الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

قلق فى الرئاسة..!

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لم يكن حرص الرئيس عبدالفتاح السيسى على لقاء الأطراف المتصارعة فى حزب الوفد، ومحاولة لعب دور الوساطة لحل أزمة كادت تعصف بأقدم الأحزاب السياسية المصرية، إلا انعاكسًا لقلق حقيقى ينتاب مؤسسة الرئاسة بشأن مستقبل الحياة السياسية بشكل عام والأحزاب على وجه الخصوص.
فبينما تستعد البلاد لإتمام الاستحقاق الثالث لخارطة الطريق بخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، بدت معظم الأحزاب السياسية أضعف من تحمل المسئولية التى تفرضها ظروف الوطن، فعلى الرغم من غياب معظم الأسباب المعوقة للعمل الحزبى، وفى مقدمتها التضييق الأمنى الذى كان يمارسه جهاز مباحث أمن الدولة وخلط الدين بالسياسة الذى كانت تحترفه جماعة الإخوان الإرهابية، إلا أن الأحزاب المدنية لا تزال عاجزة عن الوصول إلى رجل الشارع، والتأثير على اتجاهاته فى التصويت.
وجاءت أزمة حزب الوفد لتشكل معضلة جديدة إذ كيف يثق الناخب فى مرشح الأحزاب، بينما أعرقها وأقدمها يشهد كل ذلك الصراع والتخبط، وبمعنى آخر كيف سيقتنع الناخب المصرى بقدرة أى حزب على ترجمة كلامه المعسول وشعاراته البراقة، إلى برنامج عمل تنفيذى يحقق العدالة والكرامة والحرية، بينما تعجز الأحزاب عن إدارة شئونها الداخلية وحل صراعاتها بالتوافق بين أطرافها وقادتها.
لا أعتقد أن تدخل الرئيس سيحل أزمة الثقة بين رجل الشارع والأحزاب السياسية بل ربما يزيد من حدتها، فبالنسبة للمواطن كان الانقسام والانهيار مصير حزب الوفد، لولا تدخل الرئيس، وهذا يعنى أن السياسة بتعريفها البسيط (فن الممكن) غائبة فى أكبر حزب، ناهيك عن التقاذف بالاتهامات الذى شهدته اجتماعات الحكومة مع قادة الأحزاب لمناقشة التعديلات على قانون الانتخابات، فبدلًا من أن تقدم الأحزاب السياسية مقترحات محددة، نقل قادتها خلافاتهم الشخصية وتنابذهم دخل تلك الاجتماعات.
بعضهم يبرر ضعف مستوى العضوية فى الأحزاب السياسية، بالقول إن قوة الأحزاب تقاس بمدى تأثيرها ووصول أفكارها إلى الرأى العام، ضاربين المثل بحزبى العمال والمحافظين فى إنجلترا، والجمهورى والديمقراطى بالولايات المتحدة، ولكن هل استطاعت أى من أحزابنا السياسية تحقيق هذه المعادلة؟، بمعنى آخر هل تمكن على سبيل المثال حزب الوفد أو المصريين الأحرار أو المصرى الديمقراطى أو التجمع خلق قاعدة جماهيرية تروج لأفكاره وبرنامجه على نحو يجعل منها أحزاب مؤثرة فى الشارع، وتدفع الناخب للتصويت لمرشح أى منها فقط لأنه يمثلها ويعبر عن أفكارها؟!
ظنى أن الأحزاب المصرية قاطبة فشلت فى تحقيق هذه المعادلة، بل أنها جميعا تستهلك شعارات واحدة، ولم نلحظ حرص أى منها على تمييز خطابه عن الأخرى، وأدعو قادة هذه الأحزاب إن كانوا جادين، إلى تصميم استمارة استبيان تختبر ما إذا كان لدى الناخب المصرى فارق جوهرى يميز من خلاله بين برامج الأحزاب السياسية المختلفة.
ولأن حزب النور السلفى يدرك هذه المعضلة علاوة على وعيه برفض المصريين للخطاب الذى يخلط بين الدين والسياسة، اتجه إلى التحرك بشكل منظم فى الشارع المصرى دون استهلاك المزيد من الشعارات، لأنه إذا تحدث بحقيقة خطابه خسر كل شىء.
لذلك لن يكون غريبا إذا فاز المستقلون بغالبية المقاعد الفردية وهذا ما يشكل قلقًا حقيقيًا لمؤسسة الرئاسة التى فوجئت بمن كانوا ينتقدون بالأمس انتماء الرئيس الأسبق حسنى مبارك للحزب الوطنى الديمقراطى، بمطالبتهم الرئيس السيسى بعمل حزب سياسى، وهو ما يعكس انعدام الثقة فى قدرة الأحزاب القائمة على صياغة رؤية سياسية تستطيع المضى بالوطن نحو مستقبل واضح المعالم.