الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

"البوابة" تقتحم أوكار تزوير الكتب

مافيا النشر 2-4

 صورة ارشيفية
صورة ارشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
شهدت السنوات الثلاث الأخيرة زيادة واضحة في نشاط مافيا تزوير الكتب، والتي اتسع نشاطها ليشمل الإصدارات الأجنبية إضافة إلى المصرية والعربية والكتب الدراسية لطلبة الجامعات، وسط مطالبات من المؤلفين وأصحاب دور النشر بأن تتدخل الدولة لتصفية هذه الأنشطة التي تكبد صناعة النشر خسائر فادحة، وتهددها بالتوقف.
الطريق إلى مافيا النشر يبدأ من المزور، ثم صاحب المطبعة، وحتى الموزع الذي يقوم ببيعها على الفرش في الشوارع، وبينما يُعانى الناشرون المصريون من الخسائر يتهمهم البعض بالتستر على عمليات التزوير؛ واتسع الأمر لتواجه مصر احتمال فرض عقوبات اقتصادية من قبل الدول الأجنبية والمنظمات الدولية، من خلال شكاوى ودعاوى قضائية من الناشرين الأجانب.


محرر «البوابة» ادّعى أنه كاتب يريد تزوير كتابه
سور الأزبكية.. التزوير بالإكراه دائمًا.. وبالتفويض أحيانًا
بعزق: مؤلف «داخل الغرفة الزجاجية» طلب منا تزويرها
أحمد عاطف: كتبنا تصل لمصر كلها.. وأقوم بالتوزيع في الهيئة ومنشأة المعارف
مع أولى خطواتك داخل سور الأزبكية تكاد تجد لافتة ترحب بك في المعقل الأساسى لمافيا تزوير الكتب، حيث تنتشر مئات العناوين المزورة في كل مكان تحت سمع وبصر الجميع، دون أن يُلقى أحدهم سؤالًا واحدًا، ومن ضمن المتجولين كان محرر «البوابة» الذي تجول في عالم هذه المافيا، حيث ادعى أنه كاتب يريد تزوير كتابه داخل سور الأزبكية ضمانًا للانتشار.
لم يجد المحرر صعوبة منذ خطواته الأولى، فبمجرد سؤاله لأحد أصحاب المكتبات أشار إليه بالذهاب إلى مكتبة محمد بعزق، أحد أهم مزورى الكتب الذي كان صريحًا مع الكاتب الشاب، فأقر أن عملية التزوير تتم شريطة أن يكون الكاتب مشهورا، ليضمن لنفسه عائدًا كبيرًا من التوزيع، وعاد يسأل عن دار النشر التي قامت بنشر الكتاب الوهمى والمطلوب تزويره، وعند ذكر الدار المصرية اللبنانية، انتابت بعزق حالة من التوتر، وطلب تفويضا من مؤلف الكتاب ليقوم بطباعته، مُبررًا أهميته بأنه يُمكّنه التهرب من مباحث المصنفات، ويلقى المسئولية على كاهل المؤلف -وهذا غير صحيح- ضاربًا مثالا بأنه حصل على تفويض من محمد مجدى، مؤلف رواية «داخل الغرفة الزجاجية»، وتفاخر بأنه نشر كتابه في مصر كلها، وأصبح القاصى والدانى يعرف محمد مجدى مؤلف الكتاب.
أما عن الكبار أشرف العشماوي، وصنع الله إبراهيم، وإبراهيم عبد المجيد، الذين تستقر كتبهم المزورة أمام مكتبته، لم يلق أهمية لهذا التفويض، وقال: إن هؤلاء الكتاب يبيعون بمجرد الإعلان عن الكتاب، وليسوا في حاجة إلى تفويض منهم، وكان يعرض كذلك رواية «الطلياني» الحاصلة على جائزة البوكر في دورتها الأخيرة، ويبيعها بمبلغ ١٠ جنيهات، في حين أن سعرها الأصلى ٨٠ جنيها.
وإمعانًا في الأمر قدم المحرر للمزور بعزق مواصفات كتاب ٩٠ صفحة بغلاف ٣٠٠ جرام، فطلب مقابل تزوير الكتاب سبعة آلاف جنيه، ووعده بأن مصر كلها سوف تقرأ هذا الكتاب.
المحطة الثانية داخل سور الأزبكية كانت مكتبة حسين سمير، الذي كان غير موجود بالمكان، ولكن العامل بالمكتبة أكد أن حسين وشقيقه وائل من أهم مزورى الكتب، ويمتلكان منافذ توزيع تغطى أنحاء الجمهورية، ثم التقى المحرر بـ«طه» الذي يعمل بإحدى المكتبات، والذي أكد أن عملية تزوير الكتاب سوف تتسبب في شهرة الكاتب، وطلب من المحرر كمؤلف للكتاب أن يُعيد تصويره وإعادة نشره على حسابه، بينما يقوم هو بإعادة توزيعه، شريطة أن يُباع له الكتاب، فدوره يقتصر على التوزيع بعد التزوير، مضيفًا أنه سوف ينشر الكتاب في مصر كلها أيضًا، وأضاف، أن القارئ يعلم جيدًا أنه يقوم بشراء كتاب مزور، ولكنه مجبر على ذلك نظرًا إلى أن سعر الكتاب رخيص، وأثناء الحديث مع «طه» دخل مندوب إحدى الدور التي توزع الكتب وتقوم ببيعها إلكترونيًا عن طريق الفيس بوك، تدعى «مريم يوسف بوك ستور» لصاحبها أحمد هيبة، الذي يقوم بالإعلان عن كتاب معين، ويقوم بتوصيل الكتب المزورة إلى القراء، ويبيعها بالسعر الحقيقى للكتاب، فيضمن هامش ربح كبيرا.
لم يختلف الأمر كثيرًا في مكتبة شخص يدعى رامي الذي أكد أن المؤلفين هم الذين يقومون بالتزوير، ضاربًا المثال برواية «داخل الغرفة الزجاجية» أيضًا، مؤكدًا أنه أمر ليس بغريب ومتكرر طوال الوقت، واتفق مع «طه» في أنه يبيع الكتب ولا يزورها، وأوصى المحرر بطباعة الكتاب، مؤكدًا أنه سوف يتكفل بتوفير المطبعة، ولكن يجب على الكاتب دفع التكلفة كاملة.
ترشيحات أخرى أشارت إلى مكتبة «نور العيون» وصاحبها أحمد عاطف، الذي طلب مبلغ ٤ آلاف جنيه مقابل طباعة ١٠٠٠ نسخة من كتاب عدد صفحاته ٩٠، وتقليده وتزويره وطرحه للعامة بالشوارع والمكتبات، مُضيفًا أنه يستطيع توزيع الكتاب داخل مكتبة «عمر بوك ستور»، و«مدبولى الصغير» بميدان سفنكس، و«مدبولى» بطلعت حرب، مؤكدًا أنه بعد وفاة الحاج مدبولى أصبح أولاده يبيعون الكتب المزورة، وفى مفاجأة حقيقية أكد عاطف أنه يستطيع توزيع الكتب المزورة داخل منافذ الهيئة العامة للكتاب، مؤكدًا أن موظفى منافذ بيع الهيئة العامة للكتاب يبيعون كتبا مزورة «وبيطلعوا مصلحة لنفسيهم» على حد وصفه، مؤكدًا أن موظفى منشأة المعارف في الإسكندرية أيضًا يقبلون الكتب المزورة.

للقضاء على النسخ المزورة
بائعو الكتب يطالبون بـ«طبعات شعبية»
انتقلت «البوابة» بعد جولة الأزبكية إلى فرشات الكتب الموجودة بوسط البلد، وشاهدت العديد من الكتب المزورة الموجودة على الفرشات، كان من أهمها «لقيطة إسطنبول»، «قواعد العشق الأربعون»، و«برج العذراء»، والتقت بـ«محمد»، أحد الباعة الذي يقف بجوار حلوانى العبد في شارع طلعت حرب، والذي قال: إن أسعار الكتب تراوحت ما بين ٢٠ إلى ٤٥ جنيها، موضحًا أن سبب التفاوت يعود إلى جودة التقليد والنسخ.
بائع آخر هو «محمد أبو حتاتة»، يجلس في شارع طلعت حرب أيضًا، قال: إن السبيل لحماية دور النشر من تزوير الكتب هو طرح الكتب بطبعات شعبية، وهذا هو الأفضل للناشر وللكاتب، مضيفًا أن أحدث كتاب تم تزويره هو كتاب «أنستا الحياة» لمحمد صادق، وأن مباحث المصنفات نزلت إلى العتبة لضبط هذا الكتاب، موضحًا أن وجود كتاب مزيف على الفرشة يواجه نفس عقوبة عشرين كتابا، مطالبًا دور النشر بزيادة نسبة الخصم التي تمثل هامش الربح لهما. وأضاف أبو حتاتة، أنه يشترى رواية «برج العذراء» للكاتب إبراهيم عبد المجيد بـ ١٠ جنيهات ويبيعها بـ٢٥ جنيها، أما كتاب «٢ ضباط» فسعره الحقيقى ٦٠ جنيها، ولا يمكن بيعه بهذه الأسعار، لأنها عالية على القارئ؛ وأوضح أن اختيار كتب للتزوير يعود لسبب الإقبال الشديد عليه من الجمهور.
مدير المصرية اللبنانية: «شومة» و«بعزق» يديران مافيا تزوير الكتب بدار السلام وسور الأزبكية
تعتبر الدار المصرية اللبنانية من أكثر المُضارين من مافيا التزوير، وهى أيضًا من أولى الدور التي تحركت بشكل قانونى لمواجهة عمليات التزوير،
ويؤكد أحمد رشاد مدير الدار لـ«البوابة» أن «المصرية اللبنانية» من أكثر دور النشر التي تتعرض لتزوير الكتب، مضيفا أنه سبق تحرير عدة محاضر ضد مافيا التزوير بسور الأزبكية، حيث تم تحرير محضر ضد مكتبة مشهورة لصاحبها محمد قويسة ضبط بحيازته كتاب «يخرب بيت الحب» لأحمد رجب، وتحرر عن الواقعة المحضر رقم ٥٣٣٢ جنح قسم الموسكى لسنة ٢٠١٤، ومكتبة محسن رقم ٣٤، حيث ضبطة نسخة من كتاب «٣١٣» وتحرر عن الواقعة المحضر رقم ٥٣٣٣ جنح قسم شرطة الموسكى لسنة ٢٠١٤، وبمكتبة الإسكندرية ضبط نسخة من كتاب «هنا القاهرة» وتحرر عن الواقعة المحضر رقم ٥٣٣٤ جنح قسم شرطة الموسكى لسنة ٢٠١٤، وبمكتبة وائل سمير رقم ٢٨ ضبطة نسخة من كتاب «٢ ضباط» وتحرر عن الواقعة المحضـر رقم ٥٣٣٥ جنح قسم شرطة الموسكى لسنة ٢٠١٤، وبمكتبة فيصل رقم ٨ ضبطة نسخة من قاموس المورد عربى - إنجليزى وتحرر عن الواقعة المحضـر رقم ٥٣٣٦ جنح قسم شرطة الموسكى لسنة ٢٠١٤.
كما تم ضبط مطبعة تقوم بتزوير الكتب لديها أكثر من مائة فيلم غلاف لكتب تطبع وتجلد منها سبعة وستون غلافًا للدارين في مطبعة بالهرم ومنها على سبيل المثال، مجموعة مؤلفات عبدالوهاب مطاوع وهى ٣٤ عنوانًا، وروايتا «ربع جرام» و«٢ ضباط» لعصام يوسف، «الأيام الأخيرة لنظام مبارك» لعبداللطيف المناوي، روايتا «تويا» ورواية «المرشد» لأشرف العشماوي، «لماذا من حولك أغبياء» و«تخلص من عقلك» و«أن تكون نفسك» لشريف عرفة، و«الإتيكيت وفن التعامل مع الآخرين» لنادية الحفني، ورواية «٣١٣» لعمرو الجندي، و«الجيش والإخوان.. أسرار خلف الستار»، و«سقوط الإخوان.. اللحظات الأخيرة بين مرسي والسيسى» لمصطفى بكري.
وأضاف رشاد أن من أشهر مزورى الأزبكية شخصين هما «محمد شومة»، و«محمد بعزق»، وهما يعتبران رأس مافيا التزوير في سور الأزبكية.
وأوضح مدير المصرية اللبنانية أن دار السلام هي رأس معاقل المطابع التي تتعامل مع الكتب المزورة، وأنه في بدايات ٢٠١٥ تم ضبط أكثر من ١٧ عنوانًا من إصدارات المصرية اللبنانية، مضيفًا أن عقوبة المزور هي الغرامة من ٥ آلاف إلى ١٠ آلاف، ومصادرة الأجهزة وآلات الطباعة، ولكنها غير رادعة لأن مزورى الكتب يكسبون مكاسب طائلة ولا يفرق معهم هذه الغرامة البسيطة.
وفجر رشاد مفاجأة من العيار الثقيل، حيث كشف بالصدفة عن وجود بعض شركات الشحن تشرف بنفسها على عملية التزوير، وتقوم بشحن الكتب المزورة إلى السودان واليمن، مضيفًا «مصر للأسف الشديد أصبحت المركز الرئيسى لتزوير الكتب المصرية والأجنبية على حد سواء».
وحول إذا كان هناك بعض الموظفين الذين يعملون داخل المكتبات الخاصة مثل «الشروق» و«ألف»، أكد أحمد رشاد أن هناك موظفا سابقا كان يعمل في الشروق يزيف الكتب ويبيعها لحسابه الخاص، وهو يمتلك دار «القمر» للنشر والتوزيع، وقد قدم فيه عدة بلاغات. أما عن سرقة الكتب إلكترونيًا أوضح مدير «المصرية اللبنانية»، أن مباحث الإنترنت يمكنها أن توقف المواقع التي تبث من داخل مصر أما التي تعمل من الخارج فلا يمكن إغلاقها، مضيفًا أن مباحث المصنفات يقومون بمجهود كبير في محاولة لضبط الكتب المزورة الخاصة بالدار المصرية اللبنانية، ولكن محاربة مثل هذه المافيا يحتاج إلى كثير من المتابعة ومواصلة المجهودات.
صاحب «عمر بوك ستور»: لا أبيع الكتب المزورة.. وموظفو المكتبات الكبرى يتاجرون بها
وسط الاتهامات ببيع النسخ المزورة من العناوين الأكثر شهرة، يتردد اسم مكتبة «عمر بوك ستور»، إحدى أشهر المكتبات بوسط البلد، كواحدة من أهم منافذ البيع، وبعد ترديد اسمه أكثر من مرة من قبل أصحاب مافيا التزوير، التقت «البوابة» عمر أحمد صاحب المكتبة ليرد على هذه الاتهامات.
نفى عمر تعامله في الكتب المزورة، وأكد أنه لا يتعامل بأى شكل من الأشكال مع سور الأزبكية، حتى ولو كانت الكتب مستعملة، موضحًا أنه أحيانا يقوم ببعض الأنشطة التي تحفز على القراءة، من ضمنها استبدال الكتب المستعملة، وأشار إلى أن موظفى المكتبات الكبرى، مثل الشروق وألف، ومكتبات الأهرام وغيرها يتعاملون مع الكتب المزورة دون علم الإدارة، موضحًا أنه علم ذلك عن طريق الصدفة، وقد رآها مع أحد الزبائن، موضحًا أن الزج باسم المكتبة في مهزلة الكتب المزورة يأتى من منطلق الحقد والغيرة ليس إلا.
وحول كتاب «أنستا الحياة» آخر الكتب المزورة في الأسواق المصرية، أوضح صاحب «عمر بوك ستور» أنه قام بشراء الكتاب الأصلى من دار الرواق الذي قام بإصدار طبعة شعبية، وقام ببيعها بأسعار مناسبة للجمهور، رغم تحفظ صاحب دار النشر على ذلك، مؤكدًا أنه صنع رواجًا حقيقيًا للكتاب وأصبح في غضون أيام قليلة على رأس قائمة الأعلى مبيعًا، التي يصنعها بطريقته، وبمنتهى الأمانة حرصًا منه على زبائن المكتبة، مضيفًا أنه صنع مصداقية حقيقة مع زبائنه، ولا يستطيع المجازفة بسمعته مع القراء.
وعن المطابع التي تقوم بتزوير الكتب، أوضح أن أشهر مطابع تزوير الكتب تتواجد بمنطقة دار السلام، وما يحدث الآن هو نفس ما يحدث في المكتبات أمام جامعة القاهرة من تزوير كتب الأساتذة.

شرطة المصنفات: الحملات ضد مافيا تزوير الكتب مستمرة ونتعاون مع اتحاد الناشرين
قال العميد أيمن حلمى مسئول المركز الإعلامي، إن مباحث المصنفات تقوم بحملات دورية ومستمرة على سور الأزبكية والسيدة عائشة بالتعاون مع جهات مختلفة منها وزارة الثقافة واتحاد الناشرين لمواجهة مافيا تزوير الكتب. وأضاف أن مصر كانت في مرتبة متأخرة ضمن دول العالم التي تواجه سرقة حقوق الملكية الفكرية، ولكن هذا أصبح ماضيا وترتيب مصر قد ارتفع خاصة بعد عدة حملات لمواجهة أوكار التزييف بسور الأزبكية في شهر إبريل الماضي.
وفى نفس السياق أوضح العميد أحمد عاطف بمباحث المصنفات الفنية، أن الحملات الدورية لا تتوقف ومستمرة يوميًا ضد أوكار التزييف ومطابع بير السلم، مضيفًا أنه لا يملك كل النسخ الأصلية لمقارنتها بمثيلتها المزيفة في الأسواق، ويحتاج إلى التعاون مع أصحاب دور النشر، مطالبًا الناشرين بالإبلاغ فورًا عن أي كتاب يتم تزويره.
وأكد العميد أحمد عاطف بمباحث المصنفات الفنية أن التعاون بين شرطة المصنفات الفنية، واتحاد الناشرين يتم في تكامل شديد، ولا ندخر جهدًا في مواجهة هذه المافيا، مضيفًا، أن من يتابع النشرة الدورية لوزارة الداخلية في مجال المصنفات الفنية يعلم تمامًا أن رجال الشرطة تعمل على قدم وساق.