رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

حمار انتخب خروفاً!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لو عاش مؤلف الكتاب الشهير «كليلة ودمنة» إلى يومنا هذا لأضاف إلى مئات القصص الواردة فى كتابه قصة جديدة بعنوان «الحمار انتخب الخروف» إلى باقى القصص به، ومنها قصص الأسد والثور التى تكشف عن خفايا السياسة الداخلية وصراع السياسيين فى الدولة وقصة البومة والغراب، وتتحدث عن السياسة الخارجية، وقصة الحمامة والثعلب التى تتحدث عن الصراع بين دعاة السلام ودعاة الحرب، وغيرها من القصص التى تدور على ألسنة الحيوانات والطيور...
وإضافة هذه القصة إلى كتاب «كليلة ودمنة» فى أحدث نسخة له تختلف عن جميع القصص الواردة به التى ترجمها إلى العربية عبدالله بن المقفع، لأن هذه القصة لم تدر أحداثها فى الغابة وفى عالم الحيوان، ولكن دارت فى عالم الإنسان، وبعد أن تم منح الحيوان حق مباشرة حقوقه السياسية التى ظل محروما منها لسنوات طويلة حصل عليها فى غفلة من الزمن..
ومن المعروف أن الحمار هو من أكثر الحيوانات ألفة ويرافق الإنسان الذى يعتمد عليه فى عمليات نقل السلع والبضائع، ولا يعى ولا يدرك ما يحمله وقد ذكر فى القرآن الكريم فى قوله تعالى: «إِنَّ أَنْكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ»، وفى قوله أيضا « كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا»، ولذلك تم حرمان الحمار من حق مباشرة حقوقه السياسية، خاصة لو علمنا أن هناك ٤٤ مليون حمار فى العالم، وأن الكتلة التصويتية للحمير داخل الغابات يمكن أن ترجح كفة مرشح على آخر...
وفور حصول الحمير على حقوقها لمباشرة الحق فى الانتخاب واختيار من تشاء من المرشحين أساءت استخدام هذا الحق عندما جرت أول انتخابات شاركت فيها، وكانت بين «السبع» و«الخروف»، لأن الأسد وقتها ملك الغابة رفض أن يخوض انتخابات بعد حصول الحمير على حق مباشرة حقوقها السياسية والتصويت فى الانتخابات، بعد أن ظلت سنوات تتولى فقط حمل بطاقات التصويت على ظهرها ولا تدرى ماذا تحمل...
والخروف لم يفكر فى الترشح فى هذه الانتخابات إلا بعد أن علم حصول الحمير على حقوقها السياسية، وتأكده أن الحمير سوف تغلب كفتها كفة السبع، رغم ما يملكه من قوة وقدرة ومزايا عديدة، خاصة أن غالبية وحوش الغابة تقف مساندة وداعمة له فى هذه المعركة لمواجهة الخروف الاحتياطى الذى دفعت به جماعة الخرفان لخوض هذه المعركة بعد استبعاد الخروف الأكبر...
وعندما بدأت عملية دوران عجلة الانتخابات بين الخروف الاحتياطى والسبع تجمعت عشيرة الحمير من كل صوب وحدب للاتفاق على المرشح الذى تختاره رئيسا للغابة، لأنه لا يمكن أن يكون ملكا للغابة فى ظل وجود الأسد صاحب هذا اللقب الذى ظل بعيدا يراقب الموقف وهو يدرك حجم الكارثة التى سوف ترتكبها الحمير بسبب التصويت لصالح الخروف، والذى اجتاز المعركة الانتخابية بصعوبة فى مواجهة السبع، بسبب أصوات الحمير وأيضا الشائعات التى أطلقتها الحمير على السبع...
وكان فى تخيل الحمير أن انتخاب الخروف هو الخيار الأفضل لها حتى تستطيع أن تركبه وهى تعلم أنه خروف إلا أن الخروف هو الآخر توهم أنه أصبح أسدًا، وأطاح بالجميع داخل الغابة، وأول من فكر فى الإطاحة بهم هم الحمير الذين منحوه أصواتهم، وبعضهم قام بأكبر عملية عصر الليمون على البرسيم حتى يمكن انتخاب واختيار الخروف فى أول انتخابات تحصل خلالها الحمير على حقوقها السياسية...
وبدأت الحمير تجنى ثمار اختيارها الخاطئ، وتصرفها الغبى لصالح الخروف، وأصبحت الحمير خدما لصالح جماعة الخرفان، وبدأت تشعر بالندم على ما ارتكبته فى حق نفسها وحق الغابة، ولكنها قليلة الحيلة أمام جماعة الخرفان التى توحشت، وأصبحت خرفانا وحشية تسعى للقضاء على الأخضر واليابس داخل الغابة حتى انتفضت أسود الغابة، وثارت على الخرفان والحمير معا...
والفصل الأخير من هذه القصة الحقيقية وليست الخيالية مسجل بشهادة واعتراف أحد الحمير الذين شاركوا فى عملية انتخاب الخروف الإخوانى، وهو محام شهير، ومن عائلة الوحوش، ولكنه فى غمرة اندفاعه لدعم الخروف تنازل عن لقبه، وقال بالحرف الواحد دون إضافة أو حذف «لقد طلعت حمار علشان انتخبت مرسى»، قاصدًا المعزول الإخوانى محمد مرسى، وإذا كان الفضل لعبد الله بن المقفع فى ترجمة قصص كليلة ودمنة للعربية فإن الفضل لهذا المحامى الجرىء نبيه الوحش فى إضافة هذه القصة للكتاب...
فمعذرة يا سيادة المحامى الجليل، فأنت من فصيلة الوحوش، لأنك صدقت مع نفسك واعترفت بالخطأ الجسيم، ولكن هناك آلافاً ومئات آخرين من الحمير الذين انتخبوا الخروف يرفضون الرجوع للحق وطلب التوبة والندم على انتخابهم للخروف، وهذا يعطينا الحق لطلب إصدار تشريع بمنع هؤلاء من ممارسة حقهم السياسى والانتخاب مرة أخرى مع تأكيدنا بأن هذا هو آخر خروف يمكن أن يصل إلى حكم الغابة التى اعتادت على أن يحكمها دوما الأسود، مع كل الاعتذار لكل حمار حقيقى وخروف حقيقى بسبب الإساءة التى لحقت بهما من بعض بنى الإنسان.