الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

يوميات فرجينيا وولف (1)

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ترجمة : سارة الأمين
إشراف: سامح قاسم
تُعد الروائية الإنجليزية فرجينيا وولف إحدى رواد عصر الحداثة، والتي ازداد شهرتها في الفترة ما بين الحربين العالمتين الأولى والثانية، لتُعرف في الأوساط الأدبية اللندنية بلبقاتها الأدبية، وانتمت إلى جماعة بلوزميري، وهي جماعة تضم نوابغ الأدب والفلسفة والفن في إنجلترا، لكن فيرجينيا فاقتهم نبوغاً.
في النصف الأول من القرن العشرين انتشرت سيرة وولف ضمن أدباء الجماعة وكتابتهم، حيث أثرت أعمالهم بشكل ملحوظ على الحركات النسوية والسلمية، وكان لها الكثير من الأقوال التي تُعد نبراساً لمن تلينها من الأديبات، لعل أشهرها "إذا أرادت المرأة أن تكتب أدباً خيالياً عليها أن تملك مالاً و مكاناً للعيش"، كذلك يعد مسقط رأسها أحد أهم أماكن التظاهر في لندن وهو هايد بارك.
تمردت وولف على الحياة ذاتها، فانتحرت و تمردت على طرق الانتحار العادية، فاختارت الغرق، و كانت أسبابها كافية حيث كانت تخاف أن يصيبها الجنون، وهي التي اشتهرت بالحكمة و العقل طوال حياتها، خاصة بعد إندلاع الحرب العالمية الثانية، تلك الحرب التي تسببت في تدمير منزلها.
قبيل انتحارها تركت وولف رسالة لزوجها تقول فيها "عزيزي، أنا على يقين بأنني سأجن، ولا أظن بأننا قادرين على الخوض في تلك الأوقات الرهيبة مرة أخرى، كما ولا أظن بأنني سأتعافى هذه المرة، لقد بدأت أسمع أصواتاَ وفقدت قدرتي على التركيز. لذا، سأفعل ما أراه مناسباً، لقد أشعرتني بسعادة عظيمة ولا أظن أن أي احداَ قد شعر بسعادة غامرة كما شعرنا نحن الإثنين سوية إلى أن حل بي هذا المرض الفظيع، لست قادرة على المقاومة بعد الآن وأعلم أنني أفسد حياتك وبدوني ستحظى بحياة أفضل. أنا متأكدة من ذلك، أترى؟ لا أستطيع حتى أن أكتب هذه الرسالة بشكل جيد، لا أستطيع أن أقرأ. جل ما أريد قوله هو أنني أدين لك بسعادتي، لقد كنت جيداً لي وصبوراَ عليَّ، والجميع يعلم ذلك، لو كان بإمكان أحد ما أن ينقذني فسيكون ذلك أنت. فقدت كل شئ عدا يقيني بأنك شخص جيد، لا أستطيع المضي في تخريب حياتك ولا أظن أن أحد شعر بالسعادة كما شعرنا بها."
"البوابة" تعرض بداية من اليوم ترجمة ليوميات "وولف" التي لم تتم ترجمتها إلى العربية قبلاً، والتي تُلقي الضوء على حياة الأديبة التي أثقلت جيوبها بالحجارة بعدما كرهت العيش في عالم مليء بالقسوة.

الجمعة السابع عشر من أكتوبر عام 1924
"إنه لشئ مخزي..
كنت أصعد السلالم جرياً وأنا أفكر أنه يمكنني أن أملك بعض الوقت للخوض في الحقيقة المذهلة.. الكلمات الأخيرة في الصفحة الأخيرة للسيدة دالواي، ولكن تمت مقاطعتي.
على أي حال قمت بهذا منذ أسبوع-لأنها كانت هناك- وقد ابتهجت لتخلصي من هذا لأنها كانت تتسلل الأسابيع المنصرمة رغم أنها الآن أكثر عذوبة في ذهني مع تضاؤل إحساسي بالمشاعر العادية التي مررت بها بمعاناه، و تركت قدمي على الحبل المشدود.. من المؤكد إنني أشعر أكثر بالامتلاء وبأنني أظهرت معاني أكثر من المعتاد، لا أدري إن كان هذا سيبقى بعد أن أعيد قرائتي مشككة فيها.
و لكن بشكل ما هذا الكتاب عمل بطولي انتهي دون أجازة من المرض، يا له من استثناء وقد كتب حقا خلال سنة واحدة، وكتب نهائيا منذ نهاية مارس إلى الثامن من أكتوبر دون فواصل تقريباً إلا للكتابة للصحافة، ولهذا قد يختلف عن أمثاله، على كل أشعر أنني تخلصت من تلك اللعنة.. يا لها من سعادة، البعض قال إنني سيطرت على نفسي بعد "غرفة يعقوب".
الصعوبة الوحيدة التي واجهتني كانت منع نفسي من كتابة غيره.. النهاية الحتمية كما أحب أن أسميها تمتد أمامي الآن وتظهر الكثير من التناقضات، حتى أنني أكاد ألمس والدي الراحل.
ولكن كفى، ما الذي تتوقع مني أن أكتبه؟!
الغريب مقنع جداً.
الخلوق يتوغل دائما.
لا يجب أن يتحدث الشخص عن ذاته، لا يجب أن يكون المرء مغروراً حتى وإن كان كاملاً.
يا لتلك الأشباح التي تنزلق بيني وبين صفحات الكتابة..
لكن هنا يجب أن أذهب إلى البريد الكائن في شارع لمبليت، والذي يظهر أكثر حيوية وشاعرية بشكل غير حقيقي من نافذتي المزدوجة، التي أجلس محتمية بها، فالمنزل الآن مثالي، وحجرة المكتب بها أجمل مكتب حظيت به في حياتي.
تمر بمخيلتي ذكرى كاثرين مانسفيلد- كالعادة رغم الشجب- في البدء تمنيت أن ترى شارع ساوثمبتون، وأفكر في موتها غير الواضح، أتمدد هناك على فونتينبلو، حيث نهاية اللا نهاية، ثم أفكر.. أجل.. لو كانت عاشت لكانت كتبت وكتبت وكتبت، والناس كانوا سيرون هذا.
كنت الأكثر موهبة، هذا ما بدا أكثر، في الحقيقة أعتقد أن هذا ما كان سيحدث.
أفكر فيها بعيداً و قريباً.. يالهذا الشبح الغريب، عيناها البعيدتين، وفمها المسحوب المرهق، تسحب نفسها عبر غرفتها.
ميري تزوج مجدداً بسيدة تقضي ساعة كاملة في دورة المياه.
ميري يئن علنا لرغبته في امتلاك شقة في "أديلفي".
بالمناسبة.. هذه صفحة أخرى بائسة من حياتي ولكني علقتها بذاكرتي.
"ك" وأنا كانت لدينا علاقتنا، ولا أظن أبداً أنه يكون لي علاقة مثلاً.. مُطلقاً.