الإثنين 20 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

مصر مش ناقصة أزمات

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كلما اقتربنا من تحقيق إنجاز ضخم أو تحدثنا عن أمل جديد يحقق للشعب قدرا من العدالة الاجتماعية وبعض الحلول للمشاكل المزمنة، يدخل المجتمع فى أزمة وينشغل الناس بالحديث عنها، وتجرى فيها على قدم وساق عمليات الاستقطاب، وعمليات الفرز والتجنيب، وكأن عفريتًا من الجن نفخ فى تراب الأرض، فملأ الدنيا غبارا يعمى العيون، فلا نعرف إن كنا على حق أو على باطل.
وبدلا من أن يتفرغ المسئولون لإنجاز أعمالهم المتأخرة، نراهم ينخرطون فى حديث لا طائل من ورائه غير تضييع الوقت الذى لا نملك تضييعه، بل غالبا لا يكلفون أنفسهم أو غيرهم عناء الرد وتصحيح ما التبس على الناس من موضوعات وقضايا أو شائعات أو أخبار غير موثقة، نراهم يذهبون إلى الحل الأسهل من وجهة نظرهم، والأصعب على الوطن فى هذه المرحلة الدقيقة من تاريخه.. تكليف القانونيين لديهم فى تقديم بلاغات للنائب العام، فتأخذ البلاغات أرقاما فتتحول إلى جهات التحقيق وتبدأ آلة الشائعات تدور.. الوزير الفلانى رفع دعوى على فلان الفلانى.. والمسئول الفلانى توعد فلان الفلانى، وتشتغل كتائب الشئون القانونية فى الوزارات والهيئات وتصرف الإدارات المالية المكافآت وبدلات الانتقال، وتجد فضائيات (الهنك والرنك) ضالتها فى الأزمات التى لا تنتهى، وهات يا رغى وروح يا كلام وتعالى يا كلام، ويخرج المنظرون لكل القضايا والمشاكل، فيلبسون كل أزمة ثوبا سياسيا ويضفون على فئات بعينها قداسة ومهابة ليست فيها، ويبدأ النفخ فى النيران، حتى تصل ألسنة اللهب إلى عنان السماء، ويكون مطلوبا إما الاعتذار أو التنازل عن الحقوق أو دهس دولة القانون.
نائب مأمور اعتدى على محامٍ أو محامٍ تجاوز على نائب مأمور.. مشكلة فردية لا ينتج عنها أزمة فى أى مكان فى العالم أو فى أى دولة متحضرة.. لكن فى مصر لابد أن ينتج عنها أزمة كبيرة تصل إلى حد طلب الإضراب فى مواجهة الداخلية..تكبر الحكاية وتكبر كرة اللهب.. فيضطر رئيس الدولة أن يعتذر للمحامين فيقبل المحامون الاعتذار فى التو واللحظة، وكأن شيئا لم يكن.. هل كان المقصود من كل ذلك أن يعتذر الرئيس للمحامين فيهدأ غضبهم أم أن الحكاية لها هدف آخر عند نقيب المحامين وأصحاب الأصوات العالية فى النقابة؟ هل يمكن أن يحذو حذوهم آخرون عندما تحدث مشكلة بينهم وبين أى جهة حكومية؟ هل مات القانون ودفناه ونسينا أن نترحم عليه؟ هل يمكن أن ننادى بسيادة قانون أو دولة قانون ونحن نخرقه ولا نحترمه؟
الحقيقة أن اعتذار الرئيس آلمنى رغم شجاعته فى تقديم الاعتذار نيابة عن غيره.. وكنت سعيدا عندما اعتذر الرئيس للسيدة التى تم التحرش بها فى ميدان التحرير وزيارته المهمة لها فى المستشفى، وتسجيل الحوار الذى دار.. هنا الرئيس اعتذر لها نيابة عن الشعب المصرى كله وجبر خاطرها.. لكن الرئيس هنا اعتذر نيابة عن الداخلية، وإن كان لا مفر من تقديم اعتذار.. فقد كان واجبا على وزير الداخلية وليس الرئيس، وإن كنت أرى أن يتم تحويل الضابط والمحامى إلى جهات التحقيق ليفصل بينهما القانون بالعدل ودون تفرقة، ولا تكون هناك حاجة لتقديم اعتذار لأحد.
هل يعتذر وزير الداخلية أو سيادة الرئيس لأى مواطن عادى عندما يتجاوز عليه أى مسئول من أى جهة حكومية؟ تحقيق وجود دولة القانون لا يستقيم وسياسة الاعتذار التى تحدث أحيانا.
أزمة الصحفيين والداخلية، ليس لها معنى أو مبرر وكان يمكن معالجتها لو خرج مسئول فى التو واللحظة ليكذب ما تم نشره، ويذيع ذلك على كل وسائل الإعلام، فيضيع تأثير الخبر وتتراجع مصداقية الموقع الذى نشر خبرا غير موثق، وأعتقد أن جانبا كبيرا من الأزمة يرجع إلى غياب المعلومات وتباطؤ المسئولين فى الرد عليها، ومع ذلك هل نتعلم من الأخطاء التى نقع فيها أو ينتبه المسئولون؟ أشك فى ذلك كثيرًا.