الجمعة 07 يونيو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

الرقابة وأنا

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
هل يمكن بعد ٤ سنوات من الثورة أن نستعرض جانبا من حرية الرأى وحقوق الكتاب والمفكرين والمثقفين الآن؟ ولا نكتفى بحرية الصحافة فقط لعلها في يوم تنظر لهؤلاء بنظرة عطف؟ يارب يا كريم.
في عام ١٩٩٥ كتبت في جريدة «الدستور» في إصدارها الأول أن «أحدا في هذا البلد لم يفرض علىّ ما أكتبه». وكانت المناسبة هي حديث أدليت به لصحفى هولندى ولهذا السبب لم أشأ أن أكمل العبارة الناقصة وهى «لكن في هذا البلد فرض على أحيانا ألا يسمح بنشر أو ظهور بعض ما أكتبه أو حاولوا ذلك».
وقد كتبت مسلسلات تليفزيونية وإذاعية وأفلاما من إنتاج الدولة وإنتاج القطاع الخاص. وكذلك كتبت مسرحيات للقطاعين وأحيانا من إنتاجى مع
شريك أو بمفردى. وقد سمح بها أحيانا ورفضتها الرقابة أحيانا من الأصل أو سمحت بها على مضض مع حذف بعض المواقف هذا بجانب حذف بعض مقالاتى في الصحف والمجلات مع أنى لم أطلب منهم أن أكتب أبدا لكن ماشى.. نعمة واللى يكرهها يعمى.
حقا لم تكن خسارتى كبيرة في كل مرة، لكن الإحساس بالرقابة لم يكن شيئا إيجابيا. لكنه من ناحية أخرى مثل لى تحديا وربما جعل كتاباتى أفضل فيما أظن! على الأقل لأنها لم تؤثر في مسيرتى الدرامية بقوة بل لعل كان لها بعض الفوائد أحيانا، لكنى أسجلها هنا فقد تلقى بعض الضوء على كيف كانت السلطة وكان المجتمع أيضا يفكران أو بمعنى أدق كيف كانا يرفضان أن يفكرا أو يتركا الناس تفكر ثم كيف لا يزالان يرفضان ذلك سواء كانت صحفا حكومية أو أهلية وحتى لحظة كتابة هذه السطور سأتبع في هذه الذكريات بعض الترتيب الزمنى لعله يلقى الضوء على هذه الأزمنة، وقبل أن أبدأ أحب أن أقول إن الرقابة في أي مكان أو زمان لا يمكن أن تمنع عملا ولكنها فقط تؤجل ظهوره لبعض الوقت وأحيانا ما يظهر في نفس الوقت لكن في مكان آخر والرقابة أنواع فهناك الرقابة المسبقة بتحديد الاتجاه الذي تكتب فيه ولا تخرج عنه. الرقابة على المصنفات الفنية بكل أنواعها. رقابة النشر سواء بدافع من طلب السلطة أو لأسباب تخصهم! رقابة البلاد العربية أحيانا ورقابة الكتاب لأنفسهم!
ثم الرقابة الذاتية والتي كتبت فيها شهادة باسم «فن التحايل» وساهمت بقدر كبير في الحصول على جائزة برنس كلاوس التي تشرفت بأن أكون أول من أنالها من المصريين منذ إنشاء وزارة الثقافة ووزارة الإعلام وكلاهما حريصان على سرقة الحقوق المادية والفكرية للكتاب وحتى إشعار آخر! بدءا من عقود الإذعان التي تتعاقد بها معهم والتي تتعارض مع القوانين التي وضعت بواسطة وزارة الثقافة نفسها! والأجور الهزيلة التي تدفعها لهم وتجاهل حقوقهم الأدبية وحقهم في الأداء العلنى لمؤلفاتهم. ولا تتعجب إنها إرادة الله! وذلك بعكس المؤلفين والملحنين! وقد تقابلت صدفة مع وزير الثقافة فبادرنى بأنه سيعمل على تفعيل حق الأداء العلنى للكتاب واكتفيت بابتسامة عريضة وسكت.
لكن الأخطر هو تشويه أعمالهم بالحذف منها أو اشتراط بعض التغييرات عليها وتخصص التليفزيون في حذف مشاهد أو مسح الصوت في بعض الجمل ودون إذن وهى جريمة في قانون حق المؤلف ولكن من يحاسب التليفزيون؟ بل من يحاسب القنوات الخاصة التي تسمح لنفسها بحذف أجزاء من الأفلام القديمة أو المسرحيات التي تذيعها وتعلن للمشاهد ذلك بكل فخر؟!
يكبر الكاتب في السن فتبدأ تطوله الجوائز ولكن يظل الرقيب هو من يعرف مصلحة مصر أكثر من أي كاتب ألم يفعلوها حتى مع نجيب محفوظ. ألم تظل «أولاد حارتنا» ممنوعة حتى بعد أن نال جائرة نوبل وبعدها قلادة النيل وهو أعلى وسام مصري؟.
كانت رقابة المسرح تطلب أحيانا حذف بعض السطور في أعمالى وكان الأمر ينتهى كثيرا بتراجع الرقابة وقد حرصت في هذا الجو أن أكون رقيب نفسى في أعمالى الدرامية، لأنه لا معنى أن أبذل جهدا في التفكير والكتابة في عمل قد يمتد لسنوات لتمنعه الرقابة أو تشوهه بالحذف على أن العقبة الأولى كان اسمى قبل أن أمارس فعل الكتابة نفسه!!.