الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

من براغ إلى الدوحة

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
عشرة أيام قضيتها ما بين براغ والدوحة.. فى براغ مع الوفد المصرى ثم سافرت إلى الدوحة لتسلم جائزة كتارا للرواية، كانت الرحلة طويلة من مصر إلى براغ، لأن هناك ترانزيت فى إسطنبول، وهكذا ضاع اليوم كله، وكانت أطول من براغ إلى الدوحة مع ترانزيت فى إسطنبول أيضا، وهكذا ضاع الليل كله، لكنى -ويا للعجب- كنت أقوم مبكرا أحضر الفعاليات الصباحية هنا أو هناك، أنا الذى تعودت على السهر، انتهت الأيام العشرة يوم الجمعة الماضى، وأنا أكتب هذا المقال فجر السبت ومازلت متعبا، لقد ظهر التعب علىّ بعد العودة، فى براغ قرأت فصلا من رواية «أداجيو»، فسألتنى سيدة تشيكية أيهما أكثر انتشارا فى مصر الآن الرواية أم الشعر؟ قلت الرواية فى كل الدنيا، قالت: أنا أسألك هذا السؤال لأن ما قرأته من الرواية هو شعر، كان ما قرأته فصلا يتحدث عن الموسيقى التى يسمعها البطل ويعزفها، بينما البطلة فى غيبوبتها تقترب من النهاية، هى الموسيقارة العظيمة التى دار معها فى كل الدنيا يسمع ألحانها وألحان عظماء الموسيقى، أسعدنى كلام السيدة التشيكية. قلت لها: أفلاطون وضع الموسيقى على قمة الفنون، فالموسيقى بناء فى الهواء وبعدها الشعر، والرواية الطموحة تحاول أن تكون شعرا ليس من خلال اللغة لكن من البناء الفنى، وتعدد لغات الشخصيات وارتباط ذلك كله بالمكان والزمان، لم أشأ أن أقل لها إن أفلاطون منع الشعراء من دخول جمهوريته أو مدينته الفاضلة رغم قيمة الشعر عنده، لأنه يعرف أن الشعراء غير متوافقين مع المجتمع ولن يتوافقوا حتى مع المدينة الفاضلة، الجنة، وسيجدون فيها عيوبا.. فى الدوحة سهرت ثلاث ليالى مع أصدقائى الغرباء هناك، جالسين فى حى أشبه بحى الحسين، اسمه الواقف، وكنا جالسين، فى هذا الحى تشعر أنك فى مصر لم تبتعد أبدا، كان أجمل ما فى الجائزة هو تعرفى على الشاب سامح الجباس صاحب الرواية الفائزة فى الأعمال غير المنشورة، هو من مصر، وله ثلاث روايات سابقة، وفاز بأكثر من جائزة هنا، لكنه بعيدا عن صخب العاصمة، وجدت أمامى شابا يعرف ما يريد وما يفعل، ناقشنى فى الكثير جدا من الروايات والروائيين من كل الأعمار، وكان يبدو دائما سعيدا وهو يتحدث عن غيره، بدا لى فائق الطيبة بحق، هو من بورسعيد، وكان فوزه شيئا جميلا حقا، سعدت أنا به ربما أكثر من سعادته هو، أجمل ما فى هذه المناسبات هو لقاء الأصدقاء من العالم العربى أو الغرباء. وأجمل ما فى هذه اللقاءات هو جو البهجة التي تظلل الجميع واختفاء أى مظهر من مظاهر التنافس أو الصراع السطحى بين أهل الكار الذى يفسد حياة من يمشى وراءه، عدت ولم أشعر بالتعب إلا بعد وصولى إلى البيت، اكتشفت أنى انقطعت عن عالم الإنترنت عشرة أيام كاملة، ووجدت المئات من التهانى على تويتر والفيس بوك والرسائل الخاصة والموبايل. كان من الصعب أن أرد على الجميع، شكرتهم جميعا معا، ولا تزال تأتى التهنئة تتجاوز بذلك الآلاف، سمعت أن هناك من يعترض على الجائزة فلم أهتم ولن أهتم -متعود وربنا- تذكرت -زمان- حين حصلت قبل الجميع على جائزة نجيب محفوظ من الجامعة الأمريكية كيف قامت الدنيا ممن تعودوا أن يحصلوا على كل الجوائز أولا، وضحكت وساندنى نجيب محفوظ العظيم قائلا: «الاعتراض على جائزة تحمل اسمى هلوسة»، وبالمناسبة، المعترضون ترجموا بعدى إلى الإنجليزية فى الجامعة الأمريكية أيضا، ولم يقولوا عمالة أمريكية كما قالوا عنى. وبالمناسبة الذين تقدموا من المصريين لجائزة كتارا أكثر من مائتى وخمسين ممن نشرت أعمالهم أم لم تنشر، وبالمناسبة قطر بها مائتا ألف مصرى، وبالمناسبة جائزة العويس قطرية، وحصل عليها العام الماضى مصريون، وبالمناسبة جائزة كتارا ليست خاضعة لوزارة الثقافة، لكنها أقرب إلى الجمعية الأهلية، وبالمناسبة «كتير أوى» ممن قابلتهم هناك من القطريين لا يحبون الإخوان، وبالمناسبة أهم ما فى هذه الجائزة هو عدم تدخل أصحاب «الكهنوت الجوائزي» من المصريين فيها، وبالمناسبة لجنة التحكيم كانت من أكثر من عشرين ناقدا من كل العالم العربى، وفيها شباب الأساتذة المصريون الذين يعملون فى الجامعة هناك، وبالمناسبة كان معنا من مصر الأستاذ محمد سلماوى ممثلا لرئاسة اتحاد كتاب العرب، والأستاذ حلمى النمنم ممثلا لوزير الثقافة المصرى فى اجتماعات الأليسكو أو اليونيسكو العربية التى اختلطت باجتماعات الجائزة، وبالمناسبة ضحكنا كثيرا جدا ليل نهار، أخذنى النوم فى الطائرة وصحوت فى مصر، ونزلت أنا وسامح الجباس، وعند الخروج طلبوا فتح وتفتيش حقائبنا، بينما تركوا كل حقائب الآخرين من كل الدنيا. رفضت التفتيش اليدوى وقلت لهم ضعوا الحقائب على جهاز التفتيش ولا تفتحوها إلا إذا ظهر لكم ما يريب، رفضوا فاحتد صوتى، ورفضت فتح حقائبنا إلا بعد المرور على الجهاز، ظهر من تعرف علىّ، وأنهى الموقف السخيف، ولا أعرف لماذا رغم أن هناك جهازا للكشف عن ما بداخل الحقائب، بل وبداخل الإنسان، يحب عمال التفتيش اللعب فيما يحمله الركاب مقدما، طبعا علشان جايين من قطر؟ طيب ممكن أى حد ييجى من بلد تانية شايل ممنوعات ما دام بيعدوه كده من غير تفتيش إلا قطر! مسخرة طبعا بلا مبرر، لكن معلش هى دى مصر يا عبلة.