الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

لعله يتسلح بالعلم والمعرفة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فى تعليق المناضل خالد محيى الدين على الوثائق التى ضمها كتاب د. رفعت السعيد «اليسار المصرى والقضية الفلسطينية» -المجلد الثالث من تاريخ الحركة الشيوعية المصرية من ١٩٤٠ إلى ١٩٥٠- جاء: «إن الهدف الذى تتوخى كتب الوثائق أو مجموعات الوثائق التاريخية تحقيقه هو أن تضع أمام القارئ المعاصر الحقائق المتكاملة، وأن تقدمها إليه محتفظة بثوبها التاريخى، وبكل رنين الحقيقة المختزل فى داخلها، وذلك بهدف دعوته إلى أن يعيد تقييم الموضوع الذى تعالجه أو تتعلق به هذه الوثائق».
والوثائق المذكورة تتعلق بموقف الشيوعيين المصريين من القضية الفلسطينية عموما ومن الحركة الصهيونية بشكل خاص، واستخلص منها محيى الدين المنطلقات الأساسية لحركة اليسار المصرى تجاه القضية الفلسطينية فيما يلى:
* اعتبار أن الصهيونية حركة عنصرية رجعية، معادية للاشتراكية، وأنها جزء لا يتجزأ من معسكر الاستعمار والإمبريالية.
* التفرقة الواضحة بين اليهودية كدين والصهيونية كحركة سياسية عنصرية ورجعية، والوعى الكامل بخطر الدعاوى العنصرية ليس فقط بسبب طبيعتها غير الإنسانية وغير الأخلاقية، وإنما أيضا، لأنها تقود يهود مصر إلى براثن التعصب، وتشجعهم على قبول دعاوى الهجرة إلى فلسطين.
* الكفاح فى صفوف اليهود بهدف عزل النشاط الصهيونى، وحث اليهود على المشاركة فى الحركة الديمقراطية فى أوطانهم كسبيل لضمان حياة مستقرة وديمقراطية، وذلك بديل لدعاوى الهجرة إلى فلسطين التى كانت تروجها الصهيونية بينهم.
* فضح ما يمكن تسميته بالتواطؤ الرجعى مع النشاط الصهيونى فى مصر، والذى اتخذ أشكالا عديدة تكشف الوثائق عنها، ومنها إغماض العين المتعمد عن نشاط صهيونى عارم كان يتخذ من مصر نشاطا له للهجرة إلى فلسطين، ومن أشكال هذا التواطؤ أيضا الحرب العنيفة التى شنتها الرجعية على الكفاح الشيوعى ضد الصهيونية.
ما سبق هو تعليق وقراءة خالد محيى الدين للوثائق التى تؤكد الموقف الواضح فى صفحات تاريخ الحركة الشيوعية ضد الحركة الصهيونية. هذا الموقف من دولة إسرائيل ومن الحركة الصهيونية سجلته أدبيات ومواقف الحركة الشيوعية المصرية، ولم يولد مع النكبة فى عام ٤٨، ويذكر هذا التاريخ ويسجله المفكر الماركسى الكبير محمود أمين العالم فى مقاله («الماركسيون المصريون والقضية العربية» المنشور فى مجلة «قضايا فكرية» العدد الحادى والثانى عشر، يونيو ١٩٩٢) كتب العالم فى ١٠/٤/١٩٢٥، تنشر مجلة «الحساب» وهى المجلة العلنية للحزب الشيوعى المصرى آنذاك مقالا بعنوان «بلفور يزور ضحيته.. وفلسطين تقابله بالإضراب العام». ويجىء فى المقال ما يلى: «احتفل الصهيونيون فى فلسطين بتأسيس جامعتهم العبرية أول إبريل الجارى، فدعوا لحضور احتفالهم ذلك نخبة من رجالهم وجميع الذين يعطفون على قضيتهم ويساعدونهم فى عملهم الاستعمارى، وكان فى مقدمة المدعوين اللورد بلفور صاحب التصريح المشهور الذى أصدره باسم الحكومة الإنجليزية الذى بموجبه أعطت إنجلترا فلسطين لليهود الصهيونيين رغم إرادة سكانها وضد كل شرع وعرف وقانون، وقد لبى بلفور الدعوة، فقابله السكان فى كل مكان بالإضراب العام، وإنا لنحيى هذه النهضة البديعة فى فلسطين، وجهادهم فى سبيل استقلال بلادهم».
هذه مجرد سطور من تاريخ الحركة الشيوعية نذكرها حتى لا يمر ما جاء فى مسلسل حارة اليهود متهما الشيوعيين بأنهم شجعوا الشباب اليهودى على الانضمام إلى صفوف الحركة الصهيونية. نذكر هذه السطور وهى قليلة مقارنة بحجم وقيمة هذا التاريخ العظيم عل من يقترب منه كجزء أصيل من تاريخ الحركة الوطنية المصرية أن يتسلح بالعلم والمعرفة.