الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

مفكر سوري: لا علاقة لـ"اللوح المحفوظ" بأعمال البشر

"شحرور" أوقع علماء "الأزهر" فى فخ "الجبرية" (2)

المفكر الإسلامي محمد
المفكر الإسلامي محمد شحرور
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
«الفرقان» هو «الوصايا العشر» وجزء من «أمّ الكتاب».. وعدد محرمات الإسلام 14 فقط
بمجرد أن فتح المفكر الإسلامي محمد شحرور، المصحف، قرأ فى مطلع سورة «البقرة» قوله تعالى «ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين»، وعندما وصل فى نفس السورة إلى قوله «شهر رمضان الذى أُنزل فيه القرآن هدى للناس»، وقف بعقليته كدكتور فى الهندسة، أمام معادلة رياضية، مفادها أنه بما أن المتقين هم من الناس، وبما أن الناس ليسوا جميعا متقين، إذن فخطاب الكتاب خصوصى وخطاب القرآن عمومي، وهذا يعنى أيضا أن «الكتاب» شيء و«القرآن» شيء آخر، وهو ما يتسق مع ما توصل إليه سابقا من خلال اطلاعه على علم اللسانيات، وهو أنه لا يوجد «ترادف» فى أية لغة، بما فى ذلك العربية.
من هنا قرر شحرور أن يكون كتابه الأول بعنوان «الكتاب والقرآن.. قراءة معاصرة»، وفيه شرح الطريقة التى تتبع بها مصطلحات مثل «الكتاب» و«تفصيل الكتاب» و«القرآن» و«الفرقان» و«الذكر» فى سياقاتها المتعددة، ليتوصل فى النهاية إلى أن لكل من هذه المفردات دلالة منفصلة، فـ«الكتاب» هو كل ما فى المصحف، فى حين أن «الذكر» هو صيغته المنطوقة.
آيات الكتاب بحسب ما تراءى لشحرور، تنقسم إلى نوعين، الأول آيات تكليفية من الله للمؤمنين فى إطار القيم والتشريعات والشعائر، ومنها آيات «الفرقان» التى تحمل التكليفات الأساسية، وهى ببساطة تلك التى وردت فى الآيات (١٥١- ١٥٢- ١٥٣) من سورة الأنعام و(٢٣-٢٤) من «النساء» و(٣) من «المائدة» و(٢٧٥) من «البقرة» و(٣٣) من «الأعراف»، وعددها ١٤ تكليفا هى «١- ألا تشركوا به شيئا ٢- وبالوالدين إحسانا ٣- ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم٤- ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن ٥- ولا تقتلوا النفس التى حرم الله إلا بالحق ٦- ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتى هى أحسن حتى يبلغ أشده٧- وأوفوا الكيل والميزان بالقسط ٨- وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى ٩- وبعهد الله أوفوا ١٠- حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم (إلى آخر محرمات النكاح) ١١- حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير (إلخ) ١٢- وأحل الله البيع وحرم الربا ١٣- والإثم والبغى بغير الحق -١٤ وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون.
ولم يرغب شحرور أن يخرج من هذه النقطة، قبل أن يقدم تأويلا مثيرا للجدل كالعادة، مفاده أن هذه فقط هى محرمات الإسلام، وما دونها يدخل فى إطار النهى أو التوصية بالاجتناب، إذ بدأت بقوله تعالى «قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم»، وقد جاء بأغلبها الرسل السابقون على محمد، والدليل على ذلك أن الله ذكر أنه آتى «الفرقان» لموسى.
النوع الثانى من آيات الكتاب، بحسب رؤية الدكتور شحرور، هى آيات خبرية، لا يملك الشخص حيالها إلا أن يصدقها أو لا يصدقها، لأنها ببساطة عبارة عن غيبيات، وهذه الغيبيات بدورها تنقسم إلى نوعين، أولهما المعلومات الخاصة ببداية الكون ونواميسه ثم فنائه، وهى موجودة فى «اللوح المحفوظ»، وثانيهما الأحداث التاريخية منذ آدم وحواء مرورا بجميع قصص الأنبياء والرسل، وصولا إلى ما واجهه محمد نفسه من مواقف، وهى موجودة فى «الإمام المبين».
ويقلب هذا الفهم المغاير تماما للمصطلح، الطاولة على من يعتبرون «اللوح المحفوظ»، السجل الذى كتب الله فيه كل كبيرة وصغيرة منذ بداية الخلق وإلى نهاية الكون، بما فى ذلك أعمال الناس وأعمارهم وأرزاقهم، وهو ما نفاه شحرور جملة وتفصيلا، ودخل فى جدالات حادة وواسعة مع مفكرين بارزين من علماء الأزهر، بينهم الدكتور عبد المعطى بيومي، والدكتور عبدالصبور شاهين، وأوقعهم فى فخ «الجبرية»، مقدما حجة منطقية مفادها أن تحديد أعمال الشخص، يتنافى مع فكرة العدل المطلق لله، فى ظل الإيمان بالثواب والعقاب فى الآخرة.
المفاجأة الأكثر إثارة للجدل التى قدمها شحرور فى هذا الصدد، هى قوله بأن «القرآن» هو فقط آيات الغيبيات، وقد اكتسب مسمى «قرآن» من الجذر اللغوى «قرن» وليس «قرأ»، لأنه قرن بين «اللوح المحفوظ» و«الإمام المبين».
ومن ناحية أخرى، قسم شحرور الآيات إلى «المحكمات» و«تفصيل الكتاب» و«المتشابهات»، أما المحكمات فهى الآيات التكليفية ومنها آيات «أم الكتاب» التى وردت فيها المحرمات مجملة، وأما تفصيل الكتاب، فواضح أنها الآيات التى تناولت بالشرح ما سبقت الإشارة إليه فى الآيات المحكمات.
وأما المتشابهات فهى آيات القرآن من قصص ومعلومات، وهى تخضع للتأويل المتجدد وفقا للسقف المعرفى الذى تصل إليه الإنسانية، وكذلك «السبع المثاني» التى فجر شحرور مفاجأة، بقوله إنها هى الأحرف المقطعة التى وردت كآيات منفصلة فى مطالع السور، وهى «الم- المص- كهيعص- طه- يس- طسم- حم»، ويتكون مجموع هذه السبعة من ١١ مقطعا صوتيا، وهى أقل عدد مقاطع صوتية فى لغات أهل الأرض.
وعلى الرغم من أن هذه التقسيمات تبدو للوهلة الأولى اجتهادات فى أمور ربما تحتمل التأويل، فإن شحرور اعتمد عليها بعد ذلك ليقدم أفكارا مغايرة تماما لما هو سائد عن مصطلحى «الإسلام» و«الإيمان»، وكيفية استنباط الأحكام الفقهية، والموقف العام من السنن المأثورة عن النبى محمد.