الثلاثاء 21 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

العارف بالله "أبوتريكة"

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لا شك عندي أن محمد أبوتريكة، لاعب النادي الأهلي السابق ومنتخب مصر لكرة القدم، هو أعظم من أنجبتهم الكرة المصرية. أبوتريكة أسعد الملايين مرارًا وتكرارًا المصريين والعرب، وربما أيضا الأفارقة كسر أسطورة محمود الخطيب، وتربع في قلوب المصريين، ونادت به جماهير الأهلي رئيسًا قادمًا للنادي.
وكون أبوتريكة إخوانيا أو متعاطفًا مع الإخوان، فهذا حقه ورأيه واختياره، لكن أن يتحول التعاطف إلى شراكة تستهدف قتل وترويع المواطنين، فليذهب أبوتريكة إلى الجحيم.
وحتى أكون منصفًا، لم يخرج من جهات التحقيق حتى هذه اللحظة ما يؤكد أن أبوتريكة، مُدان بتلك الجريمة الشنعاء، ولم يثبت أيضا أنه كان على علم بأن الشركة التي يساهم فيها تقوم بتمويل عمليات الإخوان الإرهابية، والتحفظ على أسهمه في الشركة لا يعنى إدانته، فهو إجراء طبيعي وروتيني.
الأهم من قضية أبوتريكة، هو تناول بعض وسائل الإعلام، ونشر الأخبار تحت مسمى مصادرة أموال أبوتريكة، أو التحفظ عليها بدون الإشارة إلى أن التحفظ جاء على الأسهم التي يمتلكها في الشركة فقط، دون المساس بأى شيء آخر، وانتهز الحاقدون والإرهابيون قرار التحفظ على الشركة، لتظهر لنا حسابات باسم أبوتريكة وجميعها مزيفة، لتزيد الأمور سوءًا بتغريدات تجذب تعاطف الجمهور.
والجمهور كما تُبين لنا مواقع التواصل الاجتماعي، كالعادة لا يقرأ سوى العناوين، وهناك من يأخذ ما كُتب على فيس بوك أو تويتر كأنه معلومة دامغة لا تقبل النقاش، فيقوم هو الآخر بنشرها والتفاعل معها.
وهكذا امتلأت صفحات التواصل الاجتماعي، بشعارات من قبيل أبوتريكة خط أحمر، وإلا أبوتريكة، وغيرها دفاعا عنه، وطالت المقارنات جميع رموز نظام مبارك الحاصلين على أحكام بالبراءة، وكيف تتحفظ على الوطنى وتترك من أخذ الملايين من جيوب المصريين.
ومن يتابع الصفحات يكتشف أن هناك من يستخدم الفيس بوك في تحقيق أهدافه باتقان لا مثيل له، وأصبح معتادا أن تجد أغلب الناس ينساقون وراء موضوعات تظهر فجأة وتختفى فجأة، وجميعها تدخل تحت باب الإثارة، مرة إسلام بحيرى ومرة ياسمين النرش، وهذه المرة أبوتريكة، ومن قبلهم جميعا كلب «الهرم»، ومراسلة القناة الفضائية وطفلها، والكثير من الموضوعات التي شغلت المصريين، حتى من يعزف عن متابعة هذه القضايا التافهة، يجد نفسه مضطرا إلى أن يقرأ فيها، عندما تتوحد وسائل الإعلام في إبرازها على طريقة «الزبون عايز كده».
قبل ظهور مواقع التواصل، ظهرت في بداية التسعينيات قصة العم الذي وضع ابنى أخيه اليتامى في المقبرة بجوار والدهما ووالدتهما، وبعد شهر من الواقعة حدثت حالة وفاة جديدة، ففتحوا المقبرة ليجدوا الطفلين أحياء يرزقون، وبسؤالهم ماذا كنتم تفعلون وكيف لا تزالون أحياء؟ أجابا بأنه كان أبواهما يأتيان لهما بالطعام والشراب، فهلل الجميع بأنهم أكلوا وشربوا من طعام أهل الجنة.
الحكاية كانت في أسوان، وكانت شائعة عمل البعض على تغذيتها وإيهام الجميع بأنها حدثت بالفعل، وانتقلت الحكاية من لسان لآخر حتى وصلت الإسكندرية خلال يومين فقط، وكانت القصة بما فيها مجرد قياس لسرعة انتشار الشائعة من جنوب مصر لشمالها.
لكن الآن ومع ظهور مواقع التواصل، أصبح سريان الشائعة كالنار في الهشيم لا تأخذ من الوقت إلا بضع ساعات، وربما بضع دقائق.
المتابعون لكل ما يُثار على مواقع التواصل حزبان، «يا أبيض يا أسود»، كل حزب بما لديه فرحون، هناك من يدافع بتطرف واضح وظاهر، وهناك من يهاجم بنفس التطرف، ولا مجال لإعمال العقل، ولا حتى التفكير بروية وبهدوء، كل يجاهد في سبيل البحث عن أي كلمة ترضى آراءه ومعتقداته، ليبرهن لأصدقائه الافتراضيين صحة تأويله، وسلامة توقعاته.
ويبقى الدور الكارثى الذي تلعبه وسائل الإعلام، إلا ما رحم ربي، من تغذية مشاعر التطرف، وتسطيح العقول، وإلهاء المشاهد والقارئ، في أمور عبثية لا طائل منها ولا فائدة، دون إشراكه في أمور ترفع من شأنه أو من شأن الوطن الذي نعيش فيه.