الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

أسرار صفقة "البوص" لمنع نشر خطايا رجل أعمال الفياجرا

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
رئيس حزب "عريق" يشتري بروفة كتاب "أنا والأراجوز" بمليون جنيه
قصة جديدة من قصص الفساد السياسي والصحفى التي لن تنتهى.. فصل جديد في معارك لا يكسبها أحد.. يخسر الجميع حتى لو حقق أطرافها أرصدة في البنوك، وشققا، وفيللات في الساحل الشمالى لا تسمن ولا تغنى من جوع.
في الغالب، تبدأ الصفقة من بار في «فورسيزون» أو «فيرمونت»، ولا تنتهى عند دفع مبلغ ضخم يسد مجارى الفضيحة، ولا تقف عند تحول مذيع أو كاتب صحفى لامع من معسكر أعداء رجال أعمال إلى واحد من جنوده المخلصين، أو انقلابه على خصوم رئيس حزب لأجل «لقمة العيش». إلى أين إذن؟ إجابة السؤال تصلح لرواية.. يكتبها روائى كبير، أو سيناريست من صاحب قصص أفلام المافيا وشبكات المصالح.. فلا يمكن أن تتوقع ما يجرى وراء الأبواب وداخل الغرف المغلقة في مصر، وما سيحدث بعد دقيقة واحدة، أو تصف بشاعته. وللصفقة طرفان.
رئيس التحرير
كاتب كبير أكل وشرب وفتح حسابات ضخمة في البنوك وظهر في التليفزيون كمقدم برامج، ورئيس تحرير جرائد خاصة، ومناضل فتح شباب الثورة عيونهم على كتاباته ومقالاته الساخنة عن العدالة الاجتماعية، وابن الرئيس، وجيفارا (وكل من له جيفارا يصلِّى عليه).. ثم أكل وشرب على كل الموائد، وخلف كل الغرف، انقلب عليه محبوه، وأنصاره، وثوّاره.. يطرد من صحيفة ليفتح صحيفة أخرى برأس مال آخر.. يخرج من معركة ليصطنع معركة أخرى.. يصل إلى باب مسدود مع رئيس فيتمرد عليه حتى لو كان من أعتى أنصاره، وأشد عرَّابيه، ورجاله المخلصين.
هكذا يكون التوازن بين خضوعه للرئيس، ورغبته في إيصال رسالة.. أنا مش سهل، أنا خشن، وأقف في الحلق زى العلقم لو عايز.. فلا تطردنى من جنتك.
يملك «إمكانيات» تؤهله للدفاع عن شخص، وتؤهله - أيضًا – للهجوم عليه وتشويهه بنفس القدر والطريقة.. ويمارس هوايته في الجلد والسخرية والتسفيه من كل الناس، بطريقة تبدو منطقية جدًا كل مرة.
يهاجم عبد الناصر ثم يجد أنصاره وقد «جابوا آخرهم»، وفشلوا في الدفاع عن زعيمهم المفتدى أمام هجومه الجرار بمدفعيته الثقيلة.. وضع نقطة لمعركة سخيفة لن يكسب منها شيئًا على جثة رجل ليس معنا.. وكتب مقالا يدافع عن عبدالناصر، ويرد على هجائه السابق، ثم قال لهم في آخره: هكذا يمكن أن تدافعوا عن ناصر.
يمكن أن تعتبره من «أرزقية» الثورة مستمرة أحيانا.. ومن كهنة «عجلة الإنتاج» في أحيان أخرى.
رجل الأعمال
الطرف الثانى رجل أعمال وقف على جبل من حبوب «الفياجرا» التي كان يوزعها في الشوارع على المواطنين دون مقابل من باب الدعاية المخالفة للقانون حتى يصل إلى قمة دوائر السلطة في مصر.. وأصبحت – فيما بعد - تجارته الرائجة، وحقَّقت له مبالغ ضخمة جدًا.
رجل أعمال «الفياجرا» - بعد شهور قليلة – تحول إلى بطل لأكبر صدمة صحفية وسياسية شهدتها مصر في ذلك الوقت، فقد أبعد «المعارض الأول» لنظام «مبارك» من موقعه كرئيس تحرير لأكبر صحيفة معارضة في ذلك الوقت.
ما جرى جعل البعض يصف رجل الأعمال الغامض بـ«سكين النظام» في ذبح «الكاتب الكبير»، الذي وصل قلمه واخترقت سهامه ذات الرئيس.
في حوار مع رجل الأعمال عام ٢٠١٠، أكد أن ثروته ٦٠٠ مليون جنيه فقط.
كان يريد أن يقول إنه من رجال الأعمال الغلابة من طالبى القرب من «الحزب الوطني»، والممسوسين بحب سلطته وحمايته في هذا البلد الضائع، فلا يمكن أن يشعر بالأمان على نفسه وعياله وأعماله إلا بعد دخول نادي «المليارديرات».
الرقم رغم ضخامته لا يشير إلى مقدار الثروة الحقيقى للرجل الغامض.. لكنه منحه شبكة قنوات تليفزيونية، وجريدة يومية، ورئاسة حزب عريق يبدأ من سعد زغلول، وينتحر - الآن – على يديه.
ما وصل إليه الحزب يعبر عن الرجل الذي يريد أن يملك كل شيء دون أن يتورط في «نميمة» أو يتحوّل إلى كاريكاتير «عارٍ» يشبهه على صفحات إحدى الجرائد، أو يمس طرف ثيابه خيط رفيع من الأذى.
لكن اللعبة لها حسابات أخرى، لا يمكن أن تكون كبيرًا في مصر دون أن تكون لك مصائب أكبر.
تمرد كبار رجال الحزب على رجل الأعمال الذي اعتقد أنه اشترى البيت، والمبنى، والمصالح، والأصوات بفلوسه، وعزلوه، لكنه مصر على البقاء.. دخل معركة، وحشد لها صحيفته «الملاكي»، وعاد إلى السطح مرة أخرى.. يضرب ضربة، ويهرب.. حاول أن يخرج من المشهد أو يبتعد عنه مؤقتا.. لكن الأضواء طاردته، وأعداؤه كانوا لعنة عليه.
يرفض الخروج من الحزب بكرامته.
ينتحر هو - أيضًا – على أعتابه الآن.
سر صفقة الصحفي والأرجواز
صفقة الصحفى والأراجوز تبدأ من هنا.
انتهى الكاتب الكبير من «ورق دشت» يصل إلى ٤٠٠ ورقة عن رجل الأعمال الغامض، أرسله لأقرب دار نشر، طلب منها أن تسرِّب أخبارًا في أوساط رجال الأعمال عن كتابه الجديد، الذي اختار له عنوان «أنا.. والأراجوز».
صفحات الكتاب امتلأت بحكايات وأسرار تنشر لأول مرة عن شخصيات غامضة رسمت خطا رفيعا يفصل بين الصحافة والسلطة والمال الآن من زاوية رجل أعمال «الفياجرا»، ويروى فيها الكاتب الكبير القصة الكاملة لشراكتهما معًا في صحيفة معارضة.. بيعت إلى أحد رجال الحزب الوطنى بوقائع موثَّقة.
صفحات الكتاب تحوَّلت إلى ألغام ستنفجر في وجه رجال الأعمال، هكذا كان يبدو.. سطور من نار، وحبر برائحة البارود، تنقل مساوئ رجل الأعمال وصفقاته المشبوهة – في السياسة والبيزنس – لكن خبر الكتاب الذي كان تسريبه إلى أوساط رجال الأعمال مقصودًا ومتعمَّدًا، وربما يكون لم يكتب من الأساس، وإنما نميمة خرجت من تحت يد الكاتب الكبير لكى يحقق منها أي مبلغ مالى يصرفه على صحيفته الجديدة. وبالفعل، حدث له ما أراد.
اتصل رجل الأعمال بمقربين له، طلب منه مقابلة، لكنه رفض، اشترط أن يكون بينهما وسيط.. عرض عليه دفع إيرادات الكتاب مقدّما بدلًا من نزوله السوق، جرت مفاوضات وصلت إلى مليون جنيه يحصل عليها صاحب الكتاب مقابل عدم نشره، وبشر أوراقه.
بمليون جنيه فقط.. اشترى رجل الأعمال سمعته، وراحة باله، وصحفى كبير كان يقف ضده.
هل الكتاب كان من بين أوراقه حقائق صادمة أو مستندات فاضحة؟
بالطبع.. لا.
لكن أنياب الكاتب الصحفى لها ثمن. دائمًا ما نسمع عن كتب حققت إيرادات ضخمة، وطبعت آلاف النسخ، أو صدرت منها ١٠٠ طبعة بعد وصول السحب عليها إلى ما لا رأت عين بشر، لكن أن تسمع عن كتاب حقق مليون جنيه دون أن يخرج من المطبعة.. فهذه قصة جديدة من قصص الصحافة والبيزنس التي لن تنتهي.
ليست أول معاملة مالية لرئيس الحزب الغامض مع رؤساء التحرير، ولن تكون الأخيرة.
رئيس تحرير صحيفة يومية كبرى يعمل موظفا لديه في شبكة قنواته، ومديرو تحرير صحف يومية أخرى.. كلهم يقفون موقف الحياد منه، لا يهاجمونه، ولا يبيعون وده بالرخيص.. فإن لم تجد قيادة صحفية تقبض منه مباشرة، فهى - بالتأكيد – تقبض منه عن طريق وسيط.
خط واحد كان لا بد أن يسير فيه كتاب «أنا والأراجوز».. كما رسمه رئيس التحرير الشهير.. ألا يصدر الكتاب، ويتوقف طبعه بتسوية مالية، ومبلغ يضاف إلى حسابه في البنك.. وكفى الله المؤمنين شر القتال.
هذا ما حدث بالضبط.
صدور الكتاب كان كلمة سر.. مفتاح غرفة مغلقة مليئة بالأسرار والقنابل.. ستنفجر في وجه من يقدم على فتحها.. ولن تطيح برجل الأعمال فقط من مناصبه، وأعماله، وإنما.. ستضع رئيس التحرير في «خبر كان».

النسخة الورقية