الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

لماذا هذا الصمت العربي؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
من المفترض أن تكون للعرب المعنيين وقفة جماعية إزاء تغيير الاتجاهات الأخيرة في تركيا، والاتفاق مع أمريكا على منطقة عازلة بعرض خمسين كيلومترًا وطول تسعين كيلومترًا، أعلن الطرفان أنها ستكون «نظيفة» من «داعش»، مراعاة للروس والإيرانيين، مع أنها في الحقيقة ستكون مجالًا حيويًا للمعارضة «المعتدلة» وبغطاء جوى أمريكى وتركى، وستكون للاجئين السوريين الذين سيتم نقل مخيماتهم من الأراضى التركية إلى الأراضى السورية.
إن هذا يعتبر أهم تحول يطرأ على الأزمة السورية في قرابة الخمسة أعوام الماضية، ويبدو أن هذا التحول قد يكون بداية ترجمة للإستراتيجية الجديدة التي قالت صحيفة «وول ستريت جورنال» إن إدارة الرئيس باراك أوباما ستبدأ تنفيذها بعد توقيع اتفاقية النووى مع إيران، للتعاطى مع قضايا الشرق الأوسط الملتهبة.
ولذلك فإنه لا يجوز أن يبقى العرب المعنيون يتفرجون على «الآخرين» وهم يتلاعبون بمنطقتهم ويتحدثون عن أنه لابد من إيجاد مدخل لإيران على أي حل للأزمة السورية والأزمة اليمنية والوضع المتشظى في العراق، وهم ربما يلجئون إلى الاتفاق على «سايكس بيكو» جديدة لتمزيق الوطن العربى أو بعضه أكثر مما هو ممزق!
لا اعتراض إطلاقًا على أن تكون تركيا لاعبًا رئيسيًا في الأزمة السورية طالما أنها دولة ملاصقة ومجاورة، وأن حدودها مع سوريا تزيد على ٨٠٠ كيلومتر، وأنها تستضيف نحو ثلاثة ملايين لاجئ سورى، وأن الأكراد السوريين الذين يرتبطون بتبعية تنظيمية مع حزب العمال الكردستانى - التركى P.K.K الذي اعتبره الأمريكيون قبل يومين تنظيمًا إرهابيًا، إضافة إلى مشكلة «داعش»، ومشكلة محاولات بشار الأسد التلاعب طائفيًا في الساحة التركية.
إن الاعتراض هو على أن يبقى العرب، الذين من المفترض أنهم معنيون، ينؤون بأنفسهم عن مستجدات الوضع على الحدود السورية الشمالية، فتغيير الأمريكيين مواقفهم السابقة بالنسبة للمناطق العازلة ومناطق حظر الطيران السورى يقتضى تحركًا عربيًا عاجلًا، ومراجعة لأحوال الحدود السورية الجنوبية، ووحدة موقف مما قاله بشار الأسد في خطاب «الوداع الأخير»، وأخطره اعتبار من لم يقاتل معه ليس سوريًا، واعتبار أن سوريا لكل من يدافع عنها، أي يدافع عنه هو، بغض النظر عن جنسيته.
وهذا يعنى أن هناك «سايكس بيكو» جديدة، لكن بدون وزير الخارجية الفرنسى، ووزير الخارجية البريطانى، وأن هناك نية لتجنيس واسع النطاق للإيرانيين، ولكل منتسبى عشرات الشراذم الطائفية والمذهبية التي استُقدمت من كل أرجاء الكرة الأرضية، وأن هناك تجريدًا لغالبية أبناء الشعب السورى من جنسياتهم السورية، ولذلك فإنه لابد من وقفة عربية عاجلة، والتفاهم مع الأتراك والأمريكيين والروس على الحل الذي يجنِّب هذا البلد العربى المحورى مخاطر التشظى والانقسام.. والحل هو في «جنيف١»، التي أحبطتها موسكو في جنيف الثانية.
نقلا عن جريدة «الجريدة» الكويتية