الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

نعيد نشر ملف "اليوم السابع": التسجيلات الحرام والتسريبات الحلال!!

صورة من ملف اليوم
صورة من ملف اليوم السابع
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

محمد الدسوقى رشدى يكتب: التسجيلات الحرام والتسريبات الحلال..

 المجتمع فشل فى اختبار التسريبات.. الشباب رفضوها حينما ظهرت مكالماتهم وصمتوا عنها حينما أذاع الإخوان تسريبات سجن مرسىأنت تحب الصراحة، وأنا أيضا ولهذا تعال نعترف بالآتى:

فى امتحان التجسس على المكالمات وتسريبها وإذاعتها على الهواء مباشرة، الكل فشل وسقط وتعرى وانفضح، المجتمع المصرى بكل أطيافه حصل على «كحكة حمراء» كبيرة فى اختبار التسريبات، واكتشفنا معا أن أزمة المصريين مع التجسس على المكالمات الخاصة وتسريبها للرأى العام ليست فى مخالفة القانون الذى يعد كل تجسس على هواتف المواطنين جريمة إذا تمت بدون إذن نيابة، كما أنها ليست فى الاعتداء على الحياة الشخصية التى يكفل الدستور حمايتها.
سقط المجتمع فى الاختبار حينما أجاب على سؤال: ما موقفك من التسريبات؟ بإجابة لا تدين الفعل نفسه أخلاقيا وقانونيا، ولكنها تحدد مدى حرمانيته وحلاله طبقا لتأثير التسريب، وهوية صاحبه، ومن تم التجسس عليه، والانتماء السياسى لمن تفضحه التسريبات.
بشكل أكثر توضيحًا مع بداية موضة التسريبات، تلك الجريمة التى أسس لها عبدالرحيم على وانطلق بصندوقه الأسود يذيع مكالمات شباب ونشطاء الثورة، وجدت هذه التسريبات ترحيبا هائلا من قبل خصوم ثورة 25 يناير وبقايا نظام مبارك واعتبروها حقا للمجتمع لفضح النشطاء، بينما الشباب واجهوا هذه التسجيلات بالرفض والاستنكار، واعتبروها جريمة مخالفة للقانون والدستور، وأصدر الإخوان بيانات اعتبروا هذه التسجيلات حراما شرعا وجريمة هدفها تصفية شباب الثورة، ودليلا على انتهاك النظام الجديد للقانون، بينما الدولة كطرف ثالث صمتت تماما ولم تتخذ إجراءات ضد هذه التسريبات. ثم تغير الحال وتبدل حينما حمل الإخوان مشعل جريمة التجسس وبدأوا فى إذاعة تسجيلات لمسئولين فى الدولة، وقتها صمت النشطاء والشباب تماما ولم يتحركوا بنفس القوة لإدانة التسريبات واتخذوا موقفا شبيها من موقف الدولة تجاه تسريباتهم، أما بقايا دولة مبارك والمطبلاتية فقد أدانوا هذه التسجيلات واعتبروها جريمة بعد أن شهدوا من قبل على تسريبات الشباب أنها حق للمجتمع، بينما الإخوان تراجعوا عن فكرة أن التجسس على المكالمات حرام واعتبروه فعلا شرعيا لفضح النظام.
ثم تبدل الأمر وشهد بعضا من التعديلات بعد ظهور تسريبات جديدة على يد عبدالرحيم على لبعض الشخصيات البارزة من رجال السياسة والمال والأعمال، وخصوصا مع تسريبات رئيس حزب الوفد، السيد البدوى الذى لم نسمع له صوت اعتراض على التسجيل للنشطاء والشباب ارتفع صوته أخيرا وطالب الدولة بالتدخل لوقف هذه المهزلة، الشباب والقوى الثورية تداولت التسريب للسخرية وتأكيد ما كان يحاك ضد الثورة من مخططات شريرة بعد أن كانت ترى فى المساهمة فى نشر محتوى هذه التسجيلات شراكة فى الجريمة.
الكل سقط فى الاختبار، لم يحترم أحد القانون، وتعاملت التيارات السياسية المختلفة مع مسألة التجسس على المكالمات وفقا للهوية السياسية، إن كان التسريب فى مصلحتنا ويشوه خصمنا ننشره ونساعد فى ترويجه أو نصمت وذلك أقوى إيمانهم، وإن كان التسريب ضدنا ويشوه صورتنا نرفع شعارات القانون وانتهاك الدستور، وبين هؤلاء وأولئك كانت الدولة تقف شاهدة مستمتعة حتى طالتها تسريبات الإخوان فأطلقت رجالها لنفيها والحديث عن فبركتها ومع ذلك لم يتعلم أحد الدرس، لم يتحرك أحد خطوة جريئة لمواجهة هذه الجريمة، وكأن أحدا فى كل هذا الجمع لم يعرف بوجود حكمة تقول: «سرِّب ما شِئتَ فإنك مُسرّبٌ لك». أمام القانون فتبدو كل التسريبات سواسية سواء تلك التى ظهرت لمصطفى النجار أو إسراء عبد الفتاح أو البرادعى أو ممدوح شاهين أو السيد البدوى، جريمة تحتاج إلى عقاب، عقاب لمن سجلها دون إذن قضائى، وعقاب لمن سربها، وعقاب لمن يروجها، هكذا يقول قانون العقوبات: (يعاقب بالحبس كل من اعتدى على حرمة الحياة الخاصة للمواطن وتشمل هذه الاعتداءات التنصت أو تسجيل ونقل محادثات جرت فى مكان خاص أو عن طريق التليفون، وفى غير الأحوال المصرح بها قانونا أو بغير رضاء المجنى عليه، كما ينص على الحبس أيضا لكل من أذاع أو سهل إذاعة أو استعمل ولو فى غير علانية تسجيلا أو مستندات متحصلا عليها بأحد الطرق بغير رضاء صاحب الشأن).

أمام البشر تتوه كل معانى المساواة، لا أحد يؤمن بحدوتة «كأسنان المشط»، ولا بحكمة «كلنا ولاد تسعة»، ولهذا يأتى التعامل مع التسريبات وفق الهوى الشخصى، ويتوقف مدى رضا التيار الاجتماعى أو السياسى عن التسريبات أو رفضها على حسب المصلحة العائدة عليه من نشرها، إن تضر المصلحة اعترض عليها ورفع راية القانون والحريات الخاصة، وإن كانت لصالحه، صمت ومررها تحت شعار من حق المجتمع أن يعرف ما يحاك ضده، وبين هذا وذاك وأولئك لا أحد يفكر أبدا فى مصلحة الدولة أو خطورة كونها مخترقة بهذا الشكل، أو قسوة تحولها إلى لعبة فى يد جهة مجهولة تتسلى بالجميع أو تعيد من خلال نشر التسجيلات تشكيل أو تأهيل المزاج العام لأمر ما.
علميًّا يعرفون الحالة البشرية السابقة التى توافق على إذاعة تسجيلات غير قانونية بين أشخاص أو منعها حسب المصلحة، بأنها ازدواجية المعايير أو الكيل بمكيالين، وهو مفهوم أخذ هيئته السياسية وانتشر فى عام 1912 للإشارة إلى مجموعة من المبادئ تتضمن أحكاما مختلفة لمجموعة من الناس بالمقارنة مع مجموعة أخرى، مبادئ ينظر إليها على أنها مقبولة لاستخدامها من قبل مجموعة من الناس، ولكنها تعد غير مقبولة ومن المحرمات عندما تستخدم من قبل مجموعة أخرى، ووفقا للتعريف يعد الكيل بمكيالين نوعا من التحيز الظالم لأنه ينتهك مفهوما أساسيا فى الفقه القانونى يقول بأن جميع الأطراف يجب أن تقف على قدم المساواة أمام القانون.
وفى هذا الشأن يقول النبى الكريم محمد، صلى الله عليه وسلم: (.. فإنما أهلك الذين مَن قبلكم، أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريفُ، تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيفُ، أقاموا عليه الحدَ.. وايم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها). افهمها كما تفهمها، ولكننا نعلم يقينا أن فى الحياة أقمشة سوداء وأخرى بيضاء، ولكننا لم نعلم يوما ما أن بها أيضا تسريبا أسود وتسريبا آخر أبيض، كلها تسريبات، وكلها تقول إن جلدة فاسدة فى جسد هذا الوطن ربما تتسبب فى غرقه يوما ما وإفساد محتوياته المجتمعية والسياسية والأخلاقية إن لم يسارعوا بتغييره.



دندراوى الهوارى يكتب: هل عبد الرحيم على غلطان فى إذاعة التسريبات الهاتفية؟

.. الجميع خضع لشهوة نشر وإذاعة التسريبات الهاتفية أمام كنز المعلومات وسيل المكالمات الكاشفة لشخصيات بارزة

تعالوا نتحدث بشكل مجرد من الهوى، وبصوت عال، لإعلاء قيمة الحقيقة، عن إشكالية التسريبات الهاتفية، والأوراق والمستندات، فى وسائل الإعلام المقرؤة والمرئية، بجانب ما يتم بثه على المواقع الإلتكرونية، والتواصل الاجتماعى «الفيس بوك وتويتر»، ونسأل عن الذين كان لهم السبق فى تدشين فقه التسريب.. بالأدلة والبراهين، أول من دشن لهذا الفقه هم ثوار ونشطاء يناير، والحركات والائتلافات التى ولدت من رحم الثورة، ضد إعلاميين ونجوم سياسة وفن ورياضة، وألصقوا الاتهامات والأباطيل بهم، وبارك كل المحيطين والمتعاطفين مع اتحاد ملاك ثورة يناير هذه التسريبات، وأقاموا لها الحفلات والأفراح والليالى الملاح، واعتبروها كنزا كبيرا لتعرية أعدائهم. إذن الثوار والنشطاء أول من دشنوا فقه التسريبات التى وصلت لذروتها عند اقتحام مقرات أمن الدولة وأخرجوا الوثائق والمستندات، وأغرقوا بها الفيسبوك وتويتر. وفى سيناريو انقلاب السحر على الساحر، ظهرت تسريبات لنشطاء وثوار، وشخصيات عامة داعمة لثورة يناير، تكشف تورطهم فى العديد من الأحداث التى شهدتها مصر، وهنا «هاجت الدنيا وماجت الأرض تعاطفا مع غضب النشطاء»، وخرجت سهام الاتهامات لتوجهها ضد مؤسسات الدولة الأمنية، ولاتهامها بأنها وراء التسريبات، وتجنيد عدد من الإعلاميين لتشويه صورة شباب الثورة، واتهامهم بالخيانة والتآمر، ومطالبة كل من نشر أو أذاع هذه التسجيلات بتقديمهم لمحاكمة عاجلة، وإعدامهم فى ميادين الثورة ليكونوا عبرة وعظة فى المستقبل لكل من يقترب من شباب الثورة النقى والطاهر. هنا تظهر سياسة الكيل بمكيالين، والانتقاء فى بناء المواقف، ما بين تأييد جارف للثوار والنشطاء للتسريبات ضد خصومهم، والتنديد والانزعاج بالتسريبات التى طالتهم، وطالت مثلهم الأعلى من عينة البرادعى وصباحى وممدوح حمزة وغيرهم، وهو خلل قيمى كبير، وازدواج فج للمعايير. القيم العليا لا تعرف إلا مكيالا واحدا، إما الرفض الكلى، وإما القبول الكلى، بالمبدأ، ولكن أن تقبل التسريبات عندما تخص الخصوم، وترفضها عندما تخص فصيلك أو أصدقاءك، فهو أمر مشين. ونأتى إلى العامل الجوهرى، وهو: ماذا تفعل أمام كنز معلوماتى، يتضمن تسجيلات لشخصيات عامة ونشطاء وسياسيين ونجوم مجتمع، هل تقف أمام شغف الانفراد وتذيعها أم تغلب القيم الأخلاقية بعدم الخوض فى حياة الناس الشخصية؟ الإجابة واضحة وجلية، أن الثوار وحلفاءهم أول الذين وقعوا تحت طائلة الشغف فى إذاعة التسريبات، ثم سار عدد كبير من الصحف والقنوات الفضائية خلفهم، بنشر التسريبات، من عينة «اليوم السابع» التى نشرت تسريب حوارات مبارك مع طبيبه، و«الوطن» التى أذاعت تسريبات لمبارك ومرسى، و«المصرى اليوم»، وغيرها من الصحف بجانب تسريبات برنامج الصندوق الأسود للإعلامى عبدالرحيم على.

وإذا سألتنى أنا شخصيا عن رأيى فى التسجيلات، فأنا أرفضها سواء التى ضد خصومى، أو أصدقائى، وتتفق أو تختلف مع انزعاج وسخط النشطاء والجماعات والحركات الثورية من التسجيلات، إلا أن من الضرورة الاعتراف بأن كل التسريبات «حرام» وخطيئة كبرى، وبما أن ذلك لم يحدث، والجميع دون استثناء تبارى فى نشر وإذاعة التسريبات، فالجميع يسدد نفس الفاتورة. وتبقى الحقيقة المؤكدة، أن الجميع خضع لشبق الانفراد، أمام كنز المعلومات فى التسريبات الهاتفية، ولم يستطع فصيل أو إعلامى، أو ثائر، أو ناشط كبح جماح هذا الشغف فى إذاعة التسجيلات، إذن الجميع تطوله نار الاتهام، والجميع مدان، وليس عبدالرحيم على فقط.


أكرم القصاص يكتب: التسريبات والمستقبل..صراع بلا أدلة واستقطاب بلا قضية

.. مزيد من الكشف أم مزيد الانتقام والاستقطاب؟.. الجدل حولها لم يتوقف طوال السنوات الأربع الماضية

لم يتوقف الجدل طوال أربع سنوات وأكثر حول التسريبات، والتسريبات المضادة، من جهات وأشخاص، وظلت الازدواجية هى الحاكمة. البعض يطير فرحا بتسريب ضد خصم له، ويغضب من تسريب له أو لمقربين منه. وفريق بينما يتفرج ولسان حاله يقول «اللهم اضرب المسربين بالمسربين وأخرجنا منهم غير منعاصين». هذه هى الحقيقة، لكن ما تداعيات تواصل التسريبات؟. والتسريبات ليست وليدة اليوم، وطوال السنوات الماضية نستند إلى تسريبات وشائعات وأنصاف حقائق. وأكبر عملية تسريب خارج القانون كانت عملية اقتحام أمن الدولة، والنشوة التى تلبست كثيرين وهم يتداولون أسرار الجهاز، ويوظفون بعضها للانتقام ممن يرون أنهم خصوم فى الإعلام أو السياسة. لم يتوقف أحد يومها ليعلن خطورة اقتحام الجهاز، وعدم السيطرة على وثائق بهذه الخطورة. النشطاء أنفسهم تناولوا بعضها فى تدوينات تدخل فى إطار التسريب. نقلا عن اليومى من دافع عن تسريبات عموما يتجاهل أنها كلها تمت بعيداً عن القانون والقنوات الشرعية، وأن التساهل معها قد يفتح الباب لمزيد من الانتقام أو الاستقطاب وليس بهدف الحساب والمحاسبة؟ وهو ما طرحته بمقال «التسريب الحلال والتسريب الحرام» فى يناير 2014. الحل ربما فى تقديم هذه المعلومات إلى أجهزة التحقيق لتتعامل معها، وحتى يمكن تحقيق نتيجة أكبر من مجرد الفرجة والتصفيق أو الرفض، لأن ما شاهدناه أن التسريبات التى تخرج ضد السلطة أو ضد نشطاء لم تتحول إلى وثائق أو تحقيقات، لأنها تنشر وتتحول إلى حالة تشهير تصدر وتضاعف الاستقطاب والصراع والجدل هى فرجة بلا نتيجة ولا تنتج جدلا أو نقاشا حقيقيا