الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

أنبياء الله.. "وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن الْعَالَمِينَ"

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ذكر الله تبارك وتعالى قصة سيدنا لوط وقومه فى كتابه الكريم سبعًا وعشرين مرة، فى سور الأعراف وهود والحِجر والشعراء والنمل وغيرها من سور القرآن، التى قصت وحكت لنا سيرة نبى الله لوط مع قومه من المكذبين .
فنبى الله لوط هو ابن هارون شقيق سيدنا إبراهيم عليه السلام، وقد آمن بسيدنا إبراهيم، أرسله الله سبحانه وتعالى فى مكان بالأردن يدعى بسدوم ويدعى بحيرة لوط حاليا، ليهدى قومه ويدعوهم إلى عبادة الله سبحانه وتعالى، وكان قومه رجالا طاغين وظالمين يأتون الفواحش ويعتدون على الغرباء، فكانوا يأتون الرجال شهوة من دون النساء فدعاهم سيدنا (لوط) لترك المنكرات، ولكنهم أرادوا أن يخرج هو وقومه، ولم يؤمن به أحد إلا أهل بيته لكن امرأته لم تؤمن به، ولم ييأس لوط من قومه بل أخذ يدعوهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له، وبدأ باستخدام أسلوب التخويف والتعذيب فى الآخرة ويغريهم بنعيم الجنة ولكنهم لم يتعظوا، وقيل إن الذى حملهم على هذه الشهوة وهى إتيان الرجال من دون النساء أنهم كانت لهم بساتين وثمار فى منازلهم وبساتين وثمار أيضا على ظهر الطريق، وقد أصابهم قحط شديد وجوع فقالوا لبعضهم: إن منعتم ثماركم عن أبناء السبيل والمسافرين كان لكم فيها معاش فقالوا وكيف نمنعها؟ فأقبل بعضهم على بعض فقالوا: اجعلوا سنتكم وعادتكم أن من وجدتموه فى بلادكم غريبا فاسلبوه وانكحوه وزين لهم الشيطان هذا الفعل، وحلاه فى نظرهم فظلوا مستمرين على هذه العادة، إلى أن جاء نبى الله لوط إليهم ودعاهم إلى عبادة الله سبحانه وتعالى وترك هذه المنكرات والفواحش، قال الله سبحانه وتعالى فى كتابه الكريم {وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن الْعَالَمِينَ * إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاء بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ}سورة الأعراف.
وقال تعالى:{إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ * إِنِّى لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ * فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ * وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ}سورة الشعراء.
لم يستجب قوم لوط إلى ما دعاهم به، بل استمروا فى الضلال وفعل الفواحش وكذبوا نبى الله لوط، وأخذوا يكذبون بيوم القيامة وعذاب الله لهم فكانوا يقولون له: ائتنا بعذاب الله إن كنت من الصادقين وأخذوا يهددون نبى الله بالطرد من قريتهم وتمادوا فى العناد وهموا بإخراجه من القرية قال الله تبارك وتعالى:{وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُواْ أَخْرِجُوهُم مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ} سورة الأعراف،
وقال تعالى:{قَالُوا لَئِن لَّمْ تَنتَهِ يَا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ}سورة الشعراء.
لما أصر قوم لوط على العناد وتهديد نبى الله دعا لوط عليه السلام ربه أن ينصره عليهم فى قوله {ربِّ نجنى وأهلى مما يعملون} سورة الشعراء ، وقال: {قال ربِّ انصرنى على القوم المفسدين} سورة العنكبوت، فاستجاب الله سبحانه وتعالى دعوة سيدنا لوط، وأرسل الله عز وجل إلى قوم لوط ملائكة لإهلاك قوم لوط وهم جبريل وميكائيل وإسرافيل ليقلبوا عليهم القرية عاليها سافلها وينزلوا بهم العذاب، وكانت لهم مدائن أربع وكان عددهم يزيد علي أربعمائة ألف.
وعندما وصل الملائكة القرية فى الظهيرة، جاءوا إلى نبى الله لوط ودخلوا عليه فى صورة شابين جميلين يشرق وجهاهما بالنضارة والشباب ولم يخبراه بحقيقتهما، فظن نبى الله لوط أنهما ضيفان جاءا لزيارته فرحب بهما وخاف عليهما من أولئك المجرمين وخشى أن يكون أحد رآهما فيذهب ويخبر قومه وقال فى قوله تعالى : {ولما جاءت رسلنا لوطا سىء بهم وضاق بهم ذرعا وقال هذا يوم عصيب} [سورة هود] ، وحدث ما كان يخاف منه وخرجت زوجته وكانت امرأة كافرة خبيثة وذهبت إلى قومها وأخبرتهم أن فى بيت لوط رجالا ما رأيت مثل وجوههم قط وعندما سمع قوم لوط الخبر ذهبوا إلى بيت لوط وأرادوا الاعتداء على ضيوف لوط عليه السلام وأخذ نبى الله لوط يتناقش مع قومه بالحسنى لعله يبعدون ودعاهم بأن يتزوجوا من بنات القرية وأن يكتفوا بنسائهم دون الاعتداء على أحد، ولكن قومه رفضوا نصيحته، وصارحوه بغرضهم السيئ من غير استحياء ولا خجل وقالوا له: إنهم ليسوا فى حاجة الى بنات القرية، وأخبروه أنهم لا يرغبون إلا فى أولئك الشبان الحسان الذين هم فى بيته ضيوفا.
وعندما رأت الملائكة ذلك وخوف لوط عليهم أخبروا نبى الله أنهم ليسوا بشرا وإنما هم ملائكة ورسل من عند الله سبحانه وتعالى وجاءوا لإهلاك قوم لوط وإهلاك هذه القرية بأمر من الله لظلمهم وكفرهم بالله سبحانه وتعالى، وأمروا نبى الله أن يخرج من هذه القرية مع أهله ليلًا قبل طلوع الصبح لأن موعد إهلاكهم سيكون فى الصباح فى قوله تعالى {قالوا يا لوط إنَّا رسل ربك لن يصلوا إليك فأسْر بأهلك بقطع من الليل ولا يلتفت منكم أحدٌ إلا امرأتك إنّه مصيبها ما أصابهم إنّ موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب} [سورة هود].

مصادر

محمد والذين آمنوا معه ـ عبدالحميد جودة السحار

أنبياء الله ـ أحمد بهجت

قصص الأنبياء ـ الإمام ابن كثير.