الجمعة 10 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

القوة العربية المشتركة فى مواجهة الميليشيات المسلحة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
عقدت يومى السبت والأحد (٢٣-٢٤ مايو ٢٠١٥) سلسلة اجتماعات في مقر جماعة الدول العربية بالقاهرة، للتشاور في إنشاء قوة عربية مشتركة (جيش عربى موحد)، وبحضور عشرين من القادة العسكريين والدبلوماسيين العرب، وبمقعد شاغر (لمقعد السوري) لوفود (مصر- الأردن- الإمارات- البحرين- تونس- جيبوتي- السعودية- السودان- الصومال-عمان- فلسطين- قطر-جزر القمر- الكويت - لبنان- ليبيا- المغرب- موريتانيا واليمن) في حين ترأس وفد الجزائر سفيرها في القاهرة ومندوبها الدائم في الجامعة العربية، وظل المقعد السورى شاغرا تنفيذا لقرار مجلس الجامعة العربية بتعليق عضوية سوريا منذ عام ٢٠١١، وشارك الدكتور نبيل العربى في حضور الاجتماعات بعد تكليفه من القمة العربية الأخيرة بشرم الشيخ بالتنسيق مع مصر لدعوة لجنة رفيعة المستوى من الخبراء العسكريين، وبإشراف من رؤساء أركان القوات المسلحة بالدول العربية في فترة زمنية لا تتجاوز شهرا من صدور القرار، وذلك لبحث تشكيل القوة العربية المشتركة بناء على توصيات قمة شرم الشيخ التي اعتمد القرار فيها وزراء الخارجية العرب بإنشاء قوة عربية مشتركة، وقد جاءت الجلسات عقب انتهاء اجتماع كامب ديفيد بين أوباما وقادة دول الخليج والذي تعاهدت فيه الإدارة الأمريكية بحماية أمن الخليج من أي عدوان خارجى، ثم أعقبه بأيام تصريح من الإدارة الأمريكية بإمكانية نقل قطعة من الأسطول السادس من البحرين –وهو المعنى بحماية أمن الخليج– إلى منطقة جديدة على الأرجح أن تكون سواحل دولة جيبوتى، إذا نحن نواجه منهجا أمريكيا يحاول التلاعب بملف أمن الخليج وفرض الوصاية على المنطقة، وجاءت الجلسات عقب استيلاء ميليشيات تنظيم داعش على مدينة الرمادى بالعراق وانسحاب الجيش العراقى من المعركة، وعدم قدرته على مواجهة ميليشيات داعش التي تمددت مساحة سيطرتها في سوريا بعد الاستيلاء على المدينة الأثرية «تدمر»، وبالتالى إغلاق جميع المعابر من سوريا للعراق.
هذا، وقد أعلن الفريق محمود حجازى، رئيس أركان حرب القوات المسلحة رئيس الجلسة، أنه من المقرر أن ينتهى رؤساء الأركان من إجراءات تشكيل القوة العربية المشتركة قبل ٢٩ يوليو المقبل، ودارت المناقشات حول العديد من المحاور الخاصة بتكوين وطبيعة القوة العربية المشتركة، وتم طرح العديد من التساؤلات حول أماكن تواجد هذه القوة، فهل توجد على أرض واحدة؟ أم تظل كتشكيلات متصلة تحتفظ فيه كل دولة بقواتها المشاركة، بشرط أن تكون في حالة استعداد عند اللزوم، كذلك أثيرت قضية آليات تسليح هذه القوة ومصادر تمويلها وحدود دورها في الصراعات الداخلية في معظم الدول العربية، أم يظل دورها في مواجهة العدو الخارجى فقط؟
إن حلم الشعوب العربية بالوحدة ظل هو القاسم المشترك في طموحات هذه الشعوب، وستكون الوحدة العسكرية هي أقصى طموحات الشعوب العربية، لأن كل ما أصاب الشعوب العربية عبر التاريخ الحديث هو نتاج الانقسام والارتباط بقوى خارجية على حساب مصلحة ووحدة الشعوب العربية، وبناء عليه فقد ظلت القضية الفلسطينية (الصراع العربى / الإسرائيلي) هو محور وحدة الهدف لشعوب المنطقة العربية والإسلامية، غير أن ممارسات الأنظمة العربية أو دخول هذه الأنظمة في صراعات إقليمية وأحلام دولية بدد حلم الوحدة العربية، على أن الذاكرة العربية تحتفظ لحرب أكتوبر المجيدة ٧٣ بدورها في توحيد كلمة الأمة العربية التي شهدت دعما قويا من كل الدول العربية لمصر وسوريا، صحيح أن هذا الدعم لم يصل لتشكيل قوات عربية مشتركة، إلا أن الدعم المادى من قبل دول الخليج وغيرها واستخدام سلاح البترول قد ساهم في ترجيح كفة العرب في المعركة، أما الآن وبعد اختطاف ثورات الربيع العربى فقد تحول الصراع العربى إلى صراع داخلي، تمددت فيه التنظيمات الإرهابية المسلحة في مواجهة الحكومات الشرعية، حيث نجحت هذه التنظيمات في تفكيك مؤسسات الدولة خاصة الجيش والشرطة والاستيلاء على مساحات واسعة من الأراضى، مما خلف انهيارا في معظم جيوش هذه البلدان (سوريا –العراق –اليمن-ليبيا)، وإذا كان هناك نفير استغاثة فإنه سيطلق في استدعاء ما يعرف بالقوة العربية المشتركة في التدخل السريع، ومحاولة إعادة بناء مؤسسات الدولة المنهارة، خاصة الجيوش العربية التي أصبحت غير قادرة على مواجهة الميليشيات المسلحة.
على الزعماء العرب الاتفاق حول وحدة الهدف في إنشاء القوة العربية المشتركة، وهل ستسمح بالتدخل في الأزمات الداخلية؟ أم ستظل مرهونة بالأزمات الخارجية فقط؟ علما بأن أعداء الشعوب العربية يخوضون حربا بالوكالة، فمثلا الساحة السورية تتواجد فيها جميع الأطراف الخارجية (إيران – أمريكا – تركيا –روسيا)، وكذلك الحال في ليبيا والعراق واليمن.
إن وحدة الهدف ستقودنا بالتأكيد إلى وحدة القيادة لهذه القوات (قيادة موحدة) فمن العبث الاعتماد على قيادة دولة واحدة أو أكثر، وهذا سيجرنا للتأكيد على أن مصادر التمويل لابد أن تكون بمشاركة جميع الدول العربية المشتركة، ولا يكون هناك احتكار للقيادة أو للتمويل، عموما ما زالت الفرصة سانحة أمام الزعماء العرب للرد على تساؤلات الشارع العربى الذي ينتظر ميلاد مشروع القوة العربية المشتركة، متوافقا مع أوضاع وأزمات المنطقة، والتصدى لمحاولات تقسيم المنطقة إلى دويلات صغيرة على أسس دينية أو طائفية.