الأربعاء 01 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

نحن شعب تخرج الشدة أفضل ما لديه

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لأننى ممن يفتشون عن النور وسط الظلام.. أفتش داخل التاريخ عما يثبتنى فى الحاضر، عما نأخذه من الماضى مثالا ونموذجا نقتدى به فى الحاضر..
ولأن هذا المقال يوافق حلول الخامس من يونيو، وأنا ومنذ ما يقرب من ١٠ سنوات آليت على نفسى أن أنشر فى هذا التاريخ مقالا أكرره كل عام يحمل نفس العنوان (الانتصارات منذ يونيو ١٩٦٧ وحتى أكتوبر ١٩٧٣)..
والباعث دائما لتكرار هذه المقال كان الرد على ( الشامتين ) فيما سموه هزيمة جيش مصر فى يونيو ٦٧.. ردا على من هم للأسف من أبناء مصر ومع ذلك يشمتون فى هزيمتها فى معركة عسكرية، وكأنها المرة الأولى من نوعها بين دول العالم!!.. وفى موعدها فى كل عام يقيمون حفلات (الشماتة) وكأنهم ينوبون عن العدو الذى توقف عن الشماتة عقب انتصار أكتوبر العظيم!!
كنت، وكل عام، عندما تحل الذكرى أقوم بنشر المقالة التى أرد بها عليهم، وأنا أسرد ومن واقع السجلات وبالتواريخ وبأسماء المواقع وبأسماء الأبطال من قادتها، ما حققه جيش مصر من انتصارات عسكرية أعقبت الهزيمة مباشرة وبعد أيام معدودة من الخامس من يونيو ٦٧، انتصارات حققها جيش مصر، مكبدا العدو هزائم فادحة ومستمرة لسنوات فى (ملحمة حروب الاستنزاف)..
** كنت أنشر هذه المقالة أيام حكم مبارك أرد بها على (جوقة) الشماتة فى الوطن من منافقى النظام من كتاب الأعمدة وافتتاحيات الصحف لرؤساء تحرير!!
ثم تدور الأيام وأجدنى أنشر نفس المقال فى ظل حكم جماعة الإخوان الإرهابية، بنفس العنوان مع مقدمة مختلفة أواجه بها الذين سميتهم فى مقالى بجماعة (كارهى الوطن) وأفضت قائلة: (واسمهم الرسمى – غير الشرعى – هو جماعة الإخوان..)!!
** نشرتها أواجه بها ما خرج عن (عريانهم) - كما سميته آنذاك - الشهير بـ (عصام العريان) من أقوال ما كان ممكنا اعتبارها مجرد حالة شماتة رديئة، ولا أمرا اعتباطيا، بل كانت تنفيذا لخطة ممنهجة تهدف إلى زعزعة ثقة الشعب المصرى فى نفسه ووطنه، ليكون راضيا عما يحدث فى مصر طيلة الفترة السوداء من حكم مرسى من هزيمة على جميع الأصعدة، ليقف الشعب صامتا مهزوما عاجزا، أمام الخطر الداهم الزاحف لخراب مصر..
** واليوم مع مواكبة مع ذكرى الخامس من يونيو، وبعد أن كتب الله لمصر النجاة والإنقاذ، وبعد أن تحقق النصر لمصر وانتصرت الإرادة الشعبية الرائعة، واختار الشعب قائدا رآه الجدير بمصر والقادر على قيادة مصر..
اليوم أعود لكتابة المقال لكن لن أسرد فيه اليوم انتصاراتنا العسكرية التى حققناها، وواصلنا فيها طيلة السنوات الأفضل والأمجد فى تاريخ مصر (سنوات حروب الاستنزاف) وتوجت فى النهاية بانتصار أكتوبر العظيم فى ٧٣..
اليوم سوف أكتب عن الجبهة الداخلية.. عن شعب مصر وكيف عاش الشدة تلك الفترة، وكيف أخرجت الشدة أفضل ما لديه وبشكل يفوق التصور..
أكتب عن يوم وقف فيه رئيس مصر الزعيم جمال عبدالناصر أمام الكاميرا حزينا تقطر كلماته ألما ووجعا ويكبت الدمع، معلنا مسئوليته الكاملة وتنحيه وعودته جنديا فى صفوف الجيش على خط النار..
فخرج الشعب كما الطوفان معلنا رفضه الانكسار والاستسلام للشدة متمسكا بقائده، معلنا ثقته فى قواته المسلحة..
** أتذكر ما كان، ثم أعود إلى الان وما حدث فى يوم الثالث من يوليو ٢٠١٥، يوم أن هب ابن شجاع ثان من جيش مصر مقررا إنقاذ مصر من مصير رهيب يحاك لها، ونادى على الشعب، فخرج الشعب العظيم ثانية كالطوفان ليقول لا للفاشية الدينية وحكم الإرهاب..
أتذكر التاريخ لآخذ منه العبرة وأستمد منه القوة واليقين..
ومن التاريخ ومن واقع الوثائق التاريخية الرسمية أرصد ما فعله شعب مصر، وما كانت عليه الجبهة الداخلية لمصر فى يونيو ٦٧ ما يجعلنى أتباهى شرفا وفخرا بأنفسنا:
والتاريخ وثق معجزات حققها هذا الشعب المصرى الذى راهن عليه عبدالناصر فلم يخذله وأكسبه الرهان..
- وثق التاريخ كيف أن شعب مصر لم تكسره الهزيمة معنويا وهذا كان الأهم.. وثق التاريخ حالة الاستقرار الامنى الداخلى آنذاك، حيث لم تسجل أقسام الشرطة أى حالات سرقة..
- وثق التاريخ عدم حدوث أزمات تموينية، فرغم الحرب لم تتكالب الناس على تخزين احتياجاتهم من السلع، ولا آزمات اقتصادية أو حدوث عجز فيما يحتاجه الناس من ضرورات الحياة..
- كيف أن كل مواطن- ومواطنة- جعل من نفسه جنديا فى المعركة، ونساء مصر العظيمات البطلات حاليا، كن أيضا آنذاك بطلات عظيمات، سارعن وزاحمن بعضهن البعض لتعلم التمريض والتطوع فى الهلال الأحمر والالتحاق بالمستشفيات للمساعدة فى علاج الجرحى..
- تزاحم الفتيات والفتية مع الكبار فى التدرب على استخدام السلاح، وتبارى الجميع فى الالتحاق بالمقاومة الشعبية للدفاع عن مدنهم..
- يتحدث التاريخ عن نزوح أهالى مدن القناة عنها، والانتقال إلى القاهرة والمدن المصرية الأخرى، وكيف لم تحدث مشكلة فى احتوائهم لا على مستوى السكن ولا على مستوى العمل ولا المعيشة اليومية من مأكل ومشرب وعلاج، ولا فى الالتحاق بالمدارس والجامعات..
- أصبحت مصر كلها جنودا فى ساحة حرب، كل له دوره، وكل يؤدى دوره على أفضل وجه..
** ما أكتبه الان فى ذكرى الخامس من يونيو، أكتبه لكى أضعه أمام نفسى وأمام شعب مصر، لنتذكر أن نفس الشعب الذى استعصى على الانكسار وصمد وحول هزيمة يونيو ٦٧ إلى نصر، هو نفسه شعب الثالث من يوليو ٢٠١٥ الذى بانتفاضته أنقذ مصر من حكم الإرهاب..
والذى بإذن وعون الله سوف يعود بمصر الجديدة من جديد، متماسكة ثابتة آمنة ناهضة قوية رائدة قائدة لأمتها العربية.