الإثنين 20 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

الكرة تهز شباك فساد الفيفا!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
خبر هز العالم الرياضى في مختلف بلاد العالم وهو ثبوت فساد مجلس إدارة الاتحاد العالمى لكرة القدم (الفيفا) بقيادة رئيس جمهورية الفساد «بلاتر»!
كانت هناك منذ سنوات أخبار متواترة عن انتشار الفساد المنظم في مجلس إدارة الفيفا، والذي كان يؤثر في القرارات المهمة باختيار إحدى الدول لتكون مقرًا للمونديال العالمى في كرة القدم. وهذه القرارات ليست مجرد قرارات رياضية بل إن دلالالتها السياسية ومكاسبها الاقتصادية التي لا تحصى في مجال السياحة والرواج الاقتصادى، إضافة إلى آثارها الإيجابية من الناحية الاجتماعية من زاوية إبراز التقدم في عاصمة ما، والقدرة على إدارة المباريات بكفاءة، تجعلها قرارات من الوزن الثقيل.
وهذه القرارات التي تخرج باختيار عاصمة ما مقرًا للمونديال عادة ما تكون نتيجة عمليات معقدة تتم في مرحلة المنافسة بين دول متعددة إلى أن يصدر القرار. وهذه العمليات تتضمن الحشد السياسي لتأمين دولة ما، واستخدام كل فنون المناورات بل واستخدام الضغوط الدبلوماسية.
ولكن تبين أن هذه العمليات التنافسية المشروعة لفوز دولة ما لتنظيم المونديال شابتها عمليات فساد قذرة، تبدو في دفع ملايين الدولارات رشاوى صريحة سواء «لبلاتر» رئيس الفيفا أو لأعضاء مجلس الإدارة.
وقد ظهرت فضيحة الفيفا علانية بعد اختيار «قطر» هذه الدويلة الصغيرة التي تفتقر إلى إمكانيات العواصم العالمية لتكون مقر المونديال العالمى لكرة القدم، مما فتح الباب لشائعات متعددة تدور حول أن أمير «قطر» رشا بمبالغ ضخمة الفيفا حتى يستقر الاختيار على بلده، وذلك على الرغم من قصور الإمكانيات الرياضية في «قطر» وارتفاع درجة الحرارة وقت المونديال القادم إلى أكثر من خمسين درجة مئوية.
وقد حاولت قطر بسذاجة نادرة أن تقنع العالم باختيارها غير الرشيد فشرعت في إقامة ملاعب ضخمة بمليارات الدولارات، وقررت تكييف شوارع قطر نفسها (يا للبلاهة)، وأهم من ذلك أن إمارة قطر في سبيل إنجاز المنشآت الرياضية في الوقت اللازم قامت باستعباد عشرات الألوف من العمال الإجراء الأجانب وحشرتهم في معسكرات غير آدمية أدت إلى ثورة مؤسسات حقوق الإنسان في العالم.
فقد أثيرت نفس الشبهات فيما يتعلق باختيار جنوب أفريقيا.
غير أن كل هذه الشبهات لم يكن هناك دليل قانونى عليها. ومن ثم أثيرت تساؤلات هل يستطيع «بلاتر» أن ينجح هذه المرة في انتخابات رئاسة الفيفا بعد نجاحه المتكرر في دورات سابقة لكى يتوج إمبراطورًا متحكمًا في شئون الكرة العالمية؟
لقد نافسه هذه المرة الأمير «على بن الحسين»، ولكن القوى الضاغطة الدولية المؤيدة «لبلاتر» نجحت في أن تجعله ينجح للمرة الخامسة.
غير أن الرجل لم يهنأ بفوزه الكبير، لأنه هو والفيفا فوجئوا بإصدار الهيئات القضائية في الولايات المتحدة الأمريكية أمرا بالقبض على سبعة من كبار مديرى الفيفا، كما أبلغت السلطات السويسرية بضرورة فحص سجلات الفيفا فيما يتعلق بطرق وشرعية اختيار الدول التي ستدار فيها مباريات كأس العالم.
وعند هذا الحد لم يستطع «بلاتر» أن يستمر في تجاهله للفضيحة الكبرى تقدم استقالته ظانا أن ذلك سيكفل له خروجًا آمنًا!
غير أن كل الشواهد تدل على أنه سيقف قريبًا أمام قاضى التحقيق لأن شبكة الفساد التي امتدت وتفرعت عشرات السنوات كفيلة بأن تجعله لا يخرج من دائرة الاتهام. وقد نشرت وكالات الإعلام العالمية أن ميزانية الفيفا تقدر بملايين الدولارات مما يجعل الفساد يطولها بحكم انعدام الشفافية وغياب الرقابة وتواطؤ عديد من المسئولين السياسيين في دول متعددة استفادوا فائدة كبرى من أموال الرشاوى.
ويمكن القول أن حالة فساد الفيفا نموذج بارز للفساد في الكيانات العالمية التي تصعب الرقابة عليها في غيبة معايير واضحة للمحاسبة.
ومن أبرز هذه الكيانات «الفاتيكان» الذي يستثمر بلايين الدولارات في العالم وليست هناك ميزانيات منشورة تدل على صحة النفقات المالية. ومن هنا فإن كثيرًا من الكتابات الغربية تحدثت وأحيانًا بتوثيق اقتصادى دقيق عن الفساد الكبير في هذه المؤسسة الدينية العملاقة.
ويمكن القول أخيرًا أن الفساد ظاهرة عالمية تتشارك فيه الدول المتقدمة والدول المختلفة على السواء، إلا أنه في الدول المتقدمة نتيجة لتكدس الثروات الهائلة فيها يمكن أن يوصف بالفساد الكبير الذي يشترك فيه رؤساء دول وساسة مرموقون ومديرون لشركات وبنوك، ومن هنا تحاول مؤسسة الشفافية العالمية عبثا وضع معايير وصياغة سياسات لمواجهة الفساد، ولكن الجريمة أقوى للأسف من القوانين!
eyassin@ahram.org.eg