الخميس 09 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة لايت

ماسة "الأمل" تقتل "لويس الرابع عشر" وابنه.. والسبب وراء خلع التركي "عبدالحميد الثاني"

"اسم لم يكن على مسمى"

لويس الرابع عشر
لويس الرابع عشر
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ليس هناك شيء مبهر أكثر من البريق الخاطف والجمال الأخاذ للأحجار الكريمة بهندستها وحجمها وألوانها التى تأسر القلب وتسحر العقل، فمنذ الأزل والإنسان مغرم بهذه الأحجار رغم كونها لا تعدو سوى صخور متكونة من بعض المعادن، وقد ظهرت إلى سطح الأرض بفعل عمليات جيولوجية وعمليات التعرية أو التنقيب، وهذه الصخور تكبد مالكيها أثمانا باهظة، فهناك من اتخذها زينة، وهناك من اتخذها مظهرًا للثراء متباهيًا بثمنها أو تاريخها، وهناك أيضًا من جعل منها تمائم وتعويذات على شكل قلادة أو خاتم معتقدًا أنها تحمل قوى سحرية لطرد الشر والمرض، وهناك أيضًا من رأى فيها لعنة لا تجلب إلا الشؤم والدمار، ومن بين هذه الأحجار فهناك «ماسة الأمل»، فهى اسم ليس على مسمى، حيث تحمل خلف اسمها ومظهرها الأزرق الصافى الرائع الذى يشبه صفاء الزمرد، الكثير من قصص الدمار والقتل والإفلاس والانتحار.
يعود أصل الماسة إلى منجم كولار فى «جولكوندا»، ويبلغ حجمها ٤٥.٥٢ قيراط، وتعد أكبر قطعة ألماس، وقد سرقت الماسة من معبد آلهة هندية، على يد أحد الرحالة الفرنسيين عام ١٦٤٢، لتنقل بذلك إلى فرنسا، فى الحقيقة لم يكن يعرف الكثير عن تاريخ الماسة فى الهند، لكن الرواية المتداولة عن الماسة تقول بإنها كانت تطرز أحد تماثيل الآلهة الهندية «سيتا»، وأن الرحالة الفرنسى قام بسرقتها، وهذا هو بالذات سبب اللعنة التى رافقتها والنهاية المأساوية التى حملتها معها لكل من حاز عليها.
«جان بابتيست» الرحالة الفرنسى، باع الماسة للملك الفرنسى لويس الرابع عشر ضمن مجموعة من الجواهر الفاخرة والنادرة التى جلبها من الهند، فأمر الملك بصقل الماسة على يدى فنان شهير فى معالجة الألماس يدعى سيور بيتو، ونتيجة للتقطيع والصقل فقد هبط وزنها إلى ٦٧.٥٠ قيراط، بعد أن كانت ١١٠ قراريط، لم تكن آنذاك تعرف الماسة باسم «الأمل».
بعد فترة على تملك الماسة تعرض الملك لويس لهزائم عسكرية عدة على يد التحالف الأعظم بين هولندا وإنجلترا وإمبراطورية النمسا، وذلك خلال الحرب المعروفة بحرب الخلافة الإسبانية والتى انتهت بتوقيع اتفاقية «أوترخت» فى إبريل ١٧١٣ والتى وضعت حداً لأطماع الملك لويس التوسعية، وبعدها أصيب بمرض الغرغرينا وتوفى فى قصر فرساى عام ١٧١٥م.
بينما فى عام ١٧٤٩ عهد الملك لويس الخامس عشر إلى خبير يدعى «أندريه جاكومان» بإعادة تقطيع الماسة وصقلها، حيث أصبحت أكثر جمالا، لكن الملك لم يستمتع بجمال الماسة طويلًا، فقد تعرض لمحاولة اغتيال نجا منها بصعوبة ثم توفى متأثرًا بمرض الجدرى الذى أصابه.
وبعد ذلك انتقلت الماسة إلى الملك لويس السادس عشر وملكته مارى أنطوانيت فانتقلت لعنتها معها، وكانت فترة حكمهما مضطربة انتهت بقيام الثورة الفرنسية والحكم عليهما بالإعدام بعد محاولة فرار فاشلة، وتم إعدامهما فعلًا بالمقصلة عام ١٧٩٣، أثناء الثورة اجتاحت جموع الرعاع واللصوص قصر الملك وقاموا بسرقة جميع الأحجار الملكية الكريمة، ومعظم الأحجار المسروقة عادت لاحقًا لفرنسا، لكن الماسة الزرقاء لم تظهر ثانية، بحسب الروايات التاريخية فإن الماسة الزرقاء سرقت من قبل رجل يدعى «كاديت غيوت» قام بتهريبها إلى إنجلترا، ولم ير هذا الرجل خيرًا كثيرًا من سرقة الماسة إذ انتهى به المطاف بعد سنوات قليلة مسجونًا فى باريس.
ما حصل للماسة الزرقاء الفرنسية بعد ذلك هو أمر يشوبه الكثير من الغموض، لأنها اختفت ولم يعثر لها على أثر، حتى ظهرت الماسة الزرقاء من جديد فى إنجلترا تحت اسم ماسة الأمل، وأرجعت الدراسات التاريخية أن اللص الفرنسى باع الماسة الأصلية لجواهرجى فى إنجلترا قام بإعادة تقطيعها وصقلها، فى عام ١٨٢٣ أصبحت الماسة مملوكة من قبل الصائغ البريطانى «دانييل إلياسون» وبعد سنوات انتقلت إلى أيادى العائلة المالكة البريطانية، تحديدًا الملك جورج الرابع الذى اشتراها من إلياسون لكنها بيعت عند وفاته سنة ١٨٣٠ لتسديد الديون الباهظة التى خلفها بسبب إسرافه فى اللهو والمجون واقتناء نوادر الأشياء، وأصبحت الماسة فى حوزة مالك جديد يدعى هنرى فيليب هوب، ومنه أخذت الماسة اسمها والذى يعنى الأمل.
بينما لم يكن الأمل حليف هنرى هوب، فوفقا للسجلات التاريخية تعرض للإفلاس هو والعديد من أفراد أسرته، وبعد موته انتقلت الماسة إلى حفيده اللورد فرانسيس هوب الذى حاول بيعها بعد تعرضه للإفلاس بسبب المقامرة، وفى عام ١٩٠٨ اشترى السلطان التركى عبدالحميد الثانى ماسة الأمل ولم يكن حظه معها أفضل من الذين سبقوه فخسر حكمه بعد مرور سنة على اقتنائه حيث جرى خلعه فى ١٩٠٩ ووُضع رهن الإقامة الجبرية حتّى مماته. سافرت «الماسة» إلى الولايات المتحدة الأمريكية عن طريق الصائغ «سيمون فرانكل» لتنتهى عند الفرنسى «بيار كارتييه» الذى باعها على شكل قلادة لسيدة ثرية اسمها «إيفالين ماكلين» التى كانت مقتنعة بأن الماسة ستكون فألًا حسنًا عليها على عكس سمعتها وما يشاع عن أنها ملعونة، لكن قناعة السيدة ماكلين لم تحمها من الماسة الملعون، إذ مات ابنها بعمر ٩ سنوات بحادث سيارة وانتحرت ابنتها ٢٥ سنة بجرعة زائدة من الهيروين كما تعرض زوجها للإفلاس ومات فى مستشفى للأمراض العقلية ١٩٤١ وغرقت السيدة ماكلين فى ديونها، واستقر الأمر بالماسة بعد موت «ماكلين» فى عام ١٩٤٩ إلى يد مالكها الأخير الصائغ هارى وينستون الذى أهداها إلى متحف التاريخ الطبيعى بواشنطن، ويقال إنه فعل ذلك لأنه أراد إتقاء شرها، وبذلك تتواجد الماسة حتى الوقت الحالى فى هذا المتحف بالعاصمة الأمريكية.