الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بروفايل

أسامة الأزهري.. صُنع في مكتبة "على جمعة"

"رأسا حربة" السيسى فى "التجديد الدينى"

الدكتور أسامة الأزهري،
الدكتور أسامة الأزهري، عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
في إحدى الصور القديمة للدكتور على جمعة، مفتى الديار المصرية السابق، وعدد من كبار مشايخ الأزهر في مكتبه، مما ترك الشيب بصمته على رءوسهم المغطاة بالعمامة الأزهرية، يظهر شاب لم يتعد الـ 50 عاما.
في إحدى الصور القديمة للدكتور على جمعة، مفتى الديار المصرية السابق، وعدد من كبار مشايخ الأزهر في مكتبه، مما ترك الشيب بصمته على رءوسهم المغطاة بالعمامة الأزهرية، يظهر شاب لم يتعد الـ ٣٠ عاما.
وجه لم يكن مألوفا وقتها سوى لطلابه، إلا أن وقوفه بجوار هؤلاء كان يحمل إشارات ونبوءات نراها الآن، وتشى عن سر العلاقة الوطيدة التي جمعت «الشيخين»، ولسنا نقصد هنا جمعة والشناوى، بل جمعة وتلميذه الدكتور أسامة الأزهرى، الذي بات اليوم أبرز من يعول عليهم الكثيرون لتجديد الخطاب الدينى والنهوض به، وأولهم مؤسسة الرئاسة.
لا نعلم تحديدًا كيف بدأت العلاقة بين الشيخ على جمعة وتلميذه أسامة الأزهرى، أو في أي درس علم لاحظ عليه نبوغه فأدناه منه، إلا أن الأمر ليس بالقريب، فثقة «جمعة» في تلميذه واختياره ليخلفه في خطبة الجمعة بمسجد السلطان حسن على الرغم من صغر سنه، لم يكن يتجاوز آنذاك الـ ٣٥ عاما - على مدى ٤ أعوام (٢٠٠٥- ٢٠٠٩) تنم عن معرفة وطيدة بذلك التلميذ، وتشكيله علميًا تحت عينيه، إلى الدرجة التي يستطيع أن يترك فيها موقعه على المنبر له، ويمضى مطمئنًا يباشر شئون الأمة بصفته مفتيًا لها.
لم يتوقف دعم الإمام على جمعة لتلميذة الشيخ أسامة الأزهرى عند حد خلافته في الخطب، إذ امتد دعمه له باصطحابه في المؤتمرات والدروس، وكان ينشر له مقالاته عبر موقعه الرسمى، ويظهر معه في بعض اللقاءات الإعلامية، ففى برنامج «الله أعلم» الذي كان يقدمه الشيخ على جمعة عبر قناة (cbc) تم تخصيص جزء من حلقة يوم الأربعاء لـ«الأزهرى» يحاور فيها أستاذه ومعلمه.
وبعد أن قل ظهور الشيخ على جمعة على القنوات الفضائية لجأت القناة نفسها إلى تلميذه أسامة الأزهرى، في فقرة ثابتة كل جمعة يستضيفه فيها الإعلامي خيرى رمضان، وهى الفقرة التي ساهمت في شهرة الشيخ بين عوام الناس وليس فقط طلبة العلم.
في فبراير ٢٠١٣، كان الأزهرى ضمن المشاركين في معرض إنجازات دار الإفتاء، وكانت الفرصة سانحة أمامه للحديث عن جزء من علاقته بالشيخ وإقرار فضله، فقال: «تختلط لدى المشاعر الشخصية للحديث عن إنجازات الشيخ، ولقد تشرفت بمعرفة الإمام على مدى سنوات طوال تعلمت منه، فالمفاتيح العلمية التي نهضت عليها حياتى، ترجع إلى كلامه وعباراته».
وأضاف متحدثا عن شيخه: كان همه الشاغل مدى عمره، كيف نتلقى هذا الدين كاملا عمن قبلنا، ونوصله كاملا إلى من بعدنا، وفى إطار ذلك خالط العلماء، وغاص في التراث حتى أدرك نسقه، ورأى التاريخ بكل ما فيه، فمكتبته الشخصية تضم ٦٠ ألف عنوان، وتعد من أكبر المكتبات الخاصة والشخصية في العالم، إذ طالعها عن معرفة واحتكاك، وكان له عدة مشروعات قامت عليها الإفتاء، فلو أن الغزالى قدم لنا كتاب إحياء علوم الدين، فمفهوم الإحياء جسده العديد من العلماء في مختلف العصور، وفى عصرنا جسده الإمام على جمعة، فلك منى يا سيدى التحية والإكبار».
ومن اللمحات التي تعبر عن عمق العلاقة بين الشيخين، وتقدير المعلم لتلميذه، وإكبار شأنه وتعظيمه، المقدمة التي كتبها الشيخ أسامة الأزهرى لكتاب «النبراس» في التفسير لـ«جمعة»، فمن العرف أن يقدم الشيخ لكتب تلاميذه، وليس العكس، الذي إن حدث فهو يحمل من الدلالات الكثير.
وقال «الأزهرى» في مقدمته: لؤلؤة جديدة تضاف إلى ذاك العقد الفريد من سلسلة كتب مولانا الإمام العلامة الدكتور على جمعة، مفتى الديار المصرية، ولبنة جديدة تضاف إلى ما سبقها من لبنات وضعها علماؤنا الأجلاء في كل وقت وحين منذ انزل الله كتابه على رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم.. «النبراس».. رحلة في كتاب الله العزيز يصحبنا فيها مولانا الإمام، يدلنا فيها على عظمة هذا الكتاب المتين الذي يخلق من كثرة الرد رحلة تناسب عصرنا وحالنا.. نفعنا الله بها، وجزى بها شيخنا خير الجزاء.
الشيخان، تجمع بينهما «الصوفية» و«أشعرية المذهب»، فكانا دائمًا في خط المواجهة الأمامى ضد القوى السلفية، إذ عرف عن «الأزهرى» أنه «تلميذ على جمعة»، يسير على خطاه ومنهجه، وقف مدافعا عنه في وجه الهجمة الشرسة من قبل جماعة الإخوان الإرهابية، وبعد ثورة ٣٠ يونيو، تزايدت أسهم «التلميذ» على الساحة، فعين عضوًا بالهيئة الاستشارية لرئيس الجمهورية، ونال لقب المستشار الدينى للرئيس، ويبدو أن الأمر جاء بتزكية من الدكتور جمعة الذي يحتفظ بعلاقة خاصة مع الرئيس عبدالفتاح السيسى.
ويقوم الاثنان على مشروع كبير الآن، هو وضع إستراتيجية التجديد الدينى، بتكليف من الرئيس بعد دعوته لـ«ثورة دينية»، تزيل التطرف والمفاهيم غير المتوافقة مع العصر من التراث الإسلامى، بل يعتمد الرئيس على الإثنين كـ «رأسى حربة» في معركة «التجديد الدينى»، وتعول عليها الدول لتحقيق هدفها بـ «تنقية التراث الإسلامى».
يذكر أن الشيخ أسامة السيد محمود الأزهرى، عالم وخطيب وأكاديمى أزهرى ولد في الإسكندرية عام ١٩٧٦، ونشأ في سوهاج بصعيد مصر، ويعد من أبرز العاملين على نشر الفهم المستمد من التراث ومفاتيحه ليحتوى الواقع المعاصر، ويقود التطبيقات اليومية والواقع المعيش، وذلك من خلال خطب الجمعة في القاهرة بجامع السلطان حسن، ومحاضراته في مختلف المحافل، ودروسه في رواق الأتراك بالأزهر الشريف.
وينادى الشيخ بعدد من الأفكار الجديدة، ويعمل على إحياء أفكار ونظريات إسلامية أصيلة ويروج لها من خلال مؤلفاته ومقالاته ومشاركاته العلمية في المؤتمرات المختلفة، ومن مؤلفاته: «إحياء علوم الحديث، والمدخل إلى أصول التفسير، والإحياء الكبير، وأسانيد المصريين، وجمهرة في المتأخرين من علماء مصر».