الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

مبارك لم يفعلها.. فهل يفعلها السيسي؟! تحرك يا ريس

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الأسبوع الماضى تلقيت اتصالا هاتفيا خارجيا، محملا بسؤال حول حقيقة خبر تناقلته المواقع عن تشكيل ما يسمى بمـجـلـس اسـتـشـارى لـشـئـون الأقـليـات يـتـبـع مـؤسسـة الـرئـاســة؟
لم أنتظر البحث عن المواقع التى نشرت الخبر أو معرفة المصادر، وأنكرت لمحدثى تماما معقولية حدوث هذا.. قائلة: إذا كان نظام مبارك بكل ما كان عليه من ضعف لم يفعلها.. فهل يفعلها السيسى؟!
إن تشكيل ما يسمى مجلس استشارى لشئون الأقليات يكون تابعا للرئاسة معناه الاعتراف الصريح من مصر الدولة بوجود أقليات بين مواطنيها، فكيف يمكن تصديق حدوث هذا؟!
وواصلت قائلة: إن تشكيل مجلس استشارى لشئون الأقليات تابع للرئاسة معناه -ليس فقط اعترافا بأن مصر دولة بها أقليات لكنه أيضا- تقديم سلاح عظيم للمتربصين بمصر- وعلى رأسهم أمريكا- أن يضعوه فى أدراجهم ويبرزونه يوم يريدون إبرازه، ويكون لهم المبرر والحجة للتدخل فى مصر تحت زعم حماية هذه الأقليات والدفاع عنها، فهل مصر الدولة تفعل هذا وكيف؟!
أليس فى هذا ما يذكرنا بما حدث فى العراق والحجة التى أعلنتها أمريكا عندما قررت التدخل فى العراق؟ ألم تعلن أمريكا من ضمن مبرراتها لغزو العراق أن هناك أقليات مضطهدة من نظام صدام حسين، وأنها بتدخلها تحمى وتدافع عن هذه الأقليات (أكرادا وشيعة)؟! فهل مصر الدولة بهذا القدر من الغفلة حتى تمنح أمريكا فرصتها الذهبية للتدخل فى مصر وقتما تريد؟!
** بعد انتهاء المحادثة الهاتفية وبعد إجاباتى ونفيى القاطع لحدوث هذا، قررت البحث فى المواقع التى نشرت الخبر والتى أرسلها لى محدثى لمعرفة طبيعة الخبر وتفاصيله.. ودخلت على المواقع وأحدها موقع «الأقباط المتحدون» وآخر يسمى «بوابة إفريقيا الإخبارية»، ووجدت الخبر منشورا فى الموقعين بالفعل، لكن الذى يستدعى التوقف، ليس فقط الخبر فى حد ذاته- رغم خطورته- لكن أن يكون الخبر وكما نشر فى موقع «أقباط متحدون» أتى فى سياق خبر آخر يقول: «فى خطوة مهمة وصفها المحللون بالإيجابية وتسهم بقدر كبير فى تحسين المواثيق والعهود الدولية ولا سيما فى هذا الوقت الذى تتطلع فيه مصر بشغف إلى الفوز بمقعد إفريقيا فى العضوية غير الدائمة بمجلس الأمن فى دورته المقبلة»، ويستمر الخبر فى الإشادة بخطوة تشكيل مجلس رئاسى للأقليات تحت إشراف الرئاسة، وبدعم من الرئيس السيسى شخصيا، ثم يصل إلى التنويه عن أن فكرة إنشاء مجلس شئون الأقليات تعود إلى عهد مبارك، حيث تقدم الدكتور بطرس غالى الأمين العام السابق للأمم المتحدة بتوصية لإنشاء هذا المجلس، لكن الفكرة لاقت رفضا من تيارات سياسية عديدة، كما أن القيادة السياسية آنذاك لم تكن لديها الرغبة الملحة فى تحقيق هذا- حسب ما جاء فى الخبر.
ثم يستكمل الخبر بما هو أغرب، حيث يقول: «وأفادت مصـادر مطلعـة بأن الدائرة المقربة من الرئيس السيسى نصحت بوجوب البدء فى خطوات عملية نحو تنفيذ الفكرة لما لها من انعكاسات دولية إيجابية ستخدم الشأن المصرى فى مجمله»!
ثم يتحدث الخبر الذى تناقلته الصحف عن عقد مؤتمر مهم للأقليات قائلا: «وطبقا لمصـادر مطلعـة فقد تـمَّ عقـد مـؤتمر هام للأقليات صباح الخميس 7 مايو تحت رعاية المستشارين القانونيين لمكتب الرئيس وبدعم شخصى من فخامته، وأن المؤتمر أقيم بعيدا عن وسائل الإعلام المحلية، ولوحظ تواجد مكثف للوكالات الإعلامية والمواقع الدولية»!!
وأرجو ملاحظة الصياغة.. «المؤتمر أقيم بعيدا عن وسائل الإعلام المحلية، ولوحظ تواجد مكثف للإعلام الدولى والعالمى! ثم- وبدون أى دهشة أو استغراب– يواصل الخبر بأن الدكتور بطرس غالى هو من ألقى كلمة الافتتاح لمؤتمر الأقليات وسط حشد من السفراء الأجانب والشخصيات المصرية الرفيعة! كان هذا هو الخبر الذى تناقلته بعض الصحف، والغريب أن الخبر فى مجمله كاذب.
- فبادئ ذى بدء، وبعد بحث واتصالات بمعظم من جاءت أسماؤهم كحاضرين للمؤتمر نفوا تماما حضورهم أو حتى تلقيهم دعوة له!
ثم- والأهم- أن الرئاسة أبدا لم تقم ولم تدعم قيام مثل هذا المجلس (المجلس الاستشارى للأقليات) والذى لا يمكن وصفه إلا بالخبث بل بأكبر الخبائث!
والسؤال هنا: لماذا هذا الخبر الذى كتب ونشر هكذا بكل ثقة وقوة؟! وكيف يسمح به فى هذا التوقيت تحديدا؟! وهل يسكت عنه هكذا ببساطة؟! وكل ما حدث هو نفى من الرئاسة لإنشاء المجلس، وبشكل خافت يتناقض تماما مع حجم الخبر وسرعة انتشاره وخطورته!
- إن هذا الخبر بهذا الشكل وفى هذا السياق وربطه بعقد مؤتمر للأقليات يشير إشارة واضحة إلى أن هناك أيادى أخذت طريقها فى النبش بحثا عن منطقة خراب، وهى ليست فقط منطقة خراب، بل إنها الأخطر فى كل مناطق الخراب.
إن هذا الخبر لا يجب أبدا التعامل معه بحسن نية أو بمجرد من الرئاسة..
هذا الخبر لا بد من التعامل معه بكل قوة وربطه بخبر آخر تداوله نفس الموقع (بوابة إفريقيا الإخبارية) يتحدث عن أمر فى غاية الدهشة، ولكنه أيضا فى غاية الخطورة، ويقول الخبر: «الناتو يخطط لإقامة دولة للأقليات بالمناطق الساحلية المصرية»!
ما هذه الأخبار؟! وكيف يسمح بها؟! وأى ناتو هذا الذى يخطط لإقامة دولة داخل مصر؟! وأين مصر الدولة من هذه الأخبار التى- أبدا- لا يجب أن تؤخذ على أنها أخبار سخيفة وفقط، بل يجب التوقف أمامها وربطها ببعضها البعض واتخاذ الموقف القوى والمناسب، فمصر لا تحتمل أى استهانات بمؤشرات خطيرة حتى لو بدت من على السطح سخيفة وتافهة.
وأخيرا، وبما أن إعلامنا «الفاشل» مغيب ومشغول بتوافه الأمور، وهو الذى كانت عليه مناقشة خطورة مثل هذه الأخبار الخبيثة، فإننى- وكالعادة- لا أجد أمامى سوى شخص واحد أخاطبه وأقول له: تحرك يا ريس.