الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

غلطة شامبليون

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
هل نقدر أن نستغنى عن الطائرات والسفن والسيارات والأسلحة المختلفة؟
هل نقدر أن نستغنى عن أنبوبة البوتاجاز والكهرباء والتليفزيون والثلاجة والموبايل؟ بل هنا نقدر أن نستغنى عن النت و«الفيس بوك» و«تويتر»؟ وكل الاختراعات التى نشتريها من الغرب، ونحاول أحيانا أن نقلدها، لكنها تظل أقل من صناعتها فى الغرب؟
بالطبع لا نقدر ولا ننتظر أن نخترع أى شىء جديد غدا أو حتى بعد سنوات طويلة.
اللهم إلا الكلام فقط. بضاعتنا ركام من الأقوال القديمة والعتيقة والتى تختلف وتتناقض مع بعضها البعض، فليس عندنا أى جديد، فأغلبية لا تقرأ ولا تكتب، وبعضها تفك الخط، فتكرر وراء بعض الجهابذة ما يقولونه ولا يعرفون غيره ولا يفكرون أن يعرفوا غيره. وينطبق هذا على كل العالم العربى تقريبا. ربما فى مصر يختلف الأمر، فعندنا حضارة لآلاف السنين، لكننا لم نعرف عنها شيئا إلا مؤخرا جدا. وكان حكامنا ينهبون تراثنا المجهول لنا، ليستخدموا أحجارها التى كشف عنها، ليستخدموها فى بناء قصورهم. أما أوراق هذه الحضارة وبردياتها فقد كانت تحرق، بينما اهتم بها علماء أوروبا، وكشفوا عن الكثير من آثارها المنتشرة فى طول مصر وعرضها، حتى جاء شامبليون -لعنة الله عليه- ليكتشف طلاسم اللغة الهيروغليفية، فعرف العالم بعض أسرار الفراعنة الذين برعوا فى علوم الهندسة والطب والفلك والحساب والهندسة، بل والفنون المختلفة من الموسيقى والغناء والرقص وحتى المسرح وغيرها من الفنون والمعارف. وما زال الأجانب يكتشفون الجديد كل يوم، قبلها كنا نعتبرها -هذه الآثار التى تشكل ثلث آثار العالم- عبارة عن أصنام وثنية، وما زال عندنا حتى الآن من يراها كذلك، والذين حاولوا تحطيمها أو تشويهها أو سرقتها، كأن الناس عندنا سوف تتعبد لها!
وسرق الأجانب الكثير منها، وتبرع بعض حكام مصر فى إهدائها إلى دول الغرب بالمجان، فنصبوا مسلاتها فى أجمل ميادينهم ويعرضونها فى أهم متاحفهم. أما سرقة هذه التحف فهى تاريخ وحده. يدرسه التلاميذ فى السنوات الأولى من التعليم فى بلاد الفرنجة، أما عندنا فالقليل منا الذى يهتم بها، والأكثرية لا تبالى بها، والبعض الآخر يكرهها كراهية التحريم. ومن هنا جاء الهجوم البربرى على معبد الكرنك كأننا سنترك ديننا ونصلى لها مع أن غالبيتنا لا تعرفها ولا تفكر فى زيارتها، بينما يأتى الناس من كل بقاع الأرض لمشاهدتها فى انبهار وعدم تصديق.
وعندنا لا يستغنى رجال الدين عن ركوب أفخر أنواع السيارات الأجنبية والطائرات ويستخدمون الكهرباء والموبايل، ويكتبون على النت و«الفيس بوك» و«توتير»، رغم أنهم لا يستطيعون أن يبتكروا شيئا، فهم فى نفس الوقت يستوردون أغلب ما يصدر عن منتجات الخارج عدا شفرات الحلاقة، لأن إطلاق اللحية هو دليل دامغ على التدين والإيمان وهو المطلوب إثباته. رغم أن كل تماثيل ملوك الفراعنة كان لهم لحى كبيرة منذ آلاف السنين، وكذلك كل ملوك العالم من اليهود والقساوسة وغيرهم، فلا جديد تحت الشمس، وهى بضاعتنا من قديم الأزل.
وظل العالم يتعجب من هذه الآثار ويتخطفها، رغم أنهم لا يعرفون أسرارها، حتى جاء شامبليون ليفك لغز الكتابة الفرعونية، فيعرفون عنها الكثير، لكنهم حتى اليوم لم يستطيعوا أن يعرفوا كل أسرارها، وربما لن يعرفوها إلا بعد زمن طويل.
لعلك تعرف الآن لماذا كانت محاولة قتل السائحين فى الكرنك كما حدث لآثار العراق التى سرقت أو حطمت، وكأننا سنترك ديننا وندخل دين الفراعنة. ولعلك تعرف الآن مغزى ما حدث عندنا كى يُمنع السائحون من زيارة آثارنا، وهو التخلص منها ومن أموال السياحة التى تصب فى اقتصادنا، وحتى لا نلتفت إليها ولا نستمع إلا إلى ما يقوله لنا من خزعبلات، مع أن هؤلاء السائحين يزورون كل الآثار عندنا من مساجد وكنائس ومقتنيات من كل العصور بلا تفرقة.
ولكن يجب أن نعترف أن وزارة التربية والتعليم تسهم فى هذا التعتيم على آثارنا والتى يجب أن تدرسه فى جميع مراحل التعليم. ويبقى أن الأبحاث أثبتت أن ٩٥ فى المائة من جينات المصريين مصرية أصيلة.