الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

أنبياء الله.. "قالَ يَا بُنَيَّ إِنِّى أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى"

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لم يشك إبراهيم عليه السلام، أن الله سيحفظ ابنه الرضيع وزوجته هاجر، بعد أن تركهما وحيدين في الصحراء، كان إبراهيم على يقين بأن الله لن يخذله فيهما، وأنه سيدبر لهما أمرهما، وكيف لا يحدث ذلك، وهو الله، الذي كتب على نفسه الرحمة، كيف تهلك زوجة نبى وابنه، وهما في حمى الرحمن، ففى نفس اللحظة التي انفجرت فيها الماء تحت قدم الرضيع «إسماعيل» شعر إبراهيم بالطمأنينة تسكن قلبه على أسرته، هاجر نفسها كانت تحمد الله والدموع تتساقط من عينيها، ولكنها رغم الخوف الذي سكن قلبها للحظات، كانت واثقة من فرج الله، وها هي تشاهده بعينيها وتشاهد الفرحة في عينى طفلها الرضيع.
مرت جماعة من الأعراب بهذا المكان. فوقع نظرهم على الماء، يفيض من بئر زمزم، وكانوا يعرفون أن هذه الجهة ليس بها ماء ولا زرع فاستغربوا وذهبوا إلى خيمة هاجر فسألوها من أين جاء الماء؟ فأخبرتهم بالقصة: هذا الطفل مبارك سعيد.
وأقاموا الخيام بجانب الماء وبجانب الطفل الذي ينبع على يديه الماء. وسمع الله دعاء سيدنا إبراهيم فجعل قلوب هؤلاء العراب تميل إلى إسماعيل كما قال (فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ). وامتدت الخيام حول خيمة هاجر وأصبحت قرية كبيرة.
وجاء إبراهيم بعد فترة ليرى ماذا جرى لابنه وزوجته هاجر. فلما رأى هذه الخيام الكثيرة لم يعرف المكان وظن أنه تاه وكاد أن ينصرف ولكنه سأل واحدًا من الأعراب فأخبره، أن هاجر وإسماعيل هنا ودله على خيمتها. ولما وجدهما ضمهما إلى صدره وبكى وعرف أن الله استجاب دعاءه فصلى ركعتين في مكان الكعبة المشرفة التي يحج المسلمون الآن إليها، ثم عاد مطمئنا. اعتاد إبراهيم أن يأتى كل عام مرة إلى هذا المكان ليرى ولده وزوجته ويصلى لله فيه.
ومرت السنوات صار إسماعيل فتى صبوحًا جميلًا وكان مؤمنًا بالله لا يعبد الأصنام بل يعبد الله لأن أباه علمه الصلاة وهو صغير.
وفى ليلة كان إبراهيم نائمًا فرأى في منامه هاتفا يقول له: إن الله يأمرك أن تذبح إسماعيل. نهض إبراهيم من نومه فقال: يارب إذا كنت تريد أن أذبح ابنى فإنى مطيع. ثم نام ثانية فرأى هذا الهاتف يقول له: إن الله يأمرك أن تذبح إسماعيل. فنهض من نومه وصلى ركعتين وقال: يارب إذا كنت تريد أن أذبح ابنى لأنى مطيع، ثم نام ثالثة فرأى الهاتف يقول له: إن الله يأمرك أن تذبح ابنك إسماعيل. فنهض وهو يقول: الآن لا بد لى أن أطيع.
ذهب إبراهيم إلى مكان إسماعيل وسار معه إلى خارج الخيام وصعد به إلى قمة الجبل وهنالك قال له: (يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَىٰ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى) (قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ ).
ولم يرد إبراهيم أن يرى ابنه المسكين فربط يديه خلفه ونكس وجهه إلى الأمام على الصخرة وأخرج سكينه الماضية وتشجع وقال: يارب ها أنا أنفذ إرادتك. ثم نزلت يده بالسكينة.
وقبل أن تصل إلى عنق إسماعيل سمع إبراهيم هاتفًا يقول له (يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا...).
ونظر فإذا بكبش عظيم في يدى ملك وهو يقول له اذبح هذا الكبش بدلًا من إسماعيل فلقد فداه الله به ليعيش.
ولقط إبراهيم نفسه وفك رباط ابنه وتسلم الكبش فذبحه وراح يصلى شكرا لله على فديته. ومن يومها ونحن نضحى كبشا في عيد الأضحى وشكرًا لله على نجاة إسماعيل ونطعم لحمه للمساكين. بعد ذلك أمر الله إبراهيم وإسماعيل ببناء الكعبة فراح كل منهما يقطع الأحجار ويعجن الملاط. وأخذ البناء يرتفع يوما بعد يوم. وإبراهيم وإسماعيل فرحان بتنفيذ أمر الله وهما يصليان ويدعوان. (رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لك).
وبعدما انتهى البناء كله قال الله لإبراهيم: هذا بيتى عرفتك مكانه وسلمته لك لتبنيه وأمرتك (أن لا تشرك بى شيئا وطهر بيتى للطائفين والعاكفين والركع السجود.
وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق).
وأذن إبراهيم في الناس بالحج فجاء الناس من كل مكان وعلم الله إبراهيم وإسماعيل طريقة الحج فكانا يعلمان الناس كيف يحجون.
ومن ذرية إسماعيل جاء نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ومن ذرية إسحاق كان يعقوب ويوسف وموسى وداود وسليمان.