الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

مذبحة إبراهيم المعلم وولده فى "الشروق".. فصل 31 صحفيًا والتجهيز لإبعاد "دفعة جديدة" من المحررين.. اشتباكات فى مقر "نادي العاصمة".. و"إضراب كلي" عن العمل يهدد بعدم صدور الصحيفة

رسالة إلى "هيكل" بأن يتدخل الآن

 أكمل قرطام و إبراهيم
أكمل قرطام و إبراهيم المعلم
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أكمل قرطام يعرض إنقاذ الجريدة بـ20 مليون جنيه ونسبة الـ51 % توقف الصفقة
تفكير في وقف الإصدار اليوم والاكتفاء بالموقع الإلكتروني.. ومساومة «المفصولين» بعدم وقف «بدل النقابة»

خلع الناشر إبراهيم المعلم، صاحب «الشروق» الدار والجريدة، أقنعته أمام كل الأنظمة، تستطيع– بجهد بسيط - أن تضبطه خادمًا وعرابًا ومطيعًا في حضرة أي حاكم، بسيجار أو لحية، طالما اقتدى وجه المصلحة. كانت السيدة سوزان قرينة الرئيس الأسبق حسنى مبارك تقضى يومًا في نادي هليوبوليس، وتصادف وجود إبراهيم المعلم الذي كان عضوًا جديدًا في النادي، فأراد «ناشر كل العصور» أن ينال الشرف الكبير، أن يصافح الهانم ويطبع قبلة على يديها، وكان له ما سعى.
في مكتبة الإسكندرية وقف «المعلم» أمام السيدة سوزان: «أنا خدامك قبل أن أكون خادمًا لمصر»، كان يدرك جيدًا ما يقوله، لا يلقى إبراهيم المعلم بكلمة إلا بعد قياس حجم المنفعة.
حينما اقتربت «سفينة مبارك» من الغرق في «٢٥ يناير»، أدرك «المعلم» أنه لا نجاة لهذا النظام، فدخل في عضوية ما سمى بـ«لجنة الحكماء»، بصحبة صهره الدكتور أحمد كمال أبوالمجد، وعند حلول موعد «إعلان وفاة» ما قبل الثورة مر على ميدان التحرير لـ«إثبات حضور» ربما ينفعه مستقبلًا.
بعد سقوط النظام تسرع في ترتيب أوراقه، فألقى بنفسه في «حظيرة الإخوان»، وأصبحت قصة مساندة والده للجماعة في مواجهة نظام «عبدالناصر» مهرًا للحصول على رضا المرشد.
تفاخر بأن والده تعرض لمضايقات شديدة من نظام «عبدالناصر»، بسبب إصراره على طباعة كتب سيد قطب.
بعد سقوط الإخوان المسلمين في «٣٠ يونيو»، لم يستطع «المعلم» أن يجد موقعًا له على ظهر السفينة الجديدة، وبرغم أن أي تاجر ينتقل من «حجر نظام» إلى آخر بكل سهولة، فإنه لم يستطع أن يفعل ذلك، لأنه كان متورطًا أكثر مما ينبغي.
بدأت الأزمات تلاحق «المعلم» بعد سقوط حكم الإخوان، أدرك الجميع تحولاته، وأصبح اقترابه من أي نظام عامل خسارة، بالمعنى الدقيق فإن وجوده بالقرب من أي حاكم «نقيصة» لا يريد أحد أن يوصم بها.
منذ أكثر من عامين ونصف تعيش جريدة «الشروق» المملوكة بشكل رئيسى لـ«المعلم»، ويديرها نجله «شريف» أزمة مالية طاحنة، معروف تفاصيلها لكل من في «السوق».
تحمل الزملاء في «الشروق» طوال هذه المدة صعوبات لا يستطيع أحد أن يواجهها، من تأخر في الرواتب لأسابيع طويلة، إلى صرفها على دفعات حينما يقرر «المعلم» أن يدفع.
لم يخرج الزملاء للتعبير عن احتجاجهم على الأوضاع، صمتوا، عملوا في جريدتهم بكل نبل وإخلاص على أمل تحسن في الأوضاع طبقًا لوعود مجلس الإدارة قبل أن يتبين أنه لا تحسن، بل إن القادم أسوأ.
كانت البداية مع فصل ١٨ صحفيًا من «الشروق» قبل نحو أسبوعين، من دون أي سابق إنذار بزعم ترشيد النفقات في ظل الأزمة المالية التي تمر بها الجريدة.
استغلت إدارة «الشروق» أن معظم هؤلاء «غير نقابيين»، وفى عرفنا فإن غير النقابيين «ليس لهم دية»، فألقت بـ١٣ زميلًا آخرين – عدد كبير منهم أعضاء بنقابة الصحفيين، وآخرين عينوا بالجريدة قبل قرار الفصل - من شرفة مقر بـ«نادي العاصمة، ليصل عدد ضحايا المذبحة إلى ٣١ صحفيًا غير ما سبق من ضحايا.
وفقًا لقانون تنظيم الصحافة المعمول به الآن فإنه لا يجوز فصل الصحفى من عمله إلا بعد إخطار نقابة الصحفيين بمبررات الفصل، وهو ما لم تفعله إدارة «الشروق»، فلا أخبرت النقابة، ولا مهدت لـ»الضحايا».
نقابة الصحفيين حاولت التدخل لحل الأزمة من دون أي جدوى، وتدور في الكواليس أقاويل حول نصيحة قدمها النقيب يحيى قلاش لصديقه عماد الدين حسين، رئيس التحرير التنفيذى للجريدة، بأن تتم عملية الفصل لـ«غير النقابيين» على دفعات، وهو ما تحقق بالفعل.
وتحاول إدارة «الشروق» مساومة «النقابيين» من «المفصولين» بأنها لن تبلغ المجلس الأعلى للصحافة بقرار الفصل حتى لا يتوقف «البدل» في مقابل أن يصمتوا، لكن لا نتيجة لهذه المساومة حتى الآن.
أمس الأول، شهدت صالة تحرير جريدة «الشروق» اشتباكات بين عدد من المفصولين ورجال الأمن، فقد غضب «الضحايا» وكان من بينهم زميل لم يمر على تعيينه بالجريدة سوى شهر ففوجئ بقرار فصله معلقا على الحائط.
هل ينام إبراهيم المعلم مستريحًا؟
نعم، هو ينام جيدًا فنفسية التاجر التي يحملها تمكنه من أن ينام في الجحيم دون أن يؤرقه أحد.
المعلومات القادمة من داخل «الشروق» تقول إنه يجرى حاليًا التجهيز لفصل «دفعة جديدة» من الصحفيين قد تزيد على ١٥ محررًا من الجريدة والموقع الإلكترونى فالإدارة تسعى لفصل ١٠٥ من العاملين.
أمام كل ذلك لم يجد الزملاء في «الشروق» إلا الإضراب عن العمل، ولأنهم حريصون على خروج الجريدة للنور أكثر من إبراهيم المعلم وولده فقد اختاروا أن يضربوا بشكل جزئى.
بدءًا من الإثنين الماضى قرر صحفيو «الشروق» الدخول في إضراب جزئى لمدة ساعتين، يبدأ من الواحدة ظهرًا وينتهى في الثالثة عصرًا، على أن يبدأ اليوم الخميس، إضرابًا كاملًا عن العمل بمشاركة كل الصحفيين والعاملين تقريبًا.
بلا أي مبالغة فإن جريدة «الشروق» مهددة بعدم الصدور غدًا إذا لم يجد «آل المعلم» مخرجًا لأزماتهم، وإذا لم يتوقفوا عن العصف بكل من يطالب بحقه من العاملين معهم.
حاولت اللجنة النقابية بجريدة «الشروق» أن تلتمس أي طريق لحل الأزمة، فبعثت برسالة للأستاذ محمد حسنين هيكل، الأب الروحي للصحيفة، بأن يتدخل، لكن حالته الصحية لا تساعد.
لماذا يتمسك إبراهيم المعلم بالشروق؟
في خضم الأزمة التي تمر بها الصحيفة حاول بعض رجال الأعمال التدخل للحصول على نسبة كبيرة من الأسهم وتقديم منحة مالية عاجلة كفيلة بأن تخرجها من أزمتها، لكن إصرار «المعلم» على احتفاظه بحق الإدارة أفشل التوافق على أي من هذه العروض.
عرض أكمل قرطام أن يقدم ٢٠ مليون جنيه ويحصل على ٥١ ٪ من أسهم الجريدة لكن «المعلم» رفض ذلك، ففشلت الصفقة التي ربما كانت تحمل أملًا للزملاء هناك.
نفس الأمر تكرر بالنسبة لحسن هيكل الذي عرض نفس المبلغ أو يزيد قليلا مقابل حصوله على حق الإدارة، وكان آخر من دخلوا على خط «الصراع على جثة الشروق» السياسي محمد أنور السادات.
أما عن موقف الأستاذ عماد الدين حسين فالرجل الذي أراه نبيلًا بما لا يتوافق مع «سلوك آل المعلم»، فعل كل ما في وسعه للحيلولة دون وقوع المذبحة، لكن تعنت الإدارة حال دون نجاح جهوده.
بعد فصل الدفعة الأولى من الصحفيين، كتب على صفحته بموقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك»: اليوم واحد من الايام السيئة وغير الجيدة بالمرة في حياتي، لم أكن أتمنى أن أمر أو أعيش الاحداث التي حصلت اليوم أو قد تحدث لاحقا لبعض الزملاء».
كتب عماد الدين حسين استقالته بالفعل استعدادا لتقديمها إلى «آل المعلم»، لكن رغبته في إنقاذ السفينة بمن تبقى فيها حالت دون تقديمها، وهى لا تزال موجودة في درج مكتبه الآن.
يحاول هو الآن أن يقنع الزملاء بأن يوقفوا احتجاجاتهم حتى شهر يوليو المقبل، وهو موعد توقيع العقد الإعلانى الجديد بين وكالة «برومو ميديا» و«الشروق»، لكن محاولته هذه جاءت بعد فوات الأوان، خاصة مع توارد أنباء حول نية إدارة الصحيفة وقف الإصدار الورقي في المرحلة المقبلة والاكتفاء بالموقع الإلكتروني.
يمكن أن ترى فيما كتبناه كله تدخلًا في الشئون الخاصة لصحيفة زميلة بما يتناقض وأعراف المهنة الموروثة، لكن أمام ما يحدث للزملاء هناك تسقط هذه الأعراف ويبقى زملاؤنا.
النسخة الورقية