السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة ستار

ليلة القبض على فاطمة.. البكاء على أطلال الثمانينيات

كل يوم مسلسل

ليلة القبض على فاطمة
ليلة القبض على فاطمة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تاريخ العرض: 1982
إخراج: محمد فاضل
إنتاج: الشركة العربية للإنتاج الإعلامي
تأليف: محسن زايد عن قصة سكينة فؤاد
تمثيل: فردوس عبد الحميد، فاروق الفيشاوى، أمينة رزق، يوسف شعبان، صابرين، ممدوح عبد العليم
واحد من أكثر المسلسلات ميلودرامية وخطابية ورطانة في تاريخ الدراما المصرية.. وواحد من أنجحها أيضًا. بداية الثمانينيات بحسها السياسي الفائر وميلها لمراجعة السياسات المتأخرة للرئيس المغتال أنور السادات المتمثلة في الانفتاح الاقتصادى واتفاقية السلام مع إسرائيل والتي نظرت إليها الطبقة الوسطى ومثقفوها نظرة سلبية تتجلى في هذا العمل الذي يهيل التراب فوق كل ما أنجزته هذه الفترة.
العمل المأخوذ عن قصة متوسطة الحجم للكاتبة سكينة فؤاد يدور في مدينة بور سعيد، حول فتاة اسمها فاطمة، تلعب دورها فردوس عبد الحميد، يتوفى والداها فتتولى رعاية إخوتها خلال فترة الخمسينيات من القرن الماضى، التي شهدت العدوان الثلاثى عام ١٩٥٦ وتهجير سكان مدن القناة.
تنضم فاطمة إلى الفدائيين وتنسب بطولتها إلى أخيها الجبان أمين «فاروق الفيشاوى» بالرغم من أنه مشروع خائن، قبل التعامل مع قوات الاحتلال، وجنى ثروة من وراء ذلك، والنتيجة أنه يصبح بطلا في عيون المسئولين ويصعد سياسيا ليصبح عضوا في الأمانة العامة للاتحاد القومى.
فاطمة التي تحب صيادا شابا اسمه سيد، يوسف شعبان، متمسكًا بأخلاقه ووطنيته والنتيجة أنه يظل فقيرا، لكنها تتمسك به وتصر على الزواج منه بالرغم من اعتراض أخيها أمين. أما أمين فيواصل شره المطلق ويستغل علاقاته بالمسئولين لاحتجاز فاطمة في مستشفى الأمراض العقلية.
تبدأ كل حلقة بصورة وصوت فاطمة فردوس عبد الحميد، تردد عبارة: «.. لحمك يا فاطمة.. إخواتك.. أنت الكبيرة.. أمانة.. لا تخونى.. لا تفرطى.. إشقى عليهم». والعبارة تكتب على الشاشة أيضًا، وبذلك يؤسس المسلسل للعلاقة مع الجمهور يوميًا، والتي تقوم على اعتماد شخصية فاطمة وتضحياتها وأخلاقياتها كبوصلة للعمل وتعاطف المتفرج.
المسلسل، كما كتبه محسن زايد، أشبه بقصيدة، عديد مرثية - صعيدية على جحود الأبناء والإخوة الصغار والزمن قليل الأصل الذي اعتلى فيه الخسيس مناكب الشرفاء، والسياسيين الذين امتطوا صهوة البطولات، وسرقوا انتصارات المحاربين.
لمس المسلسل أوتارا في القلوب، خاصة لدى الطبقة الوسطى التي عصف بها الانفتاح الاقتصادى، وانقلاب الهرم الاجتماعى الذي وضع تجار الشنطة وأثرياء الحرب على القمة ونزل بالمتعلمين والمحاربين إلى القاع.
لمس المسلسل أيضا أوتارا لدى المثقفين والإعلاميين والنقاد، في وقت كان فيه انتقاد كامب ديفيد والبكاء على أضرحة الشهداء موضة في الأوساط الثقافية والسياسية.
اتسم المسلسل أيضا بنغمة عاطفية شديدة الميلودرامية والبكائية، لمست شغاف قلوب المشاهدين في ذلك الزمن الحزين، الذي أعقب اغتيال رأس الدولة، والدخول في نفق مجهول يقف على عتبته التطرف والإرهاب الدينى وعلى عتبته الأخرى الفاسدون وأثرياء الانفتاح الذين سيتملكون زمام البلد خلال السنوات القليلة القادمة.
كتابة محسن زايد الشاعرية أنقذت العمل ورفعت هذه الخطابية والإنشائية إلى مصاف الشعر الشعبى أحيانا، ويتأكد ذلك عبر الأغانى التي قام بكتابتها الشاعر سيد حجاب، ولحنها عمار الشريعى، ولكن بالنسبة لمشاهدى اليوم فإن المسلسل سيبدو بالتأكيد مغرقًا في الكآبة.
جدير بالذكر أن العمل تحول إلى فيلم بالاسم نفسه من بطولة فاتن حمامة وإخراج هنرى بركات بعد عامين فقط على المسلسل، وهو ما يبين إلى أي حد كان العمل مؤثرًا جماهيريًا، ولدى صناع الدراما والسينما، كما أن فكرة وروح العمل تكررت كثيرًا عبر مسلسلات فترة الثمانينيات، بما يعنى أن «ليلة القبض على فاطمة» ليس مجرد عمل فردي، ولكنه أشبه بعمل جماعى أنتجته هذه الفترة التاريخية.