الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الإهمال أقوى من الإرهاب !

الكاتب الصحفي محمد
الكاتب الصحفي محمد يوسف
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كأنه أصبح قدر المصريين ألا تكتمل لهم فرحة دون وقوع مصيبة .. فلم تكد تمر سوى ساعات بعد انقضاء عيد الفطر المبارك إلا وقعت حادثة مؤلمة بغرق مركب متهالك أمام ساحل الوراق .. مما نتج عنه وفاة أكثر من 35 شخص لا ذنب لهم سوى أن أقدارهم التعيسة دفعتهم لمحاولة اختلاس لحظات سعادة بالتنزه مثل باقي البشر.
وكالعادة لا يتحرك المسئولون في بلدنا الغالية مصر إلا بعد وقوع الكارثة حيث اكتشفوا أن المركب، مثله مثل مئات المراكب النيلية، لا يحمل ترخيصاً ولا تتوافر به أي مقومات للحفاظ على أرواح البشر التي باتت أرخص من التراب.
وعندما تسمع تفاصيل الحادث تصاب بصدمة عصبية حادة حيث أكد شهود العيان أن جهود الإنقاذ لم تبدأ إلا بعد مرور 3 ساعات على وقوع الحادث مما أدى لغرق أكثر الركاب وعدم إفلات سوى 4 اشخاص من الموت المحقق من أصل 50 راكباً على متن المركب الذي من المفترض أن حمولته 30 راكباً فقط.
وبطبيعة الحال سعت حكومتنا الرشيدة لتعويض أهالي الضحايا بآلاف الجنيهات إلا أنها نست أو تناست أن ملايين الدنيا كلها بل وملياراتها لا تعوض أباً وأماً عن فقد فلذات أكبادهما .. كما أن هذه الحكومة لم تجب عن تساؤلات غاية في الخطورة في مقدمتها هل سنكتفي بصرف التعويضات للقتلى دون معالجة الأسباب الحقيقة للقتل.
وإذا كانت الدولة تخوض حرباً لا هوادة فيها ضد عدو غادر هو الإرهاب .. فهل يعي المسئولون أننا نواجه خطراً داهماً لا يقل خطورة عن الإرهاب بل هو أشد فتكاً يتمثل في الإهمال غير المبرر الذي يقضي على أي ثمار للتنمية المنشودة.
والملاحظ أننا خلال تعاملاتنا مع جميع الحوادث الخطيرة التي تشهدها مصر إنما نكتفي بتسكين الآثار المترتبة عليها دون معالجة الأسباب الحقيقية ويكفي أن تعرف أننا لدينا أكثر من 7 آلاف سنوياً و حوالي 20 ألف مصاب بسبب حوادث الطرق التي يقف الإهمال الصارخ وراءها.
وليس بعيداً عن ذلك حجم الإهمال الصارخ في منظومة العلاج التي تفاجأ بها معالي رئيس الوزراء لدى زيارته التاريخية لمستشفى معهد القلب والتي قيل أن دموعه انزلقت من عينيه من هول ما رأى من إهمال صارخ وانتهاك لحقوق المرضى .
وإن كان ذلك قد حدث عندما زار محلب معهد القلب الذي يقع في قلب العاصمة فلنا أن نتصور الحالة التي ستصيب معاليه إذا ما قرر زيارة مستشفى قروي بمحافظة نائية من تلك المحرومة من أدنى حقوق البشر.
فالإهمال هو الجرثومة وأداة القتل العنيفة فإذا كان هناك المئات يقتلون بسبب الإرهاب فهناك الآلاف يتساقطون بدم بارد بسبب الاهمال .. وعلى الدولة أن تعلن الحرب على الإهمال لأنه أخطر ألف مرة من الإرهاب.

كلمة أخيرة
إذا كان الشعب المصري قد قام بثورتين عارمتين في عامين متتاليين ضد الفساد السياسي فإننا نعلنها وبكل صراحة ووضوح إن أن حوادث الإهمال في مصر أصبحت أخطر من الفساد السياسي ولا بد من تحرك إيجابي فعلي على الأرض لمواجهة ذلك الإهمال وقبل كل هذا لا بد أن نتخلى عن استراتيجية التصرف كرد فعل.. وربنا يستر.