رجال الأعمال الذين تربطهم علاقة بوزير حالي يستغل بعض القيادات الأمنية، ويتم ترويج هذه الأكاذيب من مجموعة من الإعلاميين المأجورين، الذين مع الأسف يسيئون إلى الغالبية العظمى من الإعلاميين الشرفاء، وهؤلاء معروف عنهم التكسب على حساب الطعن في سمعة المواطنين وشرف العائلات، ويعطون لأنفسهم الحق في منح صكوك الوطنية والولاء للوطن، فضلًا عن أنني لم أستعمل سلطة وظيفتي لبيع الأراضي المملوكة للدولة والمخصصة للمنفعة العامة لأي من أقارب زوجتي كما فعل هذا الوزير، وأطالب الأجهزة التي أمدته بالمعلومات عن حياة أسرتي الخاصة بأن تتحرى عن ذمته المالية وتطبيق الكسب غير المشروع حتى يترسخ لجموع الشعب أنه لا أحد فوق القانون ولا يحتمى أحد بمنصبه».

أجاب الرجل عن أسئلة «المصري اليوم» على طريقة «الرداحين» فأخذ يُعرض بوزير حالي دون أن يذكر اسمه.

لماذا لا يكون هشام جنينة شجاعًا؟
معروف للجميع أنه يقصد المستشار أحمد الزند، وزير العدل، أما القضية فكانت الحديث عن قيام نادي القضاة ببيع قطعة أرض مملوكة لنادي قضاة بورسعيد لابن عم زوجة المستشار أحمد الزند، رئيس مجلس إدارة نادي قضاة مصر السابق.

وبينما كان رئيس «المركزي للمحاسبات» يشكو تلفيق اتهامات ضده تورط هو الآخر في تلفيق اتهامات ضد «الزند».

سألت مصدرًا قضائيًا عن أصل «قضية بورسعيد» فقال لي: «بعد إثارة الأزمة جرى تشكيل لجنة من قبل محكمة الاستئناف لمعرفة صحة المستندات، وبعد التأكد من صحة ملفات البيع والشراء عن طريق المزاد العلني تم حفظها».

بداية هذه القضية كانت في عام ٢٠٠٠ عندما منحت محافظة بورسعيد نادي القضاة قطعة أرض لتكون مقرًا للنادي بالمحافظة.

بقيت الأرض خالية، لأن مساحتها صغيرة على بناء ناد للقضاة، فشرعت المحافظة في استردادها، وأقيمت دعوى للحصول عليها مرة أخرى، لكن النادي رفض ذلك، لأن الأرض كانت بيعًا وشراءً من المحافظة.

بسبب صغر حجم الأرض، أراد النادي أن يبيعها ويستثمر أموالها فيى الحصول على أرض أكبر.

وافق مجلس إدارة نادي القضاة بالإجماع على مبدأ البيع، فيما عدا عضوين امتنعا عن التصويت.

بدأت إجراءات البيع، وسحب أشخاص كرأسة الشروط، وأحدهم قدم سعرا مناسبا فحصل عليها.

تجاهل رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات هذه التفاصيل، وألقى بالاتهام دون وجه حق.
هل بقى شيء؟.

أمام محكمة خان يونس دعوى قضائية أقامها المواطن الفلسطيني عبدالكريم عبدالمجيد شحادة أبودقة، بتاريخ ١١ سبتمبر ٢٠١٣، ضد السيدة وفاء محمد حسن قديح، زوجة هشام جنينة.

تقول الدعوى التي تحمل رقم ١٠٠ لسنة ٢٠١٣، إن زوجة هشام جنينة تورطت في عملية استيلاء على قطعة أرض مملوكة للمواطن الفلسطيني عبدالكريم أبودقة دون وجه حق.

نحن إذن أمام تجسيد كامل لـ«باب النجار مخلع»، فالرجل الذي يتهم وزيرًا بتسهيل استيلاء أقارب زوجته على أراض مملوكة للدولة، تنظر محكمة بدولة فلسطين دعوى تتهم زوجته نفسها بالاستيلاء على قطعة أرض مملوكة لمواطن.

■ ■ ■
مع اشتداد الحملة ضده بدأ هشام جنينة التفكير بأسلوب جديد، إذ تقدم بطلب إلى المجلس الأعلى للصحافة للحصول على ترخيص بإصدار مجلة تصدر عن الجهاز، تحت اسم «الرقابة الشاملة».

حصل «جنينة» على الترخيص بالفعل، وتجرى الآن الاستعدادات لإصدارها، عبر مجموعة من الصحفيين أشرف «جنينة» على اختيارهم بنفسه.

كانت هذه المعلومة ملفتة بالنسبة لي، فوفق ما أعرفه ليست لدينا إصدارات صحفية عن جهات رقابية بالدولة.

مصادر بالجهاز المركزي للمحاسبات فسرت إقدام «جنينة» على إصدار مجلة «الرقابة الشاملة» برغبته في تشكيل «لوبي» من الصحفيين يكون عونًا له ضد الحملات الإعلامية ضده.

وتحذر المصادر من نشر تقارير سرية خاصة بالجهاز في هذه المجلة، أو استخدامها في الهجوم على مؤسسات بالدولة، معتبرة أن هذه الخطوة بمثابة إهدار للمال العام، فليس للأجهزة الرقابية أن تصدر مجلات أو صحفًا.

الخطوة الثانية تمثلت في خطاب تقدم به رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات إلى اتحاد الإذاعة والتليفزيون يطلب فيه الحصول على نسخة لشريط فيديو للقاء جمع والده المستشار أحمد جنينة والرئيس الراحل أنور السادات.

يريد «جنينة» بالحصول على هذا الشريط الرد على كون عائلته «إخوانية»، فإذا كان والده إخوانيًا فلماذا التقاه «السادات»، خاصة أن هذه المقابلة تمت بعد الأزمة بين الرئيس والجماعة.

أما الخطوة الثالثة فكانت دفع الشئون القانونية بالجهاز المركزي للمحاسبات لتحريك دعاوى قضائية ضد مجموعة من الصحف والإعلاميين، نشروا معلومات مؤخرًا حول جنسية زوجته.

C.V

ولد هشام أحمد فؤاد جنينة في ١٩٥٤، في مدينة المنصورة محافظة الدقهلية.
تخرج في كلية الشرطة دفعة ١٩٧٦، وبدأ العمل ضابطًا في مديرية أمن الجيزة ثم انتقل للعمل في النيابة العامة حتى أصبح قاضيًا.

كان عضوًا في عدة مجالس لنادي القضاة، وخسر في انتخابات منصب رئيس النادي أمام المستشار أحمد الزند عام ٢٠١٢.

أصدر الرئيس المعزول محمد مرسي قرارا جمهوريا في ٦ سبتمبر ٢٠١٢ بتعيينه رئيسًا للجهاز المركزي للمحاسبات، وكان قبلها رئيس محكمة في استئناف القاهرة.