الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

أين ضمير العالم؟!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فى الثالثة فجرا، كان كل شيء قد جرى إعداده، مجموعة من المستوطنين الصهاينة، تجردوا من كل المشاعر الإنسانية، كانوا قد أعدوا العدة للهجوم على منزل عائلة الدوابشة فى قرية دوما جنوب مدينة نابلس فى شمال الضفة الغربية. 
أربعة مستوطنين، وزعوا أنفسهم، حول المنزل المستهدف، وفى لحظة واحدة ألقوا بالمواد الحارقة على المنزل من كافة الاتجاهات، اشتعلت النيران سريعا، زحفت على أرجاء المنزل لتحاصره، لم يشعر النائمون بها إلا عندما راحت تلامس أجسادهم، ثلاثة من أفراد عائلة الدوابشة أصيبوا بجروح خطيرة نتيجة الهجوم، الأب والزوجة والطفل البالغ من العمر ٤ سنوات 
كانت النيران قد أمسكت بالمنزل، وكان التيار الكهربائى مقطوعا فى هذا اليوم، استطاع الأب أن ينقذ أحد ابنيه، إلا أنه راح يبحث عن الطفل الأصغر « علي» والبالغ من العمر عاما ونصف، ولكنه لم يتمكن، ظل يصرخ والنيران تحاصره من كل اتجاه، أين أنت ياعلى، لكن على لا يرد، اضطر الأب أن يخرج من داخل منزله بصعوبة، بعد أن أصيب بحروق شديدة، تلعثمت الكلمات، وهو يرى نجله يحترق داخل الفرن الذى اشتعل فحول المنزل إلى خراب فى أقل من دقائق معدودة. 
تجمع الأهالى من كل حدب وصوب، كان الصهاينة قد كتبوا بالعبرية شعارات على الحائط تقول «يحيا الانتقام»، كانت تلك واحدة من عمليات ما يطلق عليه «تدفيع الثمن» التى يقوم بها المستوطنون، قاصدين من ورائها تخريب ممتلكات الفلسطينيين والانتقام منهم، كانت قوات الاحتلال الإسرائيلى تراقب الموقف، لكنها ادعت عدم علمها بتطورات ما حدث. 
رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو أصدر بيانا فى أعقاب الحادث، حاول فيه إخلاء مسئوليته، عبر فيه عن صدمته واعتبر أن ما جرى هو عملية إرهابية مرفوضة، وطلب من أجهزته الأمنية سرعة القبض على القتلة، كلام هو أقرب إلى الهزل، فالكل يعرف أن نتنياهو هو الراعى الرسمى للإرهاب فى الأرض المحتلة، وأن قواته تعرف جيدا من هم القتلة، وقد سمحت لهم بالتسلل فجرا لارتكاب جريمتهم البشعة. 
اهتز الوجدان الفلسطيني، وعم السخط الأراضى الفلسطينية، وأصيب الرأى العام بالصدمة من جراء وخسة ما حدث، وحمل الرئيس الفلسطينى الحكومة الإسرائيلية المسئولية كاملة عن الجريمة الشنعاء، وذكر نبيل أبوردينة المتحدث باسم الرئاسة، العالم بحرق الطفل الفلسطيني محمد أبوخضير على يد الصهاينة منذ فترة، وقال إن ما جرى ليس بجديد.
من جانبه قرر الرئيس أبومازن التقدم بهذا الملف إلى المحكمة الجنائية الدولية باعتبارها جريمة حرب وأكد أن إسرائيل حتما ستدفع الثمن. 
لقد حذر أبومازن أكثر من مرة من السلوك الإسرائيلي لجيش الاحتلال والمستوطنين، واعتداءاتهم المستمرة ضد الفلسطينيين، وطالب المجتمع الدولي بضرورة التحرك سريعا لوضع حد للاعتداءات المستمرة ضد الأبرياء، إلا أن العالم لم يعد يرى إلا ادعاءات إسرائيل الكاذبة، وأمنها المستباح، محملا القيادة الفلسطينية المسئولية عن انهيار الأوضاع. 
ولم يسلم الرئيس الفلسطينى نفسه من اتهام ليبرمان له بالإرهاب، حيث أصبح أبومازن هدفا للمتطرفين، وسبق تحذيره من خطورة تحركاته على الساحة الدولية ولجوئه للأمم المتحدة والمنظمات الدولية. 
لقد أصبح العالم الآن أمام اختبار كبير، فالجريمة الإسرائيلية تكشف عن طبيعة وحقيقة ما يجرى فى فلسطين، فهل يتحرك العالم، وهل تتحرك الجامعة العربية، أم أن ما جرى سيلحق بوقائع جرت فى أوقات سابقة، وكان الشعب الفلسطينى سيظل يدفع الثمن إلى آخر العمر.!