الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

عن وزارة الثقافة والمثقفين والإخوان

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
رغم ابتعادى عن كل هيئات الوزارة. ورغم أنى أرى في الوزارة مشاكل يطول الوقت جدا لحلها. ورغم أنى من دعاة إلغائها وما زلت، لأنها ترهلت وامتلأت بالبيروقراطية والفساد غير المنظور، إلا أنها ما زالت تعمل وتنتج. وحيث تتعرض إلى ضربة أخيرة، ومن النظام الحاكم نفسه حين يوضع على رأسها وزير تطوله الشبهات الإخوانية منذ اليوم الأول فالأمر يستدعى الحديث. لقد أذهلنى أن أول من زار الوزير في مكتبه بعد توليه الوزارة هو رئيس حزب النور.
ثم رحت أنتبه إلى ما يفعله الوزير. قام بتغيير بعض القيادات التي انتهت مدة عقدها ولم يجدد لها. وهذا طبعا حقه كوزير، لكن حين تنظر فيمن أتى بهم ترى فرقا هائلا بين القديم والجديد. فمثلا انتهى تعاقد الدكتور أنور مغيث أستاذ الفلسفة المحترم في رئاسة المركز القومى للترجمة وحل محله دكتور لا يعرفه أحد من قبل لا في أوساط الترجمة، ولا في أوساط المثقفين. وشهرته في جامعة عين شمس أنه يفصل بين الطلاب والطالبات في المدرج.
أقول شهرته وطبعا أنا لا أعمل في الكلية ولا أذهب إليها لكن الشهرة لا تأتى من فراغ. وكل من أتى بهم تطولهم شبهة الإخوان قبل أن يأتوا. وبعيدا عن هذا القيل والقال، هل كان السابقون فاشلين؟ الكل يعرف أنهم لم يكونوا كذلك.
بل كانوا أكثر من ناجحين. الدكتور أنور مغيث مثلا أصدر في الوقت القليل الذي شغل فيه رئاسة مركز الترجمة، كتبا رائعة حديثة وكلاسيكية، ومن يريد أن يعرف فليذهب إلى قاعة العرض بالمركز ويرى.
ولم نسمع عنه طول عمله ولا طول حياته شيئا يشينه في علاقته بالمثقفين. هو آخر شخص يكون له طلب، فضلا عن علمه الغزير كأستاذ فلسفة وثقافته العظيمة في الآداب والفنون. قبل أن يذهب إلى فرنسا زمان للحصول على الدكتوراه، وبعد أن عاد إلى مصر. أما إذا انتقلنا إلى المجلس الأعلى للثقافة، فلقد كان يشغله الدكتور محمد عفيفى أستاذ التاريخ في الجامعة، وهو من قبل كان أحد أعضاء اللجان بالمجلس، وله علاقة طيبة مع كل الناس فضلا عن أدبه الجم.
في السنة التي عمل بها بالمجلس «تودك» على العمل الإدارى وجمع حوله الموظفين، وعلى رأسهم الأستاذ وائل شلبى في رضا رائع فأنجزوا مؤتمر الرواية العربية أجمل إنجاز. تخلص من الدكتور محمد عفيفى وجاء بدلا منه الدكتور محمد أبو الفضل بدران أستاذ النقد الأدبى في جامعة قنا.
وللأسف هو شخص بعيد طول عمره عن قضايا الثقافة والمثقفين. محصور في الأدب القديم والتصوف. حيشتغل إيه مع المثقفين؟ حيوزع عليهم كبسة مثلا. ما علينا.
المهم الرجل ما كاد يستلم العمل حتى أعلن عن خطته في مكافحة الإرهاب بأن يذهب المثقفون لإقامة ندوات بقصور الثقافة. طبعا مت من الضحك. وبالمناسبة دعيت لذلك واعتذرت. السبب للضحك والاعتذار أنى أعرف حالة قصور وبيوت الثقافة من زمان وأن من يذهب سيجد واحدا أو اثنين وأقصى ما يمكن أن يأتوا له بالموظفين لسماعه، أنا ابن هذا الجهاز أصلا. أقصد الثقافة الجماهيرية التي صارت تنعى من بناها من زمان. وما توقعته حدث. انتشرت صور الموظفين القلائل كمان في الندوات.
ياعم مكافحة الإرهاب أنك تعمل ثقافة مش تاخد ناس تكلم بعضيها. ثم اتضح أن للدكتور بدران مؤسسة ثقافية خاصة باسمه في قنا تعمل بالثقافة، وطبعا لأجل المنصب لا بد أن يستقيل من رئاستها. هي مؤسسته بالمناسبة. وفعلا استقال الرجل، لكن هل هذه الاستقالة ستمنعه من الخلط بين عمل المؤسسة وعمله. ومن الذي سيستفيد من هذا الخلط؟ المجلس الكبير أم المؤسسة الصغيرة؟ طبعا المؤسسة ستستفيد من عمله في المجلس شئنا أم أبينا. الأمر موضع شبهة في كل الأحوال كان في غنى عنها رغم الاستقالة. وهكذا تمت إقالة رجل مثقف «تودك» في العمل ونجح من أجل رجل صوفى عنده مؤسسة ثقافية لا يسمع عنها أحد، كأن مصر خلت من المثقفين، لو كان ضرورى يعنى يمشى محمد عفيفى. بعد ذلك انتشرت الشائعات عن إقالة أحمد مجاهد وإحلال شخص كان من مؤيدى وزير الثقافة الإخوانى الذي احتشد ضده المثقفون ولا أعرف حين ينشر هذا المقال سيكون مجاهد في مكانه أم لا. وتطول الشائعات العازفة والفنانة العالمية إيناس عبد الدايم. وطبعا حيجيب بدالها راجل! عيب كده.
هناك عدد قليل من المثقفين بينهم وبين بعض الأسماء القديمة مشاكل صغيرة من نوع تأخير نشر كتاب أو عدم نشر كتاب لكن هذا لا يعنى الموافقة أبدا على أخونة الوزارة. أقول أخونة الوزارة لأن هذا ما يحدث بالفعل. وأخونة الوزارة هنا سيكون شكلها مضحكا، لأن هؤلاء جميعا، من أتى بهم ومن سيأتى، لن يعملوا وستتوقف الوزارة وتتجمد. يعنى يا أخونة يا تجميد. أما ما انتشر أخيرا من أن المهندس إبراهيم محلب حين قام بتغيير عدد من الوزارات بينها الثقافة ترك لشيخ الأزهر اختيار وزير الثقافة مصالحة له بعد تصريحات جابر عصفور الذي حاول الاعتذار مائة مرة ولا فائدة. وبالمناسبة عصفور لم يكن الوزير الصحيح لكن على الأقل مش إخوان، وضع حقًا بعض رجاله في المراكز الثقافية، لكن منهم من نسى ذلك وعمل باجتهاد كبير معنيا بالثقافة وليس بعصفور، أقول بالنسبة لما انتشر عن أن الوزير الحالى من ترشيح الأزهر، فهو ليس أقوى من زيارة حزب النور لتهنئته.
النظام للأسف يرى في وزارة الثقافة شيئا لا معنى له، فتركها للإخوان يمكن يرضوا عنه. أقصد النظام. أو غازل بها السلفيين وقال لهم: ضلموها أنتم وريحونا.