الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

سر "الأمونيا" السامة التي أدت لنفوق أسماك رشيد.. "المالكي": السبب تلوث المزارع السمكية التي تستخدم مخلفات الدواجن.. "عبد الدايم": سببها مصانع كفر الزيات.. و"أبو النصر": المشكلة في النيتروجين

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بعد حادثة نفوق عشرات الأطنان من الأسماك في فرع رشيد بمحافظة البحيرة، وتأكيد التقارير الحكومية المبدئية أن السبب يرجع لارتفاع نسبة "الأمونيا" (غاز النشادر) في المياه، تحققت "البوابة نيوز" من خبراء الأسمدة والمبيدات والمياه في الواقعة لمعرفة سبب وجود الأمونيا في المياه وتأثيرها على صحة الإنسان والأحياء المائية.
الخبراء أكدوا أن السبب في زيادة الأمونيا يرجع إلى المصانع الموجودة بكفر الزيات، والتي تغسل أدواتها وأجهزتها في مياه النيل، إضافة إلى صرف مخلفاتها في المياه كذلك، فيما أشار آخرون إلى استخدام الأعلاف ومخلفات الدواجن "السبلة" في المزارع السمكية المحطية ببحيرة إدكو، ثم صرف مخلفات المزارع في البحيرة.
بينما لفت رأي ثالث أن استخدام الأسمدة النيتروجينية في الزراعة قد يزيد من نسبة الأمونيا في المياه نتيجة صرفه مع المجاري المائية، لكن الخبراء أكدوا جميعا على سمية عنصر الأمونيا وخطورته على الإنسان والأحياء المائية.



في البداية قال الدكتور خليل المالكي، أستاذ المبيدات بمركز البحوث الزراعية ورئيس لجنة مبيدات الآفات الأسبق بوزارة الزراعة، إن منطقة رشيد بها بحيرة إدكو، وهى بحيرة بها نسبة عالية من التلوث نتيجة عدم الوعى والإهمال في التفتيش، مشددا على ضرورة المتابعة الدورية والحملات التفتيشية على البحيرات كلها بلا استثناء، لأن بحيرة ادكو بها نسبة تلوث عالية كما حدث عليها تعديات بالردم والبناء.
ويتابع المالكي، لـ"البوابة نيوز": "لدينا بحيرة قارون أيضا ويصب فيها كل الصرف الصحي في مدينة الفيوم التي تخلو من وجو محطة للصرف الصحى، وهذه البحيرات فيها أنواع من الأسماك المتميزة، فبحيرة قارون بها سمك موسى وهو من أفضل الأنواع لكن بها كم كبير من التلوث، لذا يجب مراجعة كل الفتحات المفتوحة على النيل من المصانع ومراجعة مصنع أبو قير، وهل يصب مخلفاته في بحيرة إدكو أم لا، لأنه لو حدث ذلك سيكون أكبر مصدر للأمونيا، لأن صناعة الأسمدة في أبوقير تعتمد على الأمونيا".
ولفت المالكي إلى أنه "لا يمكن أن نتهم المبيدات والأسمدة الزراعية فقط بتلويث النيل، فطول عمرنا نستخدم الأسمدة الزراعية في الأراضي ولا يتلوث النيل".
واستطرد المالكى: "بحيرة ادكو حولها مزارع وبها مزارسع سمكية ومؤكد انها هي مصدر للامونيا، لأن معظم مزارع السمك لا تهتم بنظم التغذية الأمنة فيقومون بالتغذية بسبلة الكتكو، وهى فضلات الدواجن وهذه نسبة الأمونيا بها عالية جدا، وصاحب المزرعة عندما يقوم بتغيير مياه المزرعة يلقيها في البحيرة ليجدد مياه مزرعته وهذا خطير جدا، فمزارع الأسماك لا بد أن تكون في مناطق بعيدة عن البحيرات مثل سهل الطينة وشرق التفريعة، حيث نسبة الملوحة عالية، وهنا المزارع السمكية تنتج سمك من ناحية ومن ناحية أخرى تحسن خواص التربة لفصلها عن أملاحها".
وانتقد المالكي الحكومة، قائلا: "ليس لدينا حكومة واعية، ولا يوجد نظرة شاملة للأزمة، فلا بد من قيامها بحملة ازالة التعديات على النيل والبحيرات واتخاذ قرارات حاسمة في هذا الشأن".




من جانبه، أوضح الدكتور صفوت عبد الدايم، الأستاذ بالمركز القومي لبحوث المياه، والأمين السابق للمجلس العربي للمياه، أن نفوق الأسماك في منطقة رشيد يتكرر كل عام، معتقدا أن ورءها بعض المصانع الموجودة في كفر الزيات والتي تستخدم الأمونيا والنشادر وتقوم بغسيل الأجهزة والمعدات بها وصرفها مباشرة على النيل فيزداد تركيز الأمونيا في المياه، مشددا على أنها ضارة جدا على الأحياء المائية.
وأضاف عبدالدايم، لـ"البوابة نيوز"، أن استخدام الأسمدة الأزوتية في الزراعة لم يثبت زيادة الأمونيا في المياه، لكن الصرف الصحي في الدلتا قد يصب في النيل، والسبب الأكيد لزيادة الأمونيا بالمياه هو المنطقة الصناعية بكفر الزيات وهو الأقرب للمنطق، وهو ما تؤكده التقارير الرسمية.



بينما قالت الدكتورة تغريد أبو النصر، الأستاذة بقسم الأراضي والمياه في كلية الزراعة بجامعة بنها بكلية الزراعة، أن الأسمدة النيتروجينية هي أحد ملوثات المياه بالنترات، على الرغم من ضرورية عنصر النيتروجين للنبات كأحد المغذيات المهمة التي تساهم في نمو وتطور كل الأنسجة النباتية الحية.
وتابعت أبو النصر لـ"البوابة نيوز": "نظرا لاحتياج النبات الشديد لعنصر النيتروجين يلزم إضافة الاسمدة المحتوىة على النيتروجين، وقد يكون موجودا فيها على هيئة أيون أمونيوم كما في أسمدة "كبريتات الأمونيوم الذي تعرف باسم سلفات النشادر، وهو شائع الاستخدام، أو كلوريد الأمونيوم، وتعتير سلفات النشادر ونترات الكالسيوم واليوريا ونترات الأمونيوم الجيرى من أشهر الأسمدة المستخدمة كمصدر لامداد التربة والنبات بعنصر النيتروجين.
وأضافت أبو النصر أن الاستخدام المتزايد من الأسمدة النيتروجينية خاصة الموجود فيها النيتروجين على صورة نترات يؤدى إلى تلوث المجارى المائية والمياه الجوفية بالنترات، وتتخلل القطاع الأرضى وتفقد منه بالغسيل وتصل إلى المجارى المائية مما يسبب العديد من المشاكل الناتجة عن وصول النترات إلى المجارى المائية.
ووفقا للأستاذ بجامعة بنها، فإن مشاكل وصول النترات إلى المجاري النيابية ظاهرة انتعاش الطحالب والتي تعرف بالاسم العلمى Eutrophication وهى عبارة عن أن خلايا بعض أنواع الطحالب تكون موجودة في مياه الأنهار والبحيرات ولكن بكميات محدودة جدا وذلك بسبب نقص العناصر الغذائية المهمة لنموها وازدهارها وعلى رأس هذه العناصر النيتروجين والذي يصل بالغسيل من التربة إلى المجارى المائية، إضافة إلى عنصر الفسفور، حيث تنتعش هذه الطحالب وتنمو بكثافة كبيرة مما يؤثر أولا على الثروة السمكية الموجود حيث تستهلك كميات كبيرة من الأكسجين الموجودة في الماء وبالتالى يؤدى ذلك إلى موت الاسماك، كما أنها قد تعيق سير بعض القوارب الصغيرة في الماء بسبب نموها الكثيف المتشابك، إضافة إلى أنها تكسب هذه المياه مذاق ورائحة كريهه جدا تكلف الدولة مبالغ باهظة لتنقية هذه المياه لتكون صالحة للشرب.
المشكلة الثانية فيما يخص وصول النترات إلى المجاري المائية هو مرض Methemoglobinemia، وفيه أن بعض الخضروات تستهلك كميات كبيرة من النترات وتتراكم بداخلها، خصوصا الخضروات الورقية مثل السبانخ والخس والكرفس والجرجير.
وتشرح أبو النصر: "نجد أن حدوث هذا الأمراض نتيجة وصول النترات الموجوده في الماء والخضروات إلى القناة الهضمية للإنسان، تختزل النترات إلى نيتريت والذي يتفاعل مع هيموجلوبين الدم مكونا ما يعرف باسم مركب Methemoglobin وبالتالى يعجز الدم عن نقل الاكسجين بالجسم، في العموم لا يتأثر الاشخاص البالغين بهذه المشكلة ولكنها تكون بالغة الخطورة في حالة الأطفال الرضع دون ثلاثة اشهر ويعرف الأطفال الذين يصابون بهذا المرض بـ"الأطفال الزرق"، وقد يؤدى إلى الوفاة، يكون أيضا خطرا في حالة الحيوانات المجترة والتي يؤدى إلى نفوقها نتيجة احتواء علائق الحيوان على النترات، اما الإنسان البالغ فتكون النترات أحد المسببات السرطانية خصوصا سرطان البلعوم والمثانة، لذا حذرت منظمة الصحة العالمية عدم زيادة تركيز النترات في مياه الشرب عن 10 مللجم/ لتر في مياه شرب.
أما المشكلة الثالثة فهي احتمالية تفاعل النترات مع بعض المركبات في التربة مكونة ما يعرف بمركبات النيتروز أمين، والتي تتسبب في بعض الأمراض السرطانية والطفرات والمظاهر الشاذة، إضافة إلى وفاة الأجنة.