رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الكرنك يهزم إرهابهم ويوقظ العالم على أخطارهم..!!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
هي قصة الحضارة من جديد في مواجهة البادية بكل إرهابها وإنغلاقها الفكري ومعاداتها للتطور..!! هي رحابة المعابد مقابل ضيق الأفكار..!! هي الوجد الممتد على راحة التاريخ العابر كي يحيط بالأشرار مصرا هذه المرة على أن ينسج جرائمهم في سجلاته ليدوس أشلاؤهم كل زائريه ويبقى تاريخ معبد الكرنك منقوشا فقط على جدرانه التى تحمل ذكريات وطن ومسيرة حافلة لتطوره الديني والفني والاجتماعي على حد سواء..! هو نفس الإرهاب المدنس الذي يحمل نفس النسب لذات الفكر المتطرف المنبعث من نفس المدرسة السلفية التى دأبت على الاعتداء ونشر سنن الخراب في الأرض فلم ينجو من هوسها التاريخ أيضا..!! همج رحل.. خرجوا علينا من كتاب ابن تيمية الذي منعته الأردن وما زال يدرسه الأزهر.. ليخربون واقعنا وتاريخنا.. بعدما حرقوا مدينة النمرود في العراق وأحاطوا بتدمر في وسوريا هاهم اليوم قد أرسلوا للعالم رسالتهم الوقحة من جوار معبد الكرنك الذي يعتبر أكبر دار عبادة تاريخية مسورة في العالم القديم قاطبة..! هي دار الإله آمون الذي عبده قدماء المصريين وقد جسموه في عده أشكال يتحد بعضها بالشمس وقد نحتوه في أشكال مختلفة ما بين الكباش بأصوافها والأوز بجمالها وأعضاء الإنسان بقوتها وحكمتها وذكائها لتتعدد من أشكاله تعدد مزاياه وعطاياه التى يتصورها عنه عباده كخالق ومانح للقوة وواهب للنصر وحامي للوطن ومحامي عن الفقير والضعيف..!! هو نفس الحنان المصري الذي رأى دائما إلهه بجواره في كل محنته وطوال فترات ضعفه وحاجته..!! فعبدوه هنا وبنوا له دارا للعبادة تليق بعطاياه للوطن وحفظه له من عدو يتربص به في مكر وتحد! وقد كان المصريون القدماء يرون أنه من ضمن طقوس التوبة للتقرب من الإله لابد لهم من التطهر بماء البحيرة المقدسة التى مازالت إلى اليوم بطهارة ماءها تعيش بين أجواء التاريخ الذي مرت من هنا أحداثه وبقيت إلى الآن هنا ذكرياته..!! هذا الإرهاب الذي استهدف معبد الكرنك اليوم الأربعاء 10 / 6 / 2015.. هو نفسه الإرهاب الذي قتل من قبل أكثر من 60 شخصا في نوفمبر 1997 عندما فتح مسلحون إسلاميون النار على سياح في متحف حتشبسوت ومقابر فرعونية أخرى..! ليعود نفس الإرهاب المنتسب إلى الفكر السلفي من جديد ليحيط بمصر من الصعيد كما هددت داعش السلفيه من قبل قاصده هذه المرة معبد الكرنك الذي يقع على كورنيش النيل مباشرة ، ولمن لا يعرفه فإن كلمة الكرنك تعنى الحصن المنيع، حيث بناه الفراعنة ليكون بمثابة حصن وملاذ آمن لكل باحث عن الأمان حين رأى المصريون القدماء أن بيت الإله العظيم حامي الوطن هو الوحيد القادر على منح الأمان لمن يلجأ إليه ويلوذ به ويستمد منه..!! حيث تمتع الإله آمون بشعبية كبيرة بين الناس لما كان لتعاليمه من أثر وهي تنادي بنصرة الفقراء ومساعدة الضعفاء وكان في وطن الفراعنة العظام حامي العدالة، حيث وجب على كل من يطلب العون من آمون أن يثبت نقاءه أو أن يتطهر من ذنوبه أولاً، ولهذه الأهمية الكبرى لمعبد الكرنك وقف أمامه طويلا علماء الآثار حين وصفه الفرنسي جون فرانسوا شامبوليون الذي فك رموز الهيروغليفية المصرية لأول مرة بأنه "رحيب كل الرحابة وعظيم كل العظمة" بحيث إنه لابد أن المصريين أعدوه لـ"رجال طولهم 100 قدم".. هذه العظمة لم تفلت من يد الإرهاب الغادر.. الذي يعيد لنا الوقوف مجددا بكل حذر وتأمل أمام النسيج الفكري للحركات السلفية عندما صنفت الآثار على أنها أوثان يجب التخلص منها وهناك فتاوى مبثوثة بمثل هذا السم تناولتها شخصيات مختلفة في حزب النور المصري، ومن بينهم شيوخه كمحمد حسان ومن على شاكلته حتى جاءت ثمار عقائدهم الخبيثة في الاعتداء اليوم على معبد الكرنك ليوقظ روح العالم التى تعظم قيمة الحضارة المصرية العريقة كي تضع حدا لهذا الجنون الذي يغذيه تراخي المواجهة له وغباء الفكر المدعوم من دول شرقية تؤمن بمنظومة أفكار سلفية تعادي العالم كله عندما تعتقد أن الله لم يهد أحدا في كوكبه سواها..!! اليوم علينا أن نسرع أكثر من أي وقت مضى.. في إعادة الاعتبار لفكر الدولة الحديثة والعمل على تجديد خطابها الديني والسياسي واتخاذ ما يلزم فورا من قرارات سيادية بعيدا عن أي مساومات من هنا أو هناك فليس مستقبل الوطن وحده من الإرهاب في خطر بل أضحى تاريخه أيضا..!! منتظر قرارا من القصر الرئاسي على عجل لوضع الآليات اللازمة والملامح العامة لشكل الخطاب الديني ومفاهيمه الواضحة لمواجهة موجة الغدر التى تتلبس بالشريعة..!! ينتظر التاريخ مع الواقع قرارات تشرح تصوراتها الكاملة حول دور الإعلام والتعليم أجهزة الدولة الثقافة والسياسية في المرحلة المقبلة.. لمواجهة الإرهاب ومموليه دولا وأفرادا ومفاهيم..!! نريد دولة بكافة أجهزتها ترتقي لمستوى ما قدمه الرجل المصري البسيط اليوم في الشارع عندما هاجم الإرهاب وأوقفه خارج معبد الكرنك ليحمي بجسده العاري تاريخ وطن يحتاج إلى حماية شاملة قد تأخرت وقد دقت بمعابد التاريخ أجراسه اليوم تستنجد سرعة قيامها بالواجب..!