الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

بالفيديو.. محررة "البوابة نيوز" تتنكر في زي "سايس" سيارات لمدة 3 أيام.. وتطلق على نفسها اسم "الاسطي بلبل".. وتكشف: بعض المترددين يستغلون الموقف في اصطياد الفتيات للعمل بالدعارة

مغامرة محررة البوابة
مغامرة محررة "البوابة نيوز" في موقف ميكروباص السيدة عائشة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
"السايس ومنادي سيارات الأجرة" مهنة احتكرها الرجال على مدى وقت طويل، ومن النادر أن تجد فتاة تمتهن هذه المهنة، وخاصة بالمناطق الشعبية، فمهنة السايس تسمع عنها الكثير من الأقاويل فتجد من يصفه بالمتسول وتجد من يصفه بـ"البلطجي" لأنه ينقض بلا رحمة على جيوب قائدي السيارات.
قررت "البوابة نيوز" اختراق هذا العالم عن طريق تحويل محررة "البوابة" لسايس وصبي بموقف لسيارات الأجرة بإحدى المناطق الشعبية.
البداية بتجهيز ملابس رجالى قديمة ومتهالكة لارتدائها خلال المهمة، وفوطة صفراء لمسح السيارات، ورغم كل ذلك ما كان يرهبني هو استقبال السائقين والركاب، هل كانوا سيقبلون بوجودي معهم ومساعدتي؟ أم سيرفضون تواجدي معهم ويقومون خلالها بطردي؟.
وبحثت عن المكان الذي سوف أحل عليه، وخلال بحثى استقر ذهني على منطقه السيدة عائشة بموقف الميكروباصات خط البساتين والأوتوستراد، في ميدان السيدة عائشة تجد "سعد أنبوبة" رئيس الموقف الذى سبق والتقيت به بإحدى جولاتي الميدانية، ذهبت إليه وحدثته عن فكرتي وقام بمساندتي ووافق على تشغيلي كصبي ومساعد له لمدة 3 أيام، وبالفعل قام بتدريبي على المهنة بكل دقه لكى اجيدها حتى لا يتمكن السائقون من كشف هويتي أو فضح أمري، وتحولت من محررة " البوابة نيوز" إلى "بلبل" السايس وصبي "أنبوبة" بالموقف.

"بلبل"
قام "أنبوبة" باصطحابي إلى الموقف قبل التصوير بيوم، لكى يقوم بتعريف السائقين بي قائلا: "يا اسطوات دي بلبل الصبي بتاعى وهتشتغل معانا في الموقف، أنا لقيت الرجالة ماتنفعش معاكم، فجبت لكم بت"، كل هذا والسائقون ينظرون إلى وإلى "أنبوبة" بانتباه شديد، وينصتون لحديثه جيدا دون التفوة بأي كلمه، وقام بعض السائقين الشباب بتشغيل الأغاني الشعبية في أحد السيارات وقاموا بالرقص والغناء عليها سخرية من" بلبل" و"أنبوبة".
وتابع "أنبوبة" حديثه للسائقين "بلبل دي هي سعد أنبوبة، يعنى احترام وأدب، اللي هيتعرض لها هاقطع رقبته، فاهمين؟ أظن الكلام واضح"، حينها قام السائقون بالابتسام ابتسامة تعجب وسخرية في آن واحد، كأنهم يحدثون أنفسهم من خلال الابتسامة: كيف لفتاة تصبح صبيا بداخل الموقف، وتقوم بعمل الشباب؟! وخاصة أنها ستعمل بموقف ميكروباصات بمنطقة شعبية، وتجدوا ايضا في نظراتهم تساؤلات عدة منها من هذه الفتاة؟ وما وراءها؟ هل هاربة من منزلها؟ أو زوجها؟ هل فعلت شيئًا مريبًا تود الاختباء منه؟ العديد والعديد من التساؤلات في أذهان وأعين السائقين تخص "بلبل" لم يبح بها السائقون تخوفا من "أنبوبة" ولكن أعينهم ووجوههم فضحتهم دون أن ينطقوا بها.

اليوم الأول
بعدما قام "أنبوبة" بتعريف السائقين بي، كان يجب عليّ تطبيق ما تعلمته بشكل عملي، فأعطاني الاسطى سعد ورقة وقلم قائلا: "خد يا بلبل اكتب في الورقة دى أرقام العربيات اللي في الموقف، واللي تطلع وتحمل ركاب أشطب عليها"، وقمت بالفعل بعمل ذلك في ظل الاندهاش الشديد من السائقين والركاب في آن واحد، ثم طالبني بعدها بأن أقوم بتطويق العربات بفوطة صفراء وتنظيفها بشكل جيد، ونفذت ما طلب منى، وعقب تنظيف السيارات يقوم كل سائق بإعطائي مبلغ من المال، قائلين: "شكرا يا بلبل، وتسلم إيديك"، ثم قمت بالنداء على الركاب لتحميل الميكروباصات على حسب كل سائق فيوجد في الموقف العديد من الخطوط "خط صقر- أوتوستراد أو صقر- البساتين"، وعربات "للإمام والأجزخانة"، وكنت أقوم بتحميل العربية على حسب ما يطلب منى السائق، فبعض الأوقات كنت أنادى على "صقر- أوتوستوراد"، وبعد تحميل العربة، أقوم بتغير الاتجاه إلى "صقر البساتين"، وهكذا إلى أن انتهى اليوم.

اليوم الثاني
كان أول يوم عمل فعلى وتصوير، وكان من المفترض أن نقوم بالتصوير في غفلة من السائقين عن طريق وضع الكاميرا في مكان غير مكشوف لا يستطيع أحد رؤيتها، لكن ميدان السيدة عائشة مكشوف، ولم نجد مكانًا نضع بداخله الكاميرا، أو يقف المصور بداخله لكى يتمكن من خلاله بتصويري دون لفت أي انتباه، لذلك قمت بالاتفاق مع مصور" البوابة"، و"أنبوبة" بخداع السائقين، وقمنا باختلاق قصة وهى أن يظهر "المصور" بصفته الصحفية وأن يقوم بالسؤال على "أنبوبة" ويقول له: إنه قد شاهد أمس فتاة تعمل معه صبي، وأثارت إعجابه فأتى ليصورها ويساعدها.
وعندما بدأ مصور "البوابة" تصويري، ثار السائقون خوفا عليّ رغم رفضهم الشديد لتواجدي لكنهم قاموا بالتشاجر مع المصور لقيامه بتصويري، وفى أثناء التشاجر ذهب "أنبوبة" للسائقين وحدثهم قائلا: "يا جماعة الاستاذ صحفي وسمع عن بلبل فجاي يصورها عشان دي أول مرة يشوف بنت بتشتغل صبي في موقف"، اعترض السائقون لفترة بسيطة ولكنهم في آخر الأمر وافقوا على تواجد المصور وتصوير بلبل لمساعدتها في أن تظهر بالتليفزيون آملين من إيجاد من يساعدها في وظيفة محترمة ونجدتها من الشارع حتى لا تتعرض للخطر، وقام مصور "البوابة" بممارسة عمله وظللت أنا ايضا أمارس عملي في مسح السيارات.

سيارات بدون "لوحات معدنية"
أثناء ممارستي عملي في مسح السيارات وجدت العديد من السيارات بدون "لوحات معدنية"، ورغم عدم تواجد أرقام لها فهي تقوم بنقل الركاب وتؤدى عملها بشكل طبيعي دون خوف من ضباط المرور المتواجدين بالمنطقة، وهذا ما أثار دهشتي بشكل كبير.

الحاجه أم وجيه
أثناء ممارستي مهنتي في مسح السيارات وغسلها وتحميل الركاب حدثت مشاجرة بين "أنبوبة" وإحدى السيدات في الموقف تدعى "أم وجيه"، فأم وجيه بائعة خبز بالميدان وعندما رأتنى رفضت تواجدي بالمكان، وتشاجرت مع "أنبوبة" ودخلت معه في مشاجرة كلامية عنيفة قائله: "إزاى يا سعد؟ دي مش وش بهدلة، الرقة دي تمسح عربيات وتشتغل في موقف؟! حرام عليك، شوف لها مكان تاني أنضف من هنا، لكن تجيبها هنا وسط السواقين؟! هياكلوها".
وتابعت أم وجيه متسائلة: "لقتها فين دي يا سعد؟ وجبتها منين؟ أكيد وراها حكاية، لأن دي مش وش بهدلة أبدا"، فأجابها "أنبوبة": "بلبل" بنت غلبانة تبحث عن لقمة العيش بالحلال، إضافة إلى أنها طالبة جامعية وتقوم بالعمل لكى توفر مصاريف دراستها وعلاج أمها المريضة، ورغم ما قاله "أنبوبة" إلا أنها لم تصدق كلامه ولم تقتنع به.

"منى"
أثناء عملي بمسح السيارات، وجدت سيدة سمراء ترتدى عباءة سمراء تتابعني من على بعد وتتبع كل خطواتي بنظراتها، لفتت انتباهي ولكنى لم أعرها أي اهتمام حتى أتت إلى وتحدثت معي قائله: "أنتى بتعملي هنا إيه؟ أجبتها "باكل عيش"، سألتنى مرة أخرى: "هو الراجل دا بيصورك ليه؟ هو تبعك؟ أجبتها "لا أعرفه، أنا بشتغل وبس".
تابعت " منى" حديثها : "إنتى إزاي تشتغلى الشغلانة دي، انتى مش وش المكان دا، إنتى ملبن يعنى تتقلى بالمال، وتتوزني بالدهب"، حينها استغربت من حديثها، وسألتها عاوزاني اشتغل ايه، وعندما رأت المصور يقف أمامنا مباشرة فأجابتني في تردد، في عياده دكتور او مصنع، فلما شعرت من حديثها ان تلمح لي بالعمل معها في الاعمال المخلة بالاداب.. فأجبتها "يا أبله الناس دي عاوزين شهادات وصعب نشتغل عندهم فسيبينى أكل عيش هنا"، وتركتها وذهبت، وبعد حوارنا شككت في أمرها وقمت بالسؤال عنها وعلمت بأنها أكثر النساء شرًا بالمنطقة ولم يفلت أحد من تحت يدها إلا وأن قامت بإيذائه، وقام "أنبوبة" بأخذي بعيدا عنها حتى لا تحتك بي أو تفكر بإيذائي، وأكملت بعد ذلك عملي إلى أن انتهى اليوم وطالبني "أنبوبة" بالرحيل إلى المنزل قائلا: "يلا يا اسطى بلبل كفاية عليك شغل النهارده يا أبا وروح".

اليوم الثالث والأخير
كان اليوم الأخير لـ" بلبل" بداخل الموقف، وكان العمل فيه ليس مرهقا مثل اليومين السابقين، قابلني السائقون في هذا اليوم بابتسامة وترحاب، ومنهم من قام بمصافحتي قائلين: "ازيك يا اسطى بلبل، اخبارك ايه، منور يا اسطى"، بعد ذلك حضر "أنبوبة" ومصور "البوابة" وظل كل منا يمارس عمله على حدة، "أنبوبة" في ترتيب السيارات بالموقف، وأنا بتحميل السيارات ومسحها، والمصور بتصويري، إلى أن انتهى اليوم.

آراء السائقين والركاب عن "بلبل"

اتفقت في هذا اليوم مع مصور " البوابة" بأخذ آراء السائقين والركاب في "بلبل" هل يجوز للفتاه أن تصبح صبي موقف وسايسا بداخل المناطق الشعبية؟ أم لا؟ وكانت الآراء ما بين مؤيد ومعارض لتواجد بلبل بالموقف، فالمؤيدون اعتبروا تواجدها طبيعيًا لأنها تقوم بممارسة مهنة شريفة تأكل من خلالها "عيش"، وتحميها من السير في طريق الحرام والانحراف، والمعارضون اعتبروا بان "بلبل" فتاة ولا يصلح للفتيات العمل بداخل مواقف الميكروباصات وخاصة بالمناطق الشعبية، لتواجد العديد من البلطجية وسيئي السمعة، مشيرين إلى أن تواجد فتاة بهذا المكان سيجعلها صيدًا سهلًا للمنحرفين.