رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

"البوابة" تكشف لغز انهيار صناعة الدواء في مصر

فوضى قطاع النباتات الطبية والعطرية (2-1)

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
المساحات المزروعة تراجعت من 65 ألف فدان فى 2007 إلى 33 ألف فدان 2013
تجارة النباتات الطبية والعطرية تترواح بين 70 و107 ملايين جنيه سنويا من أصل 45 مليون دولار فى 2007
قلة المساحات المزروعة وغياب استراتيجية متكاملة وعدم وجود معامل لاستخلاص المادة الفعالة يهدد الصناعة فى مصر

حالة من الفوضى تجتاح القطاعات الزراعية، خاصة المحاصيل غير التقليدية التى تدخل كجزء رئيسى من مكونات صناعة الدواء، فضلا عن دخولها فى صناعة الزيوت العطرية والمنظفات ومستحضرات التجميل الطبيعية، تلك الفوضى نتجت جراء فشل الحكومة فى تطوير هذا النوع من الاقتصاديات الزراعية الأمر الذى أفسح المجال أمام شركات دولية للسيطرة على سوق الأعشاب والنباتات الطبية والعطرية، رغم أن مصر واحدة من الدول المهيئةً وفقا لكل الدراسات أن تحتل مكانة متقدمة فى هذا المجال لجلب العملات الصعبة، عبر تصديرها للنباتات الطبية والزيوت العطرية، مع تحقيق الاكتفاء الذاتى والتوريد للمصانع فى الداخل، خاصة أن مصر ما زالت تحتفظ بأصنافها المحلية التى تزداد مادتها الفعالة بعكس باقى المحاصيل الزراعية التى سيطر عليها الهجين والبذور المستوردة والأصناف الأجنبية، كما أن الدول الغربية المستهلك الأول للصادرات المصرية من النباتات الطبية والعطرية لم تستطع وقف استيرادها عام 2012، وقت حظر الاتحاد الأوروبى استيراد المنتجات الزراعية من مصر، وذلك لجودتها العالية، فضلا عن رغبتها فى السيطرة الكاملة على صناعة الدواء عبر حصولها على المواد الخام الرخيصة «النباتات الطبية والعطرية».
تكشف الأرقام الحديثة حجم التراجع فى مجال زراعتها، حيث بلغت المساحات المزروعة وفقا لآخر دراسة عن النباتات الطبية والعطرية، الصادرة من المركز القومى للبحوث فى ٢٠١٣ التى تمت فيها زراعة قرابة ٣٣ ألف فدان فقط، لتتراجع بنسبة تقارب الـ ٥٠٪، عقب سيطرة شركات القطاع الخاص التى تقوم بجمع المحاصيل من صغار المزارعين، فضلا عن قيامها بزراعة آلاف الأفدنة، هذه الشركات هى: «أتوس، رويا، الميزان».
وتنقسم النباتات إلى نوعين، الأولى «الطبية» التى تحتوى على مادة فعالة وتستخدم لأغراض علاجية كمقاومة المرض أو الحد منه أو زيادة المناعة، والأخرى «العطرية»، تلك التى تحتوى على مادة فعالة والتى تدخل فى صناعة العطور والمنظفات والصابون ومستحضرات التجميل، فيما تبلغ تجارة النباتات الطبية والعطرية عالميا ٦٠ مليار دولار سنويا، ومصر ليست غائبة عن السوق العالمية، فهى تشارك كدولة مصدرة للأعشاب والمواد الفعالة بقيمة تصل لـ٤٥ مليون دولار بقيمة تمثل قرابة ٢،١٪ من جملة الصادرات من أنواع «البردقوش والكمون واليانسون والكراوية والريحان»، كما تحتل مصر مركزا متقدما فى تصدير الزيوت العطرية، حيث تصدر ما يمثل ٤٠٪ من حجم تداول الزيوت العطرية عالميا، وتأتى بعدها الصين وإندونيسيا وأمريكا.
مصر تتصدر القائمة
كل الظروف تصب فى صالح هذا المجال، لأن مصر مازالت محافظة على أصنافها المحلية بعيدا عن التهجين، فنجد مثلا ٥٠ جراما من «كمون مصر» أفضل من كيلو من نفس الصنف التركى، نظرا لزيادة تركيز المادة الفعالة فى المصرى عنه فى المستورد، كما توافق الحفاظ على النوعيات الأصلية مع رغبة المستهلك الأول لصادراتنا من النباتات الطبية والعطرية، وهى الدول الغربية ودول الاتحاد الأوروبى، مثل الكمون والحبوب العطرية مثل الشمر، وأيضا المحاصيل العطرية الورقية كالنعناع والريحان، حسبما قال الدكتور السيد حسن، رئيس شعبة الخضر والنباتات الطبية.
وأضاف أنه وقت عمل حصار اقتصادى على المنتجات المصرية فى ٢٠١٢ كنوع من الضغط السياسى بدعوى توريد مصر لنوع من الحلبة تسبب فى أمراض بألمانيا، كانت المحاصيل المستثناة من الحظر أو بمعنى آخر لا يستطيعون الاستغناء عنها، هى النباتات الطبية والعطرية، ما يشير لأهميتها فى مجال التجارة الدولية ومجال الاستثمار الجاد من قبل الدولة عبر استراتيجية زراعية متكاملة، بدءا من تحديد وإلزام زراعة مساحات من تلك الأنواع، وأيضا التسهيل فى طريقة الجمع والتوزيع والتصدير بطريقة سريعة، حفاظا على جودة المنتج ليستطيع المنافسة خارجيا بالسوق العالمية، كما تصب الأعشاب بشكل مباشر فى الطب البديل والآمن، بعيدا عن الأدوية التى تدخل فى صناعتها ٨٠٪ مواد مصنعة من مواد خام يتم احتكارها لكبرى الشركات العالمية للأدوية.
واستنكر محمد إسماعيل، رئيس شعبة المستلزمات الطبية، وضع مصر الحالى بسوق النباتات الطبية والعطرية، خاصة أنها تكتفى فقط بدور تصدير المادة الخام بأثمان بخسة وقليلة وتستورد الزيوت العطرية أو المنظفات أو المادة الفعالة المستخدمة بشركات تصنيع الدواء بمئات ملايين الدولار، كما تمتلك عدة مناطق فى مصر، مثل سيناء، أنواعا نادرة من الفسائل فى العالم كله، وأرجع «إسماعيل» تردى حالة مصر فى هذا المجال لغياب معامل تستطيع استخلاص المادة الخام والزيوت العطرية، ونكتفى فقط بدور المصدر لدول الاتحاد الأوروبى وأمريكا ونستورد المادة الفعالة.
فيما كشفت أرقام هيئة الرقابة على الصادرات والواردات عن حجم التصدير والاستيراد الذى يتراوح بين ٥٠ و٧٠ مليون جنيه، فوصل حجم الصادرات العام الماضى ٢٠١٤ إلى ٢ مليون و٩٤٢ ألف طن من النباتات الطبية والزيوت العطرية بقيمة تصل لـ ٤٤ مليون جنيه.
وفى الفترة من يناير ٢٠١٥ حتى شهر يونيو ٢٠١٥ بلغت الأرقام ٩٧٧ طنا بقيمة ١٥ مليون جنيه فى أقل من ٤ شهور.
أما حجم الواردات العام الماضى منها، وصل لـ٣ ملايين و٥٨٢ ألفا و٨٦٨ طنا بقيمة ٢٥ مليون جنيه، وفى ٢٠١٥ وصلت القيمة لـ٧٩٤ طنا بـ٧ ملايين جنيه، ما يكشف حجم التجارة فى مجال التصدير والاستيراد، والمستهدف أن يصل إلى ١٠٧ ملايين مع نهاية العام الجارى، حسب آخر تصريحات للدكتور فاروق الشوبكى، رئيس مجلس إدارة جمعية منتجى ومصدرى النباتات الطبية والعطرية، مضيفا أن ألمانيا واليابان والولايات المتحدة الأمريكية هى أكثر الدول استيرادا لتلك المنتجات.
كما تصدر مصر لدول الاتحاد الأوروبى وأمريكا واليابان نظرا لعوامل الجودة والمادة الفعالة التى تزيد فى الأصناف المحلية، فيصل ٤٢٪ من حجم صادرات مصر إلى أوروبا الغربية و٣٣٪ منها لأمريكا الشمالية والوسطى و١٧٪ للدول العربية و٣٪ للدول الأسيوية، عبر مساحات زراعية كانت تقدر بقرابة ٦٥ ألف فدان ما يعادل ٠،٠٧٦٪ من إجمالى المساحة المزروعة فى مصر التى كانت تقدر بـ ٨.٤ مليون فدان فى ٢٠٠٧.
تدهور أول مشروع
تم إنشاء أول مركز قومى للنباتات الطبية بغرض زراعة الأنواع الطبية وتوفير المادة الخام اللازمة لصناعة الدواء، بعد إجراء التجارب العلمية عليها، لتوفير دواء آمن وبسعر مناسب، إلى جانب دراسة وتطوير وتجميع الأبحاث العلمية والتطبيقية التى تجرى على النباتات الطبية ومستخلصاتها بغرض تطويرها للاستغلال الاقتصادى ودخولها فى صناعة المستحضرات الدوائية العشبية، بالتنسيق مع الجهات البحثية، مثل الجامعات ومراكز البحوث والشركات المحلية والهيئات الدولية.
ومن خلال «وحدة نصف إنتاجية تم توفيرها بمركز النباتات الطبية» التى تتكون من من آلات زراعية وأدوات تجفيف وكل مستلزمات الإنتاج الخاصة بالأعشاب الطبية ومعامل مزودة بالأجهزة الحديثة، مع توفير مواد كيماوية غالية الثمن تستخدم فى حفظ الأعشاب والنباتات الطبية، والمخصص لزراعتها قرابة ١٥ فدانا وهى مساحة المزرعة الملحقة بها صوب زراعية بتكلفة ٢٠ مليون على قطعة أرض تقارب مساحتها ٢٤ فدانا بمبلغ ٢٢ مليون جنيه بمنطقة كفر الجبل بالهرم بمحافظة الجيزة، وبعد تخصيص الأرض ومنحتها للهيئة بالأمر المباشر باعتبارها ضمن أعمال المنفعة العامة.
وتم تمويل المشروع من خلال منحة مقدمة من وزارة التعاون الدولى عبر الحساب الخاص لمركز التعاون الأمريكى، ليتم عمل وحدة حسابية خاصة بمركز الدراسات التطبيقية ببحوث النباتات الطبية، برقم كودى خاص، بعد موافقة وزارة المالية، وأصبح لها ختم نسر صلاح الدين، الذى تم الاستيلاء عليه بموجب قرار إلغاء هذه الوحدة الحسابية الخاصة بالمركز نفسه مع إحالة كل الأرصدة الخاصة به إلى الوحدة الحسابية بالمركز، لتكون بمثابة شهادة وفاة للمشروع.
وحدة لا تعمل
ومن الغريب وجود وحدة نصف إنتاجية بالمشروع مكونة من الآلات الزراعية وغلايات خاصة بالنباتات وآلات التجفيف والمواد والمحاليل الكيماوية التى تهدف لاستخلاص المواد الفعالة من الزيوت الثابتة أو الطيارة، تتم زراعتها داخل المزرعة الخاصة بالهيئة البالغ مساحتها ١٥ فدانا، ولم تعمل من وقت تنفيذها، والمفاجأة أنه تتم زراعتها بالبرسيم بدلا من النباتات الطبية.
حال لا يسر
تجولنا فى المركز لنفاجأ بإلغاء بواقى المواد الكيماوية والدوائية ومواد قابلة للاشتعال وأخرى بيولوجية سامة على الأرصفة الخارجية بالهيئة، ما ينذر باشتعال الحريق داخل الهيئة فى أى وقت، فضلا عن تغير مسار المشروع أساسا لزراعة البرسيم على عشرات الأفدنة بدلا من النباتات الطبية.
الفوضى الضاربة بجذورها فى الهيئة المعنية بتوفير الزراعات الطبية، كشف عن تفاصيلها، تقرير بالجهاز المركزى للمحاسبات، الذى أوضح حجم المخالفات الموجودة ممثلة فى العديد من الأجهزة العلمية والحاسبات الآلية والموازين الخاصة بالمعامل وماكينة خاصة بالغربلة للزراعيين وكميات كبيرة من الكيمياويات الصالحة للاستخدام ملقاة على الأرض، علاوة عن أدوية مطلوب إعدامها داخل المركز، أما المخالفات المالية بالتقرير، فتمثلت فى صرف مبلغ ٢ مليون و٧٠٠ ألف جنيه تم دفعها من صندوق تحسين الخدمة بالهيئة فى أعمال التطوير بالمركز، ولم تجر أى تسويات بالمبلغ المذكور.
كما تم صرف ٤ ملايين و٣٨٧ ألف جنيه من إجمالى تعاقدات قاربت الـ ١٠ ملايين ضمن أعمال تطوير استمرت لـ ٦ سنوات فى تلك الأعمال التى لم تجر، خاصة بشبكة صرف صحى وبنشات تم توريدها للهيئة غير مطابقة للمواصفات لعدم مقاومتها للأحماض والقلويات، ومشكلة فى الرقم السرى فى جهاز الإنذار، فضلا عن عدم وجود دفاتر لشطب صادر أو وارد، وتسجيل دخول أو خروج أجهزة داخل المركز ما يجعل المخازن «سداح مداح» ،لا يتم تسجيل دخول أو خروج أية معدات.
والمفاجأة ما جاء فى تقرير اللجنة المشكلة لحصر «كهن» بالمركز من قبل الهيئة نفسها أقرت بما جاء بالجهاز المركزى للمحاسبات من مخالفات ووجود أصناف من النوع الغالى جدا المنتهية الصلاحية والمتراكمة لسنوات طويلة خارج مخزن الكيماويات بجانب كميات كبيرة جدا من السيارات، واكتفت اللجنة بعمل توصيات عن طريق سلك شائك أو سور لحماية المعدات من السرقة، واعترفت بإهدار المال العام عن طريق تكليف الهيئة أموالا طائلة تأخذ لشراء مواد كيماوية غالية الثمن دون أى استفادة تعود على المركز.
وذكر مصدر رفض ذكر اسمه من داخل «مركز النباتات الطبية، كان من المفترض أن تكون مهام أول مشروع قومى لزراعة كل النباتات الطبية الهامة مثل «الزعتر وحشيشة الليمون وباقى الأنواع التى تصل أصنافها إلى أكثر من ٦٠ صنفا، ثم يتولى استخلاص المادة الخام فى صورة نصف إنتاجية وتحضير المادة الخام للشركات بدلا من استيرادها من الصين والهند.
وتشمل الوحدة نصف الإنتاجية، غلايات ضخمة ومناشر للنباتات الطبية يتم نشر النباتات بها وتجرى عمليات التنشيف ثم توضع فى الغلايات ويسلط عليها البخار الساخن لاستخلاص الزيوت والمواد الفعالة، أو تكثيف النباتات فى صورتها الأولية، مثلا نباتات طبية تستخلص من البذور ويتم طحنها لاستخلاص المادة الفعالة.
وبعد فشل أول مشروع قومى لزراعة النباتات الطبية سيطر القطاع الخاص وأصبح إنتاج وتصدير النباتات الطبية والعطرية حكرا على القطاع الخاص، ولا توجد أى نسب تذكر للقطاع العام اللهم فقط المراكز البحثية التابعة للجهات الحكومية، وتستخدم فى المجالات البحثية وليست لها قيمة إنتاجية حول حجم التصدير المحدود جدا للنباتات الطبية والعطرية، فى حين تصديريها لشركات الأدوية بغرض تصنيع المستخلصات والمستحضرات الصيدلانية، أما مجال الصناعات العشبية كمواد خام فى شكل عبوات أو أكياس مثلا تتمثل فى شركات مثل إيزيس أو امتنان ورويال وأتوس والميزان، ولها شركة قابضة تضم شركات تعبئة الأعشاب بل وتزرع آلاف الأفدنة، وتجمع محاصيل صغار المزارعين، تليهم وادى النحل السعودية حسبما قال الدكتور محمد نوارة، خبير النباتات الطبية.
وعن دخولها صناعة المستحضرات الطبية يقول الدكتور السيد أبو الفتوح بالمركز القومى للبحوث، نبات شوك الجمل الذى يستخدم فى صناعة العديد من المستحضرات الطبية لحماية الكبد ومعالجة آثاره الجانبية، علاوة عن نبات الخرشوف الطبى الذى يستخدم لنفس الغرض، ونبات الإيسيتزيا، وهو نوع تم استجلابه من أمريكا الجنوبية وزرع فى مصر ويدخل فى صناعة العديد من المستحضرات الدوائية التى تعمل على رفع المناعة.
كما توجد الخلة البلدية التى تدخل فى صناعة مادة هامة جدا تسمى «الخلية أو الخللجين»، والتى تعمل على نطاق واسع فى مجال حصوات الكلى عن طريق قدرتها على ارتخاء عضلات الحالب ما يسهل عملية نزولها من الحالب، أما «الخلة الشيطاني» فعلاج مشهور للأمراض الجلدية مثل البهاق.
وأكثرها أهمية الزعتر، المستخدم بكثرة فى المنتجات الدوائية لعلاج الكحة، وتستخدمه شركات الدواء بنسب عالية فى علاج الكحة والذبحة الصدرية، فضلا عن دخوله أيضا فى صناعات مستحضرات التجميل والمنظفات التى تستخدم بشكل كبير «الصبار» فى مستحضراتها، أما «الحلفة بر» يعتبر من النباتات الطبية الهامة فى علاج حصوات الكلى.
ومن ضمن النباتات الطبية اليانسون لما له من خصائص طبية وصحية عالية، فيعتبر مضادا للالتهابات، كما يعالج الروماتيزم والصداع ويخفف من حدة التوتر ويستخدم كمخفف للآلام.
أما النعناع البلدى فله فوائد طبية كثيرة، يعالج نزلات البرد والزكام ويخفف الحمى عن طريق التعرق، وفى علاج الصداع النصفى، وآلام المعدة كما يساعد على تحفيز تقلصات الرحم، لذلك ينصح الأطباء بعدم تناول الحوامل له.
وللبردقوش أهمية من نوع خاص بسبب رائحته الزكية وكونه مضادا للفطريات والالتهابات الصدرية، والتهاب اللوزتين والسعال والتهاب القصبة والربو علاوة على تخفيفه لآلام المعدة.
أما عشبة «أكينين البرى» التى تستخدم لعلاج التهابات الجهاز الهضمى والتنفسى والأمراض التناسلية وهى مفيدة للمرارة.
وحشيشة الورد تستخدم طاردا للحشرات وتخليص الجهاز الهضمى من الديدان، وتستخدم أحيانا لعلاج الجرب، فيما يعد «سرخس السيدة» Lady Ferns وهى من أقدم النباتات على مستوى العالم، وتساعد عصارته على تخفيف آلام الجروح والحروق، حسبما قال الدكتور صبرى صلاح الدين رئيس وحدة النباتات الطبية بالمركز القومى للبحوث.
وترجع أهميتها باعتبارها مجالا خصبا للتوسع فى الرقعة المزروعة بها، تليها زيادة القدرة التصديرية، وإدخال العملات الأجنبية، والأخطر فهو المجال الوحيد المحافظ على أصنافه المحلية، بعيدا عن التهجين الذى أصاب معظم القطاعات الزراعية الأخرى، والتى أصبحت تعتمد بشكل كلى على استيراد التقاوى والبذور من الشركات العملاقة والضخمة، على حساب إهمال الأصناف المحلية والتوقف عن استنباط أنواع جيدة منها؛ جريا وراء العائد الكبير من الأصناف الهجينة التى تتمثل خطورتها فى عدم القدرة على استنباط أو الحصول على بذور وتقاوى العام التالى لما يحدث من انهيار لكل الصفات المرغوب فيها فى الصنف المزروع من الجيل، ما يسمى بالجيل الأول f١، ما يلزم الدول المستوردة على تجديد عقود الاستيراد بشكل سنوى، وتصبح الدول المنتجة هى المحتكرة والمهيمنة لسوق التقاوى والبذور التى لا تقل أهمية عن سوق السلاح والمخدرات والأدوية، حسبما قال الدكتور السيد حسن، رئيس قسم بشعبة الخضر والنباتات الطبية.
وتصب الأعشاب بشكل مباشر فى الطب البديل والآمن، بعيدا عن الأدوية التى تدخل فى صناعتها ٨٠٪ مواد مصنعة من مواد خام يتم احتكارها لكبرى الشركات العالمية للأدوية.

إهمال الطب البديل
يعمل فى سوق الطب البديل والأعشاب الطبية قرابة نصف مليون عامل، مسجل منهم ٥ آلاف فقط بالغرفة التجارية فى تجارة العطارة تصل لـ١٠ ملايين جنيه، فيما بلغت حجم مبيعات الأعشاب والمستخلصات الطبية لـ٣٠٪ من إجمالى مبيعات الدواء فى مصر، كل هذه الأرقام ويتم إهمال الطب البديل وتركة لمجموعة من النصابين والدجالين والعطارين الذين يتاجرون بعلاج المرضى عبر أعشابهم، بسبب عدم الاهتمام بالأبحاث والرسائل العلمية فى مجال التصنيع المباشر لشركات الأدوية، فضلا عن عدم وجود دعم من شركات الأدوية فى مجال التصنيع المباشر للدواء ويتوقف دورها على إما الاستحواذ على البحث لتسجيله دواء جديدا ثم تسويقه أو محاربته للقضاء عليه.
والمتبقى من تلك الشركات تعتمد على الربح السريع من خلال شراء أو الحصول على ملفات أدوية أو عقاقير مسجلة بالفعل، وتكتفى بدور التصنيع المباشر اعتمادا على استيراد المادة الخام من الشركة الأم، على عكس المعمول به فى الأنظمة العالمية التى ترعى الباحثين وتدعمهم، إلى أن يصلوا لنتائج ثم تتولى تسويق منتجاتهم، وتجنى ثمار الصرف أضعافا مضاعفة أو يتم الاكتفاء بتصدير الأعشاب والنباتات العطرية فى صورتها الأولية، إلى جانب عدم وجود استراتيجية للتعليم الطبى بالأعشاب الطبية والعطرية، وفقا لمعايير دقيقة من حيث الجرعة والزمن وتكتب فى روشتة الطبيب أو وصفته للمريض.
ومن المفارقات أن يدرس علم «الأروما ثيربي» بكليات الطب فى الكثير من البلدان العربية، واستخدام الزيوت العطرية فى العلاج، وفقا لتقنيات محددة ومدروسة لأمراض عديدة، فيما تكتفى مصر بتصدير زيوت وعجائن فطرية خامة دون أن يكون لها نصيب فى تصنيعها، كالزيوت العطرية للنباتات للعائلة الشفوية مثل «الريحان الحلو والنعناع البلدى والنعناع الفلفلى والبردقوش والزعتر».