الإثنين 27 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

العيد على الجبهة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
هل انتهيت من أكل كحك العيد؟.. هل انتهيت من جولاتك مع أولادك في الحدائق والمتنزهات العامة؟.. هل استمتعت وأنت تراهم يعبرون عن فرحتهم في ملابسهم الجديدة؟ هل وقفت في الطوابير الطويلة أمام دور السينما، لتشاهد أحد أفلام العيد؟ وهل حكيت لأصحابك عنها؟ هل انتهيت من زيارة أقاربك، وتبادلت معهم الضحكات في مكالمات طويلة؟ 
مؤكد أنك انتهيت من كل هذا؟ 
كيف كانت حالتك وأنت تفعل هذا كله؟
مؤكد أنك كنت آمنًا مطمئنًا، لا وجود للقلق وأنت تتحرك بحريتك، وتمارس طقوس فرحتك وسعادتك، تستعد الآن لاستئناف حياتك، ومتابعة مشروعاتك وخططك، تشحن بطارية طموحاتك التي لا تنتهى أبدًا. 
هل سألت نفسك ولو بشكل عابر، ما الذي جعلك مطمئنا إلى هذه الدرجة، لا تلتفت وراءك، ولا تعتقد أن شيئا أو أحدا يمكن أن ينغص عليك حياتك؟ هل سألت نفسك عن الثمن الذي دفعه آخرون كى أجلس أنا على مكتبى لأكتب لك هذا الكلام، وتجلس أنت في فراشك أو على مقهى في شارع عام أو على مكتب حكومى لتقرأه؟ 
بينما كنا، أنا وأنت، مشغولين تمامًا في تفاصيل حياتنا، نحتفل بالعيد بطريقتنا التقليدية التي لا تتغير منذ سنين، كان هناك عيد آخر، عيد على الجبهة، لن أنجح مهما بلغت بلاغة الكلمات أن أصفه، ولن ينجح ذهنك مهما كانت قدرته أن يتخيله. 
كان هذا هو عيد الشهداء، الأخبار تأتينا على استحياء، هناك هجوم على كمين أبورفاعى الواقع على طريق الشيخ زويد الجورة، نعم هو نفسه الكمين الذي كان واحدا من كمائن عدة، هاجمها الإرهابيون في أول يوليو، ولقنهم جنودنا درسا لن ينسوه أبدا، وهو ما يدعوهم إلى الأخذ بثأرهم، فقد حول الجيش العظيم أعداء الوطن أشلاء. 
جلسنا أمام الشاشات وعلى مقربة منا أجهزة الكمبيوتر والموبايل، نتصفح صفحات مواقع التواصل الاجتماعى، ونجرى بعض الاتصالات لنطمئن على ما يجرى هناك. 
كان التوصيف واضحًا من مصادر مسئولة، ما يحدث هناك أشبه ما يكون بمعركة حربية، كان المتحدث العسكري على قدر المسئولية كما عهدناه، بدأ ينشر الخبر تدريجيا، يسجل أرقام من استشهدوا، حتى اكتمل العدد ٧ شهداء، دون تحديد لعدد من سقطوا من الإرهابيين، وهذا طبيعى، لكن المتوقع أن عدد من سقطوا كبير جدا، فقد عودنا شهدؤنا أنهم قبل أن يسقطوا على أرض الكرامة، ويرتقوا إلى سماء العزة، يقتلون ما تيسر لهم من القتلة. 
لم تتوقف حياتنا في العيد، رغم أن على أرضنا كان تدور معركة، يدافع أبطالها عن أرواحنا وحريتنا وكرامتنا، ومن الطبيعى ألا تتوقف، لأن هذا هو قدر الشهداء، يدفعون دماءهم بنفوس راضية مرضية، من أجل أن تظل رؤوسنا مرفوعة في السماء. 
صحيح أن هذا يمكن أن يكون حديثًا عامًا عن كل الشهداء في كل المواقع، فشهداؤنا نزفهم إلى السماء، ونحن نعرف أن حياتهم لم تذهب هباء ولم تضع هدرا، لكنه يقترب أكثر من شهداء أبورفاعى، لأنهم لم يمنحونا الحياة فقط، ولكن حرصوا أن يمنحونا السعادة، أن نحتفل بالعيد في أمان تام.. دون خوف ولا قلق ولا اضطراب. 
هؤلاء من يمنحون لحياتنا قيمة، لسبب بسيط أنهم يجعلونها ملكًا لنا. 
يعرف كل شهيد دفع دمه ثمنا لوطنه، أنه لا يحمى ترابًا بل أرواحًا، لا يجعل الحدود حصينة، بل يجعل الأعراض في مأمن، فعدونا فاجر، لن يتورع عن بيع نسائنا في سوق الرقيق. 
الخطر كبير، فلا تسمعوا لمن يهونون من الأمر، لا تركنوا إلى من يتعامل على أن هناك صراعا على سلطة في مصر، فنحن أمام حرب وجود، جيش وشعب في مواجهة إخوان وجماعات متطرفة وجيوش مدربة وأجهزة مخابرات عالمية، وقادة يقتلهم الطموح لتكون لهم الكلمة العليا على مصر، لا تجعلوا أحدا يخدعكم بأن هناك من يستغل هذا الشعب من أجل مصلحة، فأبناء جيشنا أنبل ما فينا، لا يطلبون منا أن نقف إلى جوارهم في أرض المعركة، لكن يؤكدون فقط على أن نكون خلفهم داعمين ومؤيدين، ورافضين لأى تشكيك فيهم. 
إننا هنا نقف إجلالا وتعظيما للشهداء، نوثق ما جرى لهم، نضعه أمامكم، وأمام الأجيال القادمة، حتى لا ينسى أحد تضحيات من ضحوا من أجل هذا الوطن.. القصة طويلة، ولا تزال فصولها مفتوحة، فودعوا شهداءكم وداعًا يليق بهم.