الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

شرف المهنة يا قلاش..!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
سيظل الأربعاء الأول من يوليو عام ٢٠١٥ بقعة سوداء في ثوب صاحبة الجلالة، بفعل ما ارتكبته ثلة من الصحفيين في حق الوطن.
الجريمة تتجاوز حد نشر أخبار كاذبة تشكك في قدرة القوات المسلحة إلى زعزعة الاستقرار وزلزلة أركان الأمن القومي، كان أربعاءً داميًا بسبب الطعنات التي تلقاها جسد الصحافة من بعض العاملين في بلاطها الذين أصروا على ترديد أكاذيب الإعلام المعادى في صحفهم الإلكترونية متجاهلين ما أصدرته القوات المسلحة من بيانات حول الهجوم الإرهابى الذي استهدف كمائن عسكرية بالشيخ زويد.
وبسبب حالة الهلع والتشكك التي سادت بين المصريين في ذلك اليوم كان طبيعيًا أن يأتى مشروع قانون مكافحة الإرهاب ليواجه هذا النوع من الجرائم التي تستهدف تماسك الجبهة الداخلية بحبس كل من يتعمد نشر أخبار كاذبة ومعلومات مغلوطة.
كان طبيعيًا أيضًا أن ينص على عدم جواز الاستعانة بمصادر غير بيانات الدولة المصرية فيما يخص العمليات الحربية ومكافحة الإرهاب، إلا أن موقف بعض الصحفيين والنقابة جاء خارج السياق ومتحديًا لكل الاعتبارات الوطنية.
فبدلًا من أن تبادر الصحف التي اقترفت جريمة الأربعاء إلى إصدار بيان تعتذر فيه للشعب المصرى عن خطيئتها، وما تسببت فيه من بلبلة للرأى العام، قادت تلك الصحف حملة شعواء ضد مشروع قانون مكافحة الإرهاب زاعمة أن حبس كل من نشر متعمدًا خبرًا كاذبًا بشأن عمليات مكافحة الإرهاب تقييد للحريات وتكميم للأفواه وإخلال بالدستور، وبلغ الأمر حد اعتراضهم على النص الذي يلزم الصحفيين بنشر بيانات الدولة الرسمية بشأن عمليات مكافحة الإرهاب وعدم الاعتماد على أي مصادر أخرى وتمادى البعض في هذا الموقف المريب إلى التهديد باتخاذ إجراءات تصعيدية، إلا أن رد الفعل جاء قويًا هذه المرة من المجتمع وليس الحكومة صاحبة مشروع القانون، فانطلقت دعوات مقاطعة الصحف والمواقع الإلكترونية يوم الجمعة الماضى، وهو ما يعنى أن القارئ «المستهلك الرئيسى للإعلام» لم يقتنع بموقف بعض الصحفيين ونقابتهم، ورأى في مطالبهم تلك محاولة للإفلات من العقاب، وإصرارًا على الدفاع عن حرية نشر الأكاذيب.
كان أولى بنقابة الصحفيين أن تدافع عن شرف المهنة الذي انتهك بتفعيل ميثاق الشرف ومحاسبة من تسببوا في فضيحة الأربعاء، ومن اعتبر تنظيم الإخوان الإرهابى معادلًا للدولة متهمًا الأخيرة بالقتل البارد خارج القانون «أقصد الزميل مجدى الجلاد».
ربما لو اتخذت النقابة هذا الموقف لما شعر المجتمع بالريبة في موقفها وإن اختلف معه، ولا وصل الأمر إلى نقطة إطلاق دعوات مقاطعة الصحف التي تعنى أن مصداقيتها صارت على المحك. هذه المرة كان وعى المجتمع متجاوزًا لنخبته التي من المفترض أنها تعمل من أجل إعلامه بالحقيقة ومساعدته على تكوين مواقفه.
المجتمع يعى أن تعمد نشر أخبار كاذبة تخص القوات المسلحة جريمة إرهابية في حد ذاتها وليست بأية حال قضية نشر تتعلق بحرية الرأى أو تداول المعلومات، ولا أظن أن الغرامة مهما تعاظمت ستمنع المتعمد عن نشر خبر كاذب خاصة إذا كان في نشره مصلحة تفوق قيمتها حجم الغرامة، فصاحب المصلحة هو من سيتولى دفع ثمن الأكاذيب التي أراد إشاعتها.
وإذ يصبح على النقابة مهمة تنقية المادة (٣٣) من الألفاظ والعبارات الفضفاضة بحيث لا يخضع لحكمها إلا المتعمد فعليًا، لاسيما وأن عناصر الجماعة الإرهابية يعملون كصحفيين في معظم الصحف، ولعل نذكر جميعًا واقعة نشر عبارة «نيابة الانقلاب» في صحيفة الأهرام.
وأتمنى من نقيب الصحفيين الأستاذ يحيى قلاش ومن في معسكره مراجعة الإعلام الأمريكى، وما إذا كان ينشر بيانات عن عمليات جيش الولايات المتحدة حول العالم من مصادر غير البنتاجون، فليس من قيم الحرية الدفاع عن حق استقاء معلومات وأخبار تخص العمليات العسكرية ومكافحة الإرهاب من مصادر غير مؤسسات الدولة الرسمية.