الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الحويني مدافعًا عن خالد منتصر

محمد شعبان
محمد شعبان
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أثارت ندوة د. خالد منتصر الأخيرة حول علاقة الدين بالعلم ضجة واسعة وصلت للطعن فى دين الرجل، فى بعض صفحات التواصل الاجتماعى، فضلا عن استغلال بعض الصحف والمواقع الإلكترونية أجزاء من الندوة كمانشيتات وعناوين لجذب أكبر عدد من القراء، الأمر الذى اضطر الرجل لإصدار بيان يوضح ما قصده فى هذه الندوة، مؤكدا أنه لم يطعن فى الإسلام بل دافع عنه، والحقيقة أن كلام منتصر فى الندوة وفى التعليق فضلا عن ردود الأفعال التى صدرت ضده يستوجب التوقف لإظهار عدة ملاحظات نعتقد أنها هامة فى التعامل مع القضايا الدينية، لكن قبل هذه الملاحظات نلخص فى إيجاز ما قاله منتصر فى النقاط التالية:
أولا: رفض منتصر ربط الفرائض والممارسات الدينية بأسباب علمية أو طبية، وتحدث بوضوح عن تحريم أكل لحم الخنزير وصيام رمضان، مؤكدا أننا نصوم لأن الصوم فريضة دينية وليس لأن الصيام مفيد للكبد والكلى، إذا سوقنا المفهوم الثانى- أى السبب الطبى- سيصبح خطرا على الدين لأن ممكن عالم يقول إنه فى اليوم الحار ١٨ ساعة بدون مياه لن تستفيد الكلى مثلما تقولون، ما هو الموقف حينها إذن نحن نضر الدين ولا ننفعه.
ثانيا: وهى المسألة المتعلقة بماء زمزم، قال منتصر: «ماء زمزم رمز دينى لكن تحويله لشفاء من كل شيء خطر على الدين من ناحية أنه ماذا لو خرج بحث مثل بحث د. فيصل شاهين السعودى يحذر فيه مرضى الكلى من تناول ماء زمزم لوجود بعض المعادن المضرة بالكلى؟ وهل السعوديون الذين يسكنون بالقرب من زمزم ويشربون منه أضعافا مضاعفه لا يمرضون!! يكفى أن نأخذ الرمز الدينى وبلاش نربطه بالطب ونحوله لعلاج لكل شىء، الربط هنا خطير على الدين أولا وعلى العلم ثانيا».
هذا ملخص ما قاله منتصر وأثار غضب الغاضبين وحنق الحانقين، والحقيقة أن الرجل أصاب فى عدة أمور، ولم يوفق فى أمور أخرى، فى حين أن منتقديه أخطأوا فى غضبهم، فضلا عن الطعن فى دين الرجل، أما وجوه الإصابة فهى كما يلى:
أولا: قوله: نحن نصوم لأن الصوم فرض وليس لأسباب علاجية طبية كلام يوافق القرآن الكريم الذى قال عن علة الصوم: «ياأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ»، فعلة الصوم هى التقوى وليست الصحة، بل وأوضح من ذلك أن القرآن جعل المرض سببا موجبا للإفطار وعدم الصوم، ولو أن القرآن ربط الصوم بالصحة لما أباح الإفطار للمريض، بل أوجبه عليه حتى يشفى من مرضه، لذلك فكلام منتصر يتفق مع نص القرآن، ومخالفوه مخالفون للقرآن، ونفس الأمر ينطبق على تحريم لحم الخنزير، فالقرآن لم يجعل علة التحريم سببا طبيا، ومن يزعم خلاف ذلك فليأت بدليل.
ثانيا: أما كلامه عن ماء زمزم ورفض اعتباره شفاء للأمراض فمن جعل ماء زمزم يشفى من الأمراض استند لحديث: «ماء زمزم لما شرب له»، وهذا الحديث كما هو موجود ومدون فى كتب السنة مختلف فى ثبوته ما بين منكر-شديد الضعف- وضعيف وحسن، وكما هو معروف فالحديث الضعيف لا يجوز الاعتماد عليه فى تأسيس أحكام وتصورات تنسب للإسلام كافتراض أن ماء زمزم يشفى من جميع الأمراض.
ثالثا: لو بحث الممتعضون من كلام منتصر عن ماء زمزم على موقع يوتيوب لوجدوا فيديو للداعية السلفى أبى إسحاق الحوينى يقول فيه إن حديث «ماء زمزم» منكر، ولم يثبت، فلماذا لا تهاجمون الحوينى إذن؟
رابعا: المنقول فى كتب السنة مثل «فتح البارى للحافظ بن حجر» و«شرح البخارى للإمام ابن بطال» أن الصحابى الجليل عبدالله بن عمر لم يشرب من ماء زمزم، ما يرجح عدم ثبوت الحديث من ناحية أخرى فإن الصحابة لم ينكروا عليه عدم شربه، أى أن الأمر اختيارى محض.
خامسا: من المعروف فقهيا أن الأوامر الشرعية تسمى تكليفات، والتكليف يقتضى المشقة – كما تقول كتب وأصول الفقه- لذلك لا يلزم أن يكون لكل تكليف شرعى فائدة عملية أو فائدة طبية، وإلا لمَ كان تكليفا وصف بالمشقة؟
هذه هى الأمور التى أصاب فيها منتصر لكن من الناحية الأخرى أخطأ الرجل فى أمور منها:
أولا: قوله: ممكن عالم يقول إنه فى اليوم الحار ١٨ ساعة بدون مياه لن تستفيد الكلى مثلما تقولون، «إذا كان منتصر ينكر على خصومه عدم الاعتماد على التفكير العلمى الذى يروج له، فلا يوجد فى المنطق العلمى ما يسمى ممكن عالم يقول.. لأن الكلام العلمى فى هذا الأمر ضار أو ليس بضار، لكن احتمالية ثبوت الضرر لا يبنى عليها علم أو منطق كما يعرف منتصر.
ثانيا: استناد منتصر على بحث علمى لباحث سعودى عن أضرار ماء زمزم كلام غير علمى أيضا لأن منتصر نفسه قال فى الندوة: أنا مش عارف نشره فين» أى أنه كلام غير موثق علميا وغير منشور فى مجلة عملية محكمة.. ثم منذ متى د. منتصر يستند إلى آراء علماء عرب؟ بل هو يعلم ويعلم الجميع أنه لا يوجد بحث علمى حقيقى فى عالمنا العربى، وأن المعترف به علميا هو ما يتم بحثه فى مراكز علمية غربية شريطة أن تكون معترفا بها.