الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

حرب ليست ككل الحروب

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بداية لم نسمع في قصص الرواة، ولم نقرأ في كتب التاريخ عن حرب بلا شهداء، فللحروب أثمان تدفعها الشعوب من أرواحها وأموالها وعيش الحياة الطبيعية على أرضها، تدفع الشعوب في حروبها أثمانا ضد مستعمريها وضد غاصبيها ومصر الآن تخوض حربا كما سبق وخاضت حروبا عبر دورات التاريخ الطويل لهذا البلد. 
خاضت مصر حروبها بشرف، وحققت أمجادها وانتصاراتها بدماء أبنائها منذ مواجهتها للهكسوس والتتار والفرنسيين والإنجليز والصهاينة وغيرهم، وهى الآن تخوض حربا مع أحط الكائنات على هذه الأرض، حرب ضد الإرهاب ومن يدعمونه ويزرعونه ويوفرون له كل سبل الوجود من دول الجوار والدول الاستعمارية المعروفة، وهى ليست كما هو معلوم للكافة مواجهة جيش أمام جيش، هي حرب عصابات تستدعى التسلح بأسلحة حرب العصابات طويلة الأمد.
وحرب العصابات طويلة الأمد كما هو معروف في كتب العلوم العسكرية تعنى اقتصاد الحرب، واقتصاد الحرب يعنى إجراءات حازمة وحاسمة لوقف الإنفاق السفهى المتمثل في الاستيراد المستفز ويعنى إجراءات اقتصادية يدفع فيها الجميع حصته من الضرائب التصاعدية وحتى خطط الإنتاج ونوعيته وليضرب من يعترض رأسه في أقرب حائط حتى يدرك أن مصر في حالة حرب. 
وتستلزم خطط الحرب الشعبية طويلة الأمد إجراءات تركز على الصناعة والزراعة في بلد يعيش حالة حرب، ولعل الجميع يتذكر كيف كانت شركة قها للصناعات الغذائية -على سبيل المثال- درعا من دروع وأسلحة المواجهة في حربنا مع إسرائيل، وقبل هذا وذاك وحتى نخوض حربنا الشعبية طويلة الأمد لا بد أولا من تطهير المؤسسات من عناصر تنتمى لهذه العصابة الإرهابية وتقوم بأدوار خسيسة كما نرى على أرض الواقع. 
ولا بد من وضع خطط وبرامج المواجهة يضعها الخبراء العسكريون فهم أدرى بميادين حروبهم، هم من يستطيعوا تحديد ما تحتاجه الحرب الشعبية طويلة الأمد لمواجهة حرب العصابات المسلحة، فلها أسلحة وتدريبات تختلف عن الحروب التقليدية، ولدينا في مصر من هو قادر بكل تأكيد على خوض هذه الحرب، ويقدم التاريخ وتجارب الشعوب دروسا منها الحرب الشعبية في فيتنام التي كسرت أنف فرنسا وأمريكا، وفى لبنان في ثمانينيات القرن الماضى أجبرت الأسطول الأمريكى على التحرك من مياهها، إنها مجرد أمثلة تؤكد أن ما نواجهه حرب مختلفة ليست حربا نظامية.
وفى هذا الإطار لا بد من الإدراك أن الإعدامات وحتى في إطار القانون لن تردع هؤلاء الإرهابيين، فلغة التحريض الكلامية التي يتبناها البعض تفتح شهية كلاب الجزيرة على المزايدة، وبالمناسبة يلح علىّ سؤال هل هؤلاء قادرون على النظر لوجوههم في المرايا؟ في هذا الإطار أيضا لا بد من وضع خطة إعلامية في إطار تجهيز ساحة الميدان بشكل جاد، وساحة الميدان هنا تبدأ وتنتهى من الحدود إلى الحدود، خطة إعلامية تعنى وضع تليفزيون الدولة على أرض المسئولية التي لم يقم بها كما تحتم المعركة، فليس من المقبول أن تكون تغطيته لمعارك الأربعاء الماضى على أرض سيناء بهذا الهزال، بل ويواصل بث برامجه الاعتيادية وكأننا نعيش يوما عاديا.
هي الحرب التي سيدفع الجميع ثمنا لها من الأرواح والأموال، وليس أمامنا إلا أن نخوضها ضد هذه العصابة ومن يقفون خلفها، هي حرب لا يمكن القبول إلا الانتصار فيها.