الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة ستار

جوائز "كان".. المجد للأفلام الفنية والسعفة لفرنسا!

النقاد يسخرون من الفيلم الفائز ورئيس لجنة التحكيم يرد عليهم:

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ثلاثة عشر يومًا من الحياة في كوكب السينما، الذي يحمل اسم «مهرجان كان»، كافية لإقناعك بأن هناك شيئًا اسمه دولة السينما، وهى دولة متعددة الجنسيات واللغات والمواهب، يجمع بينها ذلك العشق الجارف للحياة في الأفلام وصنعها ومشاهدتها والكتابة عنها.
المهرجان الذي أقيمت فعاليات دورته الثامنة والستون من ١٣ إلى ٢٥ مايو اختتم فعالياته الرسمية مساء الأحد الماضى بحفل توزيع الجوائز التي أعلنتها لجنة التحكيم، وهى الجوائز التي عادة ما تحدد تاريخ ومستقبل الأسماء الفائزة.
جاء فوز المخرج الفرنسى جاك أوديار بالسعفة الذهبية عن فيلمه «ديبان» كمفاجأة كبيرة، حيث لم يكن من الأعمال المتوقعة للفوز بالجائزة الرئيسية رغم أنه كان مرشحًا للفوز بجوائز أقل، وقد رشحته في مجلة «البوابة» التي صدرت الإثنين الماضى للفوز بجائزة أفضل إخراج، كما رشحت بطليه السيرلانكيين للفوز بجائزتى التمثيل.
الفيلم يتناول عالم المهاجرين الأجانب إلى فرنسا، الذين يتمزقون بين الحروب والبؤس في بلادهم، وبين التهميش والمناطق المليئة بالجريمة والبؤس في أوربا.
الإعلان عن فوز الفيلم قوبل ببعض أصوات الاعتراضات والصفير وابتسامات السخرية من قبل النقاد والصحفيين الذين يشاهدون الحفل في قاعة «ديبوسي» المجاورة لقصر المهرجان.
وهو ما دفع رئيسى لجنة التحكيم الأخوين جويل وايثان كوين للتعليق عقب الحفل بأن لجنة التحكيم كلها تحمست للفيلم، وقال الأخ الأصغر جويل: «هذه ليست لجنة تحكيم نقاد.. هذه لجنة من الفنانين».
مشكلة نتيجة هذا العام ليست الأولى، فقد تكررت أكثر من مرة خلال الأعوام السابقة، كما حدث عندما فاز فيلم «حياة أديل» للمخرج عبد اللطيف كشيش بالسعفة منذ عامين. وهو ما يثير مجددًا الجدل القديم حول معايير وأسلوب الحكم على الأفلام وتقييمها، ما بين النقاد الذين ينظرون إلى السينما كفن خالص، والفنانين الذين غالبًا ما تتفق أذواقهم مع أذواق الجمهور، أو بمعنى أدق تحاول التوفيق بين السينما كفن، والسينما كترفيه.
عندما تمنح الجوائز للأفلام الفنية يستاء الجمهور، وعندما تمنح للأفلام التجارية يستاء النقاد. ولكن بشكل عام يمكن أن نقول إن لجنة الأخوين كوين اختارت بالفعل أفضل الأفلام المشاركة في المسابقة، رغم أن الاختلاف على بعض الجوائز التي حصلت عليها هذه الأفلام.
فاز فيلم «ابن شاول» بالجائزة الكبرى، وهى أكثر جائزة مستحقة في تصوري. الفيلم هو العمل الأول لمخرجه، وهو عمل مبتكر وشديد التأثير، رغم أن قطاعًا من الجمهور العادى سوف يراه ثقيلًا على النفس وكئيبًا بشكل لا يحتمل.
الفيلم بالمناسبة اختارته لجنة اتحاد الصحفيين السينمائيين الدوليين المعروفة باسم «الفيبريسي» كأفضل فيلم في المهرجان. وهو ما يؤكد أنه عمل فنى من النوع الذي يعجب النقاد.
الفارق بين «ابن شاول» و«ديبان» هو أن الأخير يميل خاصة في الجزء الأخير منه إلى نهاية تقليدية جماهيرية نرى فيها البطل السوبر وهو ينتصر على عصابة بأكملها بمفرده.
نهاية «سعيدة» من التي تعجب الجمهور على عكس «ابن شاول» الذي يختم بنهاية غير متوقعة بالمرة وتخلو من أي نوع من الارتياح و«التطهير» الذي تتسم به السينما السائدة.
إذا كان منح «ديبان» السعفة مفاجأة غير سعيدة، فإن المفاجأة السعيدة في الجوائز التي منحتها اللجنة هي جائزة السيناريو التي حصل عليها فيلم «مرض مزمن»، Chronic، والتي منحت لكاتب الفيلم ومخرجه ميشيل فرانكو.
الفيلم الذي يلعب بطولته الممثل الأمريكى الرائع تيم روث يدور حول رجل يعمل ممرضًا للحالات المرضية الحرجة والمزمنة التي تقتضى وجود مرافق دائم، ولكنه يتفاعل ويتعاطف مع مرضاه كما لو كانوا من أهله وأحبته، ونعرف بعد منتصف الفيلم تقريبًا أن ابنه توفى نتيجة مرض مماثل، ولذلك يستعيد كل علاقته بابنه مع المرضى.
ينتهى «مرض مزمن» مثل «ابن شاول» بشكل صادم جدًا للجمهور، والفيلم نفسه تجربة مؤلمة للمشاهد، ولكنها شديدة الرقى فنيًا، وهو من النوع الذي يعجب النقاد أكثر من الجمهور، لكن لجنة التحكيم كانت شجاعة جدًا بمنحه الجائزة.
من خلال ملاحظتي، ومشاركتي، في كثير من لجان تحكيم المهرجانات، خاصة الدولية، فإن الجوائز التي يمكن المجاملة فيها أكثر من غيرها هي التمثيل، ولذلك أسباب يطول شرحها، ولكنها تتلخص في أن التمثيل بالذات يخضع لأمور نسبية كثيرة منها ثقافة وطباع والطريقة التي تتحدث بها المجتمعات المختلفة، كما يخضع الحكم عليه لعوامل ذاتية مثل الذوق الشخصى للمشاهدين الذين يزداد تصديقهم للممثل واقتناعهم بأدائه كلما أحبوا ملامحه وفهموا إشاراته وإيماءاته الجسدية أكثر.
مسابقة مهرجان «كان» ضمت خمسة أفلام فرنسية، وقد كانت اللجنة كريمة للغاية بمنح السعفة إلى فيلم فرنسي، وكريمة أكثر من اللازم بمنح جائزتى التمثيل إلى ممثل وممثلة فرنسيين.
النسخة الورقية