الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

إنقاذ سوريا

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الجولة التي قام بها وزير الخارجية المصرى سامح شكرى وشملت السعودية والإمارات والكويت، استهدفت بالأساس البحث في آليات إنقاذ الأوضاع في سوريا، وتفعيل جهود الوساطة التي بدأها الرئيس بوتين، بعد الحصول على موافقة وزير الدفاع السعودى محمد بن سلمان، خلال زيارته المهمة التي قام بها إلى موسكو في الثامن والتاسع عشر من شهر يونيو الماضى،
يومها أكد وزير الدفاع السعودى أن بلاده تراجع مواقفها من الأوضاع في سوريا، وأنها أوقفت عمليا كل أوجه المساندة للتنظيمات الإرهابية المسلحة التي تستهدف إسقاط نظام الرئيس السورى بشار الأسد.
ويبدو أن موسكو كانت حريصة على إنهاء هذه الأزمة بين البلدين، لأن ذلك يعنى تحولا إستراتيجيا في المنطقة، فوجهت الدعوة على الفور إلى وزير الخارجية السورى وليد المعلم، والذي عقد جلسة مباحثات مع كبار المسئولين الروس في التاسع والعشرين من شهر يونيو الماضى، عبر خلالها عن ترحيب بلاده بالمبادرة الروسية، شريطة وقف الدعم الخليجى الموجه للمتمردين والإرهابيين الذين يخوضون الحرب ضد الدولة السوريا.
وكان طبيعيا أن تلعب مصر دورها، وهى التي أكدت أكثر من مرة على وحدة الارض والشعب السورى ورفض التدخل الخارجى في الشئون السوريا، كما حذرت من خطورة الإرهاب على المنطقة بأسرها.
وفى اللقاءات التي عقدها وزير الخارجية المصرى مع كبار المسئولين السعوديين، جرى الاتفاق على تفعيل المبادرة الروسية، والبدء في إجراء اتصالات مع الحكومة السوريا، مع الاعتراف بشرعية نظام الأسد، ومساعدة الدولة السوريا في إعادة بناء جيشها حتى تستطيع مواجهة التنظيمات الإرهابية على أرضها، والتوقف عن تقديم أي دعم للعناصر المناوئة للنظام. وقد لقيت جهود وزير الخارجية المصرى في البلدان الخليجية التي زارها ترحيبا كبيرا، خاصة أن الجميع بات على يقين أن الإرهاب المنتشر على الأرض العراقية والسوريا حتما سينتقل إلى دول الخليج، وهو ما أكدته الأحداث الإرهابية الأخيرة التي تعرضت لها الكويت والسعودية متأخرًا، وأن دعم سوريا وإعادة تسليح الجيش السورى باتا من الأمور المهمة والملحة في الوقت الراهن، خاصة أن المنطقه كلها باتت معرضة لمخاطر متعددة تهدد بقاء الدول والأنظمة في المنطقة من الأساس، وقد ثبت علميا أن بعض دول الخليج أخطأت في مساندتها للتنظيمات المعادية لنظام الرئيس بشار الاسد، بعد أن اكتشفت أن هذه التنظيمات راحت تتمدد في دول الخليج ذاتها وترتكب جرائم خطيرة تهدد الأمن والاستقرار في هذه البلدان.
وقد ترددت معلومات مؤخرًا عن زيارة مسئول خليجى رفيع المستوى إلى دمشق، حيث التقى كبار المسئولين السوريين وتباحث معهم في سبل تنقية الأجواء الخليجية - السوريا، وقد لقي المسئول الخليجى ترحيبا واستعدادا لفتح صفحة جديدة بشرط وقف كامل المساعدات المقدمة إلى التنظيمات الإرهابية على الأرض السوريا.
إن السيناريو المتوقع للأحداث خلال الفترة القادمة، يقول إننا أمام نقطة تحول خطيرة، من شأنها أن تعيد صياغة مفهوم الأمن القومى العربى في ضوء التطورات التي تشهدها المنطقة في الوقت الراهن، خاصة أن تركيا باتت مرغمة هي الاخرى على تغيير استراتيجيتها تجاه التعامل مع التنظيمات الإرهابية وفى المقدمة منها تنظيم داعش.
لقد بدأت تركيا في القبض على المئات من العناصر التي تنتمى لهذا التنظيم، كما أنها بدأت تشن غارات على الحدود، بعد التفجيرات الأخيرة التي وقعت على أراضيها وأدت إلى مقتل وإصابة العشرات، في حين أكدت كل المعلومات مسئولية داعش عن هذه الأحداث.
وقد بدأت تركيا في التفكير جديا في فتح قواعدها العسكرية أمام قوات التحالف لتوجيه ضربات ضد داعش من شأنها أن تحد من نموها الذي بات يهدد حدود الدولة التركية ذاتها.
لقد دفعت سوريا الثمن غاليا، وقدمت تضحيات كبيرة، بعد أن صمدت ولاتزال في مواجهة المؤامرة التي استهدفت الوطن السورى والسعى إلى تمزيقه وتفتيته، لكن السؤال الذي يطرح نفسه: كم من الشهداء يتوجب على سوريا تقديمهم لاستعادة وحدتها ودحر المتآمرين عليها؟!!.