رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

ثورة يناير.. على طريقة "فورين بوليسى"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أربعة أعوام.. بسط «الهاجس» السياسي خلالها سيطرته على الشارع المصري.. مع الوضع في الاعتبار أهم النتائج الإيجابية لهذه الحالة التي حوّلت متابعة الحدث السياسي إلى جزء من الهم اليومى للمواطن البسيط.. رغم أنها في المقابل فجّرت جميع طاقات «التنظير» داخل عشاق الأضواء والباحثين عن أدوار.. مقابل «سيرك» إعلامي تجرد من كل أوراق الموضوعية والمهنية حتى فقد كل مقومات الاستمرار بشكله الحالى بعدما أصبح آلة ضجيج.. أدواتها قشور سطحية تقتصر على وجوه انتهت صلاحية استهلاكها ومصادرها تتنقل بين أبواب الاستديوهات للتنظير عن أي وكل شىء.
بدأ اهتمام العالم يتجه حاليا نحو «هاجس» آخر يغلب عليه الطابع الدينى ومحاولة ربط التغييرات السياسية التي اجتاحت المنطقة العربية بحركة الانشقاقات والتطور داخل التنظيمات الإرهابية وتمددها الجغرافى.. إضافة إلى ردود أفعال شعوب هذه المنطقة تجاه استحواذ تيارات الإسلام السياسي على الحكم التي انتهت بالرفض الشعبى لها.
مجلة «فورين بوليسى» الأمريكية نشرت مقالا ذكرت أنه يرصد تحولات تحدث في مصر - ذهب كاتب المقال إلى وصفها بالثورة الاجتماعية- أبرز مظاهر هذا التحول انتشار ظاهرة خلع الحجاب كدلالة على التمرد ومناقشة المحرمات مثل الإلحاد وتراجع سماع صوت شرائط القرآن في سيارات التاكسي.. رغم أن فكرة المقال لم تخلو من «القشور» التقليدية التي اعتادها القارئ من الإعلام الأمريكى -دون أي تعمق في دقة الرصد- بداية من «نغمة الانقلاب النشاز» حتى الزعم أن الرفض الشعبى لحكم الجماعة والذي انتهى بالإطاحة بهم قد أدى إلى المزيد من التطرف بين شريحة من المصريين تحديدا من أعضاء الجماعة!! بعد كل الأدلة التي لا تقبل الشك عن خروج التنظيمات الجهادية من عباءة الإخوان.. ما زال مراسلو الإعلام الأمريكى يمارسون الكتابة بعقلية الغرف المغلقة في واشنطن- حتى وهم يتجولون بين شوارع القاهرة – في ظل قناعة زائفة تصور لهم وجود تيار إسلام معتدل تمثله (الجماعة) مقابل تطرف الجماعات الإرهابية!!
تقرير المجلة الأمريكية يبدو مختلفا لأنه يحول اهتمام الإعلام الغربى إلى رصد ظاهرة دينية في مصر.. بينما يؤكد واقع الحال الذي حدث سواء في مصر أو أمريكا ودول الغرب أن إحدى القضايا الشائكة المتعلقة بالحجاب.. هي توظيف جماعات الإسلام السياسي للزى وتحويله من عادة ذات بعد ثقافى ودينى إلى تمييز سياسي يعكس موقفا يتخذه المنتمون إليها.. دخول الدين إلى عالم السياسة واختلاطه بها خلق أيضا بعض المظاهر التي سعت جماعات الإسلام السياسي إلى فرضها وتأكيد وجودها المكثف في الشارع.. بشكل صارخ وبأعلى الأصوات.. وكأنه شعار تريد إضفاء طابع دينى مؤكد عليه لإثبات قوة تواجدها وكثرة أتباعها من خلاله والأمثلة عديدة.. العباءة والحجاب.. الزى الأفغاني.. إطلاق اللحية.
الدلائل التي يسوقها كاتب المقال مثل تزايد أعداد المعلنين عن هويتهم الجنسية وصفحات المثليين على مواقع التواصل ونماذج لفتيات خلعن الحجاب.. هذه هي مظاهر «الثورة المكتومة» التي يزعم المقال حدوثها في مصر - والتفسير الأغرب الذي يذهب إليه خيال الكاتب - عن كونها مواجهة بين أدوات الديكتاتورية (في إشارة إلى عصر مبارك!).. وجيل شباب الثورة.. وكأن كل هموم وتضحيات شباب ثورة يناير في نظر إعلام أمريكا هي عبارة عن حقوق مجموعة مثليين وسحاقيات وملحدين!! وبعد حل جميع الأزمات الاقتصادية والانتهاء من بناء (تماثيل رخام على «الترعة» وأوبرا).. أصبحت الحرية الجنسية على رأس المطالب الثورية بناء على نظرية «فورين بوليسي»!