الأحد 28 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

بالأسماء.. تنظيم إخواني يحكم "الأزهر" من وراء ظهر "الطيب"

رسالة إلى "الإمام الغائب" بأن يخرج من عزلته ويتدخل الآن

الإمام الأكبر الدكتور
الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
«مثلث الشيطان» يمنع إطلاع الشيخ على تقارير أمنية عن «أخونة المشيخة»
حفيدة حسن البنا تموّل وتحمى مظاهرات طلاب الجماعة فى «تفهنا الأشراف»
أستاذ بقسم التاريخ «يسبّ الدين» لزملائه.. ويهين «أنصار ٣٠ يونيو»
من يدير مشيخة «الأزهر» الآن؟

إذا استسلمت إلى روايات متداولة حول الرجل الأول والأخطر فى «الأزهر»، ستقول إنه عباس شومان، فلا يدخل اسمه حوارًا إلا ويُصبغ بـ«الأخونة»، والعمالة لجماعات متطرفة. انطلاقًا من سوء سمعته، يحتفظ «شومان» لنفسه بمهارة فى الالتفاف حول الحقيقة، إذ أنّ وجوده داخل «المشيخة» مرهون بأكاذيب وحملة تدليس واسعة بدأت منذ تعيينه عميدًا لكلية الدراسات الإسلامية بعد حصوله على «الأستاذية» بـ9 أيام ثم توليه منصب «وكيل الأزهر» بعد 20 يومًا فقط بمباركة كاملة وتامة من «مكتب الإرشاد».
هل هو «قيادى تنظيمى» بجماعة «الإخوان»؟
سألت المقرَّبين منه، والطوّافين حول كعبته السرية فى مكتب شيخ «الأزهر».. فكان الرد حاضرًا: لا.. أبدًا.. إنه مجرد «خلية نائمة» انتظرت دورها محمَّلة بإيمان وعقيدة ثابتة بما تروج له الجماعة الإرهابية.. ثم إنه يدير «الأزهر» الآن فى ظلّ «غياب» الإمام أحمد الطيب.
لقب شيعى يمكن أن يحصل عليه شيخ «الأزهر» - متجاوزًا دلالته إلى معناه الحرفى - «الإمام الغائب».
والسؤال الآن.. هل استسلم أحمد الطيب لعزلته او انعزاله الاختيارى مكتفيًا بالصلاة والتسبيح والدعاء على الظالمين؟
لديّ ٣ حكايات تكشف من يدير «الأزهر» الآن، وكيف يديره، ولماذا يطلقون عليه «مثلث الشيطان» داخل المشيخة.
بطل الحكايات الثلاث عبدالباسط حسن.
¿ ¿ ¿
الاسم الكامل عبدالباسط حسن عبدالعزيز، عميد كلية «الدراسات الإنسانية» بـ«تفهنا الأشراف دقهلية»، أدرج اسمه فى أكثر من مناسبة ضمن قوائم «أساتذة الإخوان» بالجامعات، وقطاعات الدولة حتى ثبت انتماؤه لـ«الجماعة الإرهابية»، وشوهد فى عدة مظاهرات يحرض الطلاب على العنف، واقتحام الكليات. قبل أكثر من عام، أصدر عباس شومان قرار انتدابه عميدًا لكلية «الدراسات الإنسانية» بعد نهاية فترته كعميد للكلية.
احتفظ لنفسه بمهارات عالية فى حشد شباب الجماعة على التظاهر داخل حرم الجامعة، مدفوعًا ومؤيَّدًا باثنين من كبار أساتذة «الإخوان» داخل كلية «الدراسات الإنسانية».. وسلّم منصبه بهدوء.
الاسم الأول وفاء حنفى البنا، حفيدة حسن البنا، مؤسس جماعة «الإخوان»، الأستاذة بقسم اللغات والترجمة.. ولها أكثر من صورة على منصة «رابعة العربية» خلال اعتصام «أنصار مرسى»، تهتف ضد «السيسى»، وتحرض على حرق الدولة، وقصر الرئاسة.
الاسم الثانى.. حسن بقيّ.. ليس مجرد اسمًا على ورق، أو مذكرات دراسية، دوره أبعد من ذلك إلى حد يصل لـ«الزعامة الثورية» داخل حدود الكلية.
التقارير الأمنية عن الدكتور «بقيّ» تحمّل اسمه وعنوانه وفيش وتشبيه جنائيا، وسجلّا حافلا بالتقلبات السياسية المتطرفة التى استقرّت به عند تنظيم «الإخوان» عضوًا عاملًا، وقياديًا لطلاب الجماعة بـ«الأزهر»، أمّا الآن وبعد «سقوط مرسى». ماذا أضيف إلى ملفه بـ«الأجهزة الأمنية»؟
عدة ملاحظات تشير إلى احتقاره لهيئة تدريس قسم «التاريخ» إلى حدّ «سبّ الدين» لمن نزل تظاهرات «٣٠ يونيو»، ويتعامل داخل الجامعة فقط بألفاظ خارجة ومهينة لا تناسب «حرم الأزهر».
¿ ¿ ¿
كل رجال عباس شومان داخل «مشيخة الأزهر» يقولون إنه ليس وحده من يدير كرسى «الإمام الأكبر» الآن.
مثلث شيطان يتسع إلى محمد عبدالسلام، المستشار القانونى والدستورى لـ«الطيب»، الذى تمّ تعيينه دون مواربة بمباركة «مكتب الإرشاد»، ويحيى الكسبانى، الرجل الذى يحكم كل شيء داخل «الجامع» و«الجامعة» و«المشيخة»، ويعتبر نفسه «سر الشيخ الطيب»، فقد كان من رجال مكتبه المقرّبين حين كان رئيسًا للجامعة، و«التصق» به بعد جلوسه على كرسى شيخ الأزهر. وجد «الكسبانى»، أمين سر «الطيب»، فى صحبة محمد عبدالسلام، وعباس شومان، أمانًا له ولمنصبه.. فباع شيخه مع أول واقعة قرر أن يكتم سرها، ولا يرويها له، حفاظًا على مصالح «مثلث الشيطان» الذى يتحكم فى عقل الشيخ، وما يدخل مكتبه أو يخرج منه الآن، والتى هى - بالمناسبة - «مصلحة الإخوان». ما الذى يطلع عليه «الطيب» هذه الأيام؟
كتبه الدينية، وأوراق بحثية تقدم له، وعلم غزير ينتفع به فقط.. أرفق اللواء يحيى السحيمى، مفتش مباحث أمن الدولة، تقريرًا أمنيًا بتوصية إلى شيخ الأزهر لعزل «عبدالباسط حسن عبدالعزيز»، عميد كلية «الدراسات الإنسانية» من منصبه، مشفوعة بكونه «إخوانيًا» متهمًا بالتحريض على العنف، ورعاية عمليات «الجماعة الإرهابية» داخل فرع الجامعة بـ«تفهنا الأشراف».
احتوت التوصية نصًا: «هذا الشخص لا بد أن يستبعد من كل مناصبه الجامعية والأزهرية بشكل نهائى فورًا».
هل قرأ «الطيب» التقرير الأمنى الخطير عن «العميد المشبوه»؟
المعلومات تقول لا، ولماذا لا؟.. الثلاثى الذى يحكم مكتب «الإمام الأكبر» حجبه عنه.
أما ما الذى يخرج من مكتب «شيخ الأزهر» إلى «دائرة التنفيذ»؟.. فهذه مسألة أخرى.
ما يريد محمد عبدالسلام وعباس شومان ويحيى الكسبانى أن يحدث، يدفع به إلى طريقه الرسمى من توقيع، وأختام، وإعلان القرار.. أمّا هذا التقرير الأمنى تحديدًا، وتقارير أخرى عن صديقى عباس شومان اللذين توليا منصب عميدى كليتى التجارة و«شريعة وقانون» بـ«تفهنا الأشراف» منعت من دخول مكتب شيخ الأزهر منذ البداية.
وهل وقف الأمن عاجزًا أمام «عمداء الإخوان» فى «الأزهر»؟
خط السير الطبيعى لـ«عزل العميد» أو منعه عن العمل يفرض على أجهزة الأمن أن ترفع تقريرًا يدينه إلى إدارة الجامعة، ولأن رئيس جامعة الأزهر، ونوابه، مشبوهون، ومشتبه فى انتمائهم لـ«المحظورة»، ومنهم من خرج قرار تعيينه من «الرئاسة» بتوقيع محمد مرسى.. وضعوا التقارير فى الدرج دون الالتفات إلى ما تحمله من ملاحظات.
أين الكارثة إذن؟
جزء كبير من الكارثة خرج من تحت يد عباس شومان.. انتهت فترة «عمداء الإخوان»، وأمر «الطيب» - شفهيًا - بتغييره، فوجد ثغرة تمنحه فرصة إعادتهم إلى عمادة الكلية بـ«الانتداب المؤقت» دون الرجوع إلى جهاز أمنى، أو أخذ موافقته.. دفع بها إلى عبدالحى عزب، رئيس جامعة «الأزهر».
هذه المرة كان الانتداب «مؤقتًا» اسمًا فقط.. لكن فعليًا، كان الانتداب «مفتوح المدة» وبغير شروط أو ضوابط.
حصل عليه عبدالباسط حسن، العميد الغامض داخل مجلس كليات جامعة «الأزهر» الآن.
اتصال تليفونى آخر من اللواء يحيى السحيمى بـ«عزب».. أبلغه بأن قرار «عزل عمداء الإخوان» تأخر جدًا، ولا بد أن يخرج الآن.. فأغلق الهاتف دون رد.
¿ ¿ ¿
دخلت معركة «الإخوان» فى «الأزهر» منحى جديدًا، لم يعد مفروضًا على أساتذة الجامعة أن يتحمّلوا ما هم فيه من مظاهرات وإهانات من جانب «فئران الجماعة»، حاولت الدكتورة صفاء محمد على أن تزور الشيخ «الطيب» فى مكتبه بالمشيخة، وفشلت، وجدت نفسها أمام مكتب عباس شومان، الذى طلب من «السكرتارية» أن يحجزوا لها ميعادًا لن يجرى فيه لقاء.
غضب «أستاذة الأزهر» قادها إلى مطار القاهرة، حجزت أول طائرة متجهة إلى الأقصر خلال إجازة «الطيب» التى تعوّد أن يقضيها فى بيت طفولته هناك.. حملت له شحنة حزن على ما وصل إليه حال الجامعة.
قالت لـ«الطيب» فى أول لقاء: «أنا دفعت ١٣٠٠ جنيه من قوت عيالى عشان خاطر أقابل فضيلتك.. حاولت أدخل مكتبك أشتكى لك لكن الأمن رفض. يا مولانا، أنا ممكن أقابل السيسى ومش ممكن أقابلك، وممكن أدخل مكتب إبراهيم محلب، وعمرى ما أقدر أدخل مكتب عباس شومان».
هل نزيد؟
استوقفت «الدكتورة صفاء» شيخ «الأزهر» طويلًا..
روت له قصة حفيدة حسن البنا التى تدير مظاهرات «الإخوان» فى كلية «الدراسات الإنسانية»، وتحكم عقل العميد عبدالباسط حسن، وقصة أخرى عن «بقيّ»، وما فعله بالأساتذة، وما فعله الأساتذة بهم.. «اللهم اجعله لما هو أهله».
قبل شهور، اجتمع مجموعة من ضباط «جهاز أمنى»، وناقشوا حالة «المهادنة» - التى تصل إلى حد «التواطؤ» - بين شيخ «الأزهر» وأساتذة «الإخوان»، اختصروا الطريق متجاهلين كل ما يحاك ضد «الطيب» خارج حدود مكتبه، ونسبوا ما يجرى إلى فضيلته شخصيًا، قالوا إنه منحاز للجماعة، ويتلقى تعليمات أو يخدم دون طلب.. يقدم فروض الولاء «مجانا».
انتهى الاجتماع بتقدير موقف ركز من كتبه على أن حالة الاندماج والتقارب ستحرق «الأزهر» بمن فيه، تحرك به مفتش مباحث أمن الدولة بالدقهلية.. أبلغ نواب رئيس الجامعة بشكل خاص بتقارير كل الأساتذة المشبوهين داخل «الحرم»، طلب منهم يتخذوا إجراء فأعرضوا.
فجأة على لسان «صفاء» - حضرت مظاهرات طلبة الإخوان كلها فى «حضرة» الإمام الأكبر، رأى رؤوس زجاجات المولوتوف، والدم المراق، وشارات «رابعة» اللاهثة، وألسنة النار تأكل كل شيء داخل «الأزهر».
كان هذا يوم الجمعة.
أمر «الطيب» مساعده الشخصى بالاتصال بـ«رئيس الجامعة»، عبدالحى عزب، للقاء خاص فى مكتب «الطيب» الأحد المقبل.
جرى اللقاء وكان ساخنًا، لأول مرة ينفعل شيخ «الأزهر» ويعبر عن غضبه صريحًا.. قال له: «بكرة أسمع خبر عزل العميد عبدالباسط.. اتفضل».
¿ ¿ ¿
تنام الحقيقة تحت أرض صلبة من المصالح والصفقات والعمولات، وأوامر «عليا» بـ«الكذب لوجه الله».
وهل يمكن أن يكون الكذب نصوحًا لوجه الله؟
يحدث فى «الأزهر»، وداخل مكتب «الإمام».
قبل أن تقتحم التفاصيل أرض المعركة لدينا قصة تستحق أن تروى.
بعد واقعة تسمم «بنات الأزهر» الشهيرة عام ٢٠١٣، اجتمع مجلس الجامعة لأمر عاجل، حضر ٧٦ عميدًا وقائمًا بأعمال «العميد» برئاسة أسامة العبد، رئيس الجامعة السابق.
شيءٌ ما كان بانتظار أن يعلن عن نفسه.
وقف عبدالرحمن البر، مفتى «الإخوان»، عميد كلية «أصول الدين» بجامعة المنصورة، فى قلب الجلسة محمِّلًا «الطيب» مسؤولية كل ما يجرى، وجد الطريق مفتوحًا أمامه لإدانته والخوض فى ذمته، فاستغلّ كل معلومة لديه عمّا يجرى من مفاسد باسم «الطيب» حتى لو لم يكن طرفًا فيه، وقال: كل ده نتيجة وجود «الفاسد» أحمد الطيب فى مشيخة الفاسدين.
ثم خلع «البر» حذاءه، ووضعه على منصة الاجتماع، قائلًا: «هذا مقام شيخ الأزهر عندى.. اللهم قد بلّغت اللهم فاشهد».
تفاصيل الاجتماع «الأخطر» فى تاريخ جامعة «الأزهر»، ولم يعلن عنه إعلاميًا، مدوَّنة فى صحيفة الجلسة، وتضيف: «حين سمع ٧٦ عميدًا شتائم الدكتور عبدالرحمن البر لاذوا بالصمت، والفرار من الجلسة، منعًا لموقف عظيم، إلا وكيل كلية (الدراسات الإنسانية) بتفهنا الأشراف، القائم بأعمال العميد مؤقتًا، وقالت له: أنت بتشتم مين؟ شيخ الأزهر؟ الفاسد ده المرشد بتاعك».. وانتهى الاجتماع.
ضع هذه القصة جانبًا الآن.. يمكن أن تتجاهل تفاصيل الاجتماع مؤقتًا.
¿ ¿ ¿
أحد نواب رئيس جامعة «الأزهر» جاء إلى منصبه بتوقيع محمد مرسى، عرف عنه انتماؤه التام والأصم لـ«الإخوان».
من يتتبع تحركاته وأفعاله يرصد ميله إلى ملاطفة السيدات بشكل «يضعه فى حرج».
اتصل بـ«وكيلة كلية الدراسات الإنسانية»، حاول أن يغلف حديثه بأمور الجامعة إلا أن كلامه كان مكشوفًا، تحرش بها هاتفيًا.. أو هكذا اعتبرت ما يقوله.
كان الهاتف يسجّل تلقائيًا كل المكالمات، حفظت مكالمة «نائب رئيس الجامعة»، وقدّمتها على «سى دى» لشيخ «الأزهر» فى زيارة واضحة تحمل «شكوى ومظلمة».
حين قدّمت نفسها، قالت له: «أنا دافعت عن حضرتك فى اجتماع شهير هاجمك فيه عبدالرحمن البر».
هل كان يدرى تفاصيل ما جرى؟
اعتقدت إنه كان على علم بالقصة.. ما بدا إنه لا يعلم شيئًا، وسأل محمد عبدالسلام، مستشاره القانونى، الذى كان يجلس بجواره: لماذا لم يخبرنى أحد بالواقعة؟
كان الرد جاهزًا: اعتقدت إنك عرفت يا مولانا.
وروى «عبدالسلام» واقعة «سب الطيب» فى «حرم الأزهر» كاملة.. وسمع التسجيل «الجنسى» لـ«نائب رئيس الجامعة» فأمر شفهيًا أيضًا بتحويله للتحقيق تمهيدًا لعزله، وطلب من «الوكيلة»: الكلام بيننا سر.. انتهى.. اعتبرى المكالمة ماحصلتش.. وأنا هاتخذ الإجراءات اللازمة فورًا.. شكرًا يا بنتى.
كل هذه وقائع مسجّلة فى محاضر رسمية داخل «الجامعة»، أو لدينا عليها شهود.. مجرد بداية لكشف «مافيا الإخوان» فى «الأزهر».. الذى يبدأ بمكتب «الإمام الأكبر» تحت إشراف عباس شومان. هل ينتهى كل ذلك قريبًا؟ المعلومات تشير إلى إنه لا، فالتدخل السريع لن يحدث من جانب «الطيب»، الذى قال مقرّبون منه إن الله جعل له من اسمه نصيب، فـ«لا يهش ولا ينش»، يكتفى فقط بمتابعة قصص تدور على باب مكتبه ويتدخل بـ«قرارات شفهية» تعدم على باب «مثلث الشيطان» الذى يحكم «الأزهر» الآن.